أحمد قايد صالح كان يُوصَف بأنه أحد المقربين من بوتفليقة (Reuters)
تابعنا

ما المهم: جاءت دعوة رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، بشأن شغور منصب رئيس البلاد أو استقالته، في ظل استمرار الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وظهور أصوات من داخل الحزب الحاكم تدعم المطالب الشعبية.

إضافة إلى ذلك، جاءت تصريحات رئيس الأركان مع تنامي الدعوات في الشارع للخروج في مظاهرات مكثفة يوم الجمعة المقبلة للمطالبة بتنحي بوتفليقة، إلى جانب طرح حركة مجتمع السلم وهي أكبر حزب إسلامي في البلاد، مبادرة تهدف إلى تجاوز الأزمة السياسية، واقتراحها اختيار شخصية توافقية لخلافة الرئيس.

المشهد: دعا قائد أركان الجيش الجزائري، الثلاثاء، إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، التي تتطرق إلى شغور منصب رئيس البلاد أو استقالته.

وقال صالح في كلمة بثّها التلفزيون الحكومي "يجب تبنِّي حل يضمن الخروج من الأزمة، ويضمن احترام الدستور وتوافق الرؤى، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102".

وأضاف أن المادة تنصّ على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريَّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع".

الخلفيات والدوافع: اشتعلت شرارة الاحتجاجات في الجزائر مع إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يحكم البلاد منذ نحو ثلاثة عقود، نيته الترشح لولاية رئاسية خامسة في 10 فبراير/شباط.

ولم تنجح السلطات الجزائرية في احتواء الاحتجاجات التي ظلت رقعتها تتسع على الرغم من تراجع بوتفليقة عن الترشح وتغيير الحكومة وتأجيل الانتخابات الرئاسية، وتعهده بإجراء إصلاحات من شأنها إرساء نظام سياسي جديد يحكم البلاد.

والأسبوع الماضي، خرج آلاف الطلاب وأساتذة الجامعات والعاملين في القطاع الطبي في العاصمة، في مظاهرات لمطالبة بوتفليقة بالتنحي. فيما نُشرت تعزيزات أمنية وقوات حفظ الأمن، في عدد من الشوارع والساحات الرئيسية في العاصمة، كما نشرت تعزيزات أمنية مشددة حول قصر المرادية الرئاسي، وحول المجلس الدستوري.

ومع اتساع رقعة الاحتجاجات، طرحت حركة مجتمع السلم، وهي أكبر حزب إسلامي بالجزائر، مبادرة لتجاوز الأزمة الحالية في البلاد عبر مرحلة انتقالية لا تتجاوز 6 أشهر، يقودها رئيس وحكومة توافقيان حتى تنظيم انتخابات جديدة.

واقترحت الحركة بدء تنفيذ المبادرة مع انتهاء الآجال القانونية للولاية الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 28 أبريل/نيسان القادم، ولفترة تدوم 6 أشهر.

ردود الفعل: أثارت دعوة رئيس أركان الجيش إلى إعلان شغور منصب الرئيس ردود فعل واسعة، والتقت أولى ردود الفعل من المعارضة على اعتبار خطوة قيادة الجيش بداية حل لكنها غير كافية، كون المطالب الشعبية تجاوزت مسألة رحيل الرئيس إلى ضرورة رحيل رموز نظامه وتحقيق انتقال ديمقراطي.

وقالت حركة مجتمع السلم إن إعلان شغور منصب الرئيس، كما دعا رئيس أركان الجيش، غير كاف. وطالب الحزب بأن يسبق تلك الخطوة تشكيل حكومة توافقية وتنصيب لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات.

وأضاف في بيان "الاكتفاء بالمادة 102 لا يتيح تحقيق الإصلاحات بعد الشروع في تطبيقها ولا يسمح بتحقيق الانتقال الديمقراطي والانتخابات الحرة والنزيهة".

في المقابل، نفى عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أن يكون ما دعا إليه الجيش انقلاباً وإنما استجابة لمطالب الشعب.

وقال في مقابلة مع موقع كل شيء عن الجزائر، إن دعوة قائد الجيش قرار دستوري وليس انقلاباً وإنما هو يدخل في صلب الدستور، والإجراءت القانونية ستنفذ بحذافيرها.

وأضاف أن ذلك "يجنب البلاد الدخول في مرحلة فراغ دستوري مع رحيل بوتفليقة" في 28 أبريل/ نيسان القادم.

بين السطور: تعد هذه المرة الأولى التي يطالب فيها قائد أركان الجيش، برحيل بوتفليقة، كحل للأزمة الراهنة منذ اندلاع شرارة المظاهرات، وسط دعوات للجيش بدعم المطالب الشعبية.

وتطورت مواقف قيادة الجيش، الذي يعد أهم ركائز الدولة الجزائرية، بشكل مطرد، من التحذير من انحراف المظاهرات، إلى الإشادة بها، وفي النهاية إعلان واضح بالوقوف إلى جانب الشعب والاستعداد لحمايته، والمطالبة بحل عاجل للوضع القائم.

ويعد هذا القرار تحولاً كبيراً في مواقف الفريق قايد صالح الذي وصل إلى قيادة الأركان عام 2004، وكان يوصف بأنه أحد المقربين من بوتفليقة.

وكان آخر تصريح لصالح قبل دعوته إلى إعلان شغور منصب الرئيس هو قوله إن "الجيش سيعرف كيف يكون في مستوى المسؤولية المطالب بها في كافة الظروف".

وقال صالح إن "الجزائر على أعتاب استحقاق وطني هام، والجميع يعلم أننا قد التزمنا في الجيش الوطني الشعبي، وكافة الأسلاك الأمنية الأخرى كل الالتزام، بأن نوفّر له وللجزائر كل الظروف الآمنة".

المادة 102

أما المادة 102من الدستور الجزائري، فتنص على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريَّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوباً، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع".

وتنص أيضاً على أن "البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معاً، يُعلِن ثبوت المانع لرئيس الجمهوريَّة بأغلبيَّة ثلثي أعضائه، ويكلَّف تولِّي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها 45 يوماً رئيس مجلس الأمَّة الّذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة 104 من الدّستور".

وحسب المادة "في حالة استمرار المانع بعد انقضاء 45 يوماً، يُعلَن الشُّغور بالاستقالة وجوباً حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السّابقتين وطبقاً لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادة".

كذلك تنصّ المادة على أنه "في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً ويُثبِت الشغور النّهائي لرئاسة الجمهورية، وتُبلَّغ فوراً شهادة التّصريح بالشغور النّهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوباً، ويتولّى رئيس مجلس الأمَّة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوماً، تنظّم خلالها انتخابات رئاسيَّة، ولا يَحِقّ لرئيس الدّولة المعيَّن بهذه الطّريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريَّة".

ما التالي: قال موفد TRT عربي إلى الجزائر عيسى بوقانون إن موقف الجيش يعد تطوراً خطيراً ومهماً، بخاصة أن تفعيل المادة 102 من الدستور كان مطلباً لأحزاب المعارضة منذ سنوات.

ورجّحت الخبيرة الدستورية الجزائرية، فتيحة بن عبو، أن يكون بوتفليقة قد استقال بالفعل على خلفية دعوة صالح إلى تطبيق المادة 102، وإعلان شغور منصب الرئيس.

واستبعدت في تصريح لوكالة الأناضول أن يدعو قائد الأركان إلى إقرار حالة الشغور بينما لم يحصل بعد على موافقة من بوتفليقة على الاستقالة.

ورجعت صدور دعوة الشغور من قيادة الجيش لا من جهة أخرى إلى "القبول الشعبي لهذه المؤسسة في أوساط الجزائريين".

وقالت بن عبو "المجلس الدستوري سيجتمع ويدرس استقالة الرئيس بشكل فعلي، ويقر حالة الشغور"، فيما أشارت إلى أن البرلمان سيجتمع بغرفتيه ليتولى رئيس مجلس الأمة منصب رئيس الجزائر بالنيابة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً