مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول (Reuters)
تابعنا

ما المهم: قالت السعودية الإثنين، إن مشروع القانونين اللذين أقرّهما مجلس الشيوخ الأميركي، فيما يخصّ الحرب في اليمن وقضية الصحفي جمال خاشقجي، يُعدّان "تدخّلاً سافراً" في شؤونها الداخلية. وجاء التعليق السعودي بعد أيام من جلسة تصويت الكونغرس، وإثر صمت رسمي استمر أمام الضغوط التركية والدولية عليها.

المشهد: قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) إن بلاده "تستنكر الموقف الذي صدر مؤخراً من مجلس الشيوخ، والذي بني على ادعاءات واتهامات لا أساس لها من الصحة، ويتضمن تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، ويطال دور المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي".

ورفض البيان التعرّض لولي العهد محمد بن سلمان، داعياً لعدم الزج بالسعودية في الجدل السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، منعاً لحدوث تداعيات في العلاقات بين البلدين يكون لها آثار سلبية كبيرة على العلاقة الإستراتيجية المهمة بينهما".

واعتبر البيان أن "هذا الموقف لن يؤثر على دورها القيادي في محيطها الإقليمي وفي العالمين العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي"، وذكّر بأن السعودية "تتمتع بدور قيادي في استقرار الاقتصاد الدولي من خلال الحفاظ على توازن أسواق الطاقة".

وأكّد المسؤول السعودي أن مقتل خاشقجي جريمة مرفوضة، وأن بلاده لن توافق على "أي محاولة للخروج بالقضية عن مسار العدالة في المملكة"، مشدداً على أن الرياض تبذل جهوداً لكي تتوصل الأطراف اليمنية إلى حل سياسي.

الخلفية والدوافع: صوّت الكونغرس الأميركي الخميس، على وقف الدعم العسكري الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وعلى قرار منفصل يحمّل ولي العهد السعودي مسؤولية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول.

وعاد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بعد التصويت، لتأكيد أهمية التحالف الأميركي السعودي بداعي الأمن القومي، فيما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقت سابق، استمرار دعمه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقال "أتمنى بحق ألا يقترح الناس ألا نحصل على مئات المليارات من الدولارات التي سيحولونها (السعوديون) إلى روسيا والصين على الأخص، بدلاً من منحنا إياها".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد، لإجراء "تحقيق ذي مصداقية" في مقتل خاشقجي، ليلتقي مع التوجه التركي نحو إمكانية المطالبة بإجراء تحقيق دولي في القضية.

التصريح السعودي يكشف حجم الضغط الممارس عليها، والمرتبط في جزء منه بالضغط الممارس في الداخل الأميركي ضد ترمب.

ويقول الباحث في المركز العربي في واشنطن جو معكرون لـTRTعربي إن مسألة عدم التدخل في الشأن الداخلي التي شدد عليها بيان الخارجية السعودية "لازمة مكررة في العلاقات الدولية، لا سيما في الدول التي تحصل فيها انتهاكات معينة على أراضيها".

ويضيف معكرون "السعودية ترى مقتل جمال خاشقجي كقضية مواطن سعودي قتل على أراضيها، لكن على الرياض أن تدرك أن تدويل هذه القضية تحصيل حاصل، لأن خاشقجي لديه أوراق إقامة أميركية وقتل على الأراضي التركية".

من جهته، يقول الباحث مروان قبلان لـTRT عربي "طالما أن السلوك السعودي يؤثر في دول أخرى؛ لا يعود هذا شأناً داخلياً، وفي كلتا الحالتين تؤثر السياسة السعودية في دول أخرى. فمقتل خاشقجي وقع على أرض سعودية في تركيا الذي اعتبرته اعتداءً على سيادتها، وفي اليمن تخوض السعودية حرباً على أراضي دولة أخرى".

ما التالي: أفادت وسائل إعلام أميركية باعتزام نانسي بيلوسي، المرشحة لرئاسة مجلس النواب الأميركي الجديد، الاستمرار في طرح موضوع حرب التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن للنقاش خلال الدورة التشريعية القادمة في يناير/كانون الثاني المقبل.

وطالب آدم شيف المرشح لرئاسة لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجديد، بالكشف عن علاقات الرئيس دونالد ترمب المالية مع السعودية. يأتي ذلك في سياق تذهب فيه المرحلة الثانية من تحقيقات مولر في اتجاه التركيز على علاقة حملة ترمب بشخصيات إماراتية وسعودية وإسرائيلية.

من جهة أخرى يرى معكرون في تصريحه لـTRT عربي أن "العلاقات الأميركية-السعودية تمر بأزمة، وعلاقة القيادة السعودية مع ترمب لا تعني أن المؤسسات في واشنطن راضية عن تعامل البيت الأبيض مع تداعيات مقتل خاشقجي". ويضيف "هذا لا يعني أن العلاقات الأميركية-السعودية لن تبقى على المدى الطويل، لكن الكونغرس يحاول ليّ ذراع الرئيس وإجراء تعديلات على السياسة الأميركية حيال الرياض. على السعودية أن تأخذ هذا الحراك التشريعي في واشنطن بجدية، وإلا قد تتضرر العلاقات الثنائية بين البلدين".

ويقول قبلان لـTRT عربي إن "الضرر في العلاقات الأميركية-السعودية حصل وأصبح واقعاً، بغض النظر عن موقف إدارة ترمب؛ هناك اليوم عداء شديد للسعودية في أوساط النخبة الأميركية، والسعودية أصبحت في قلب الصراع بين إدارة ترمب والكونغرس".

وعن تأثير قرار الكونغرس على الرغبة التركية في تدويل التحقيق في مقتل خاشقجي، يقول معكرون إن "القضية دخلت منذ البداية مرحلة التدويل والتسييس، لكن لا يبدو أن هناك اتجاهاً إلى إجراء تحقيق دولي أو إنشاء محكمة دولية". ويضيف أن "استمرار طرح الكونغرس ومجلس النواب لهذه القضية يساعد على استمرار الضغوط في واشنطن على إدارة ترمب، لأن إيجاد مخرج لهذه الأزمة يعتمد على إمكانية تعديل السياسة الأميركية، أكثر مما يعتمد على تحقيق دولي قد يواجه فيتو روسي أو صيني أو أميركي".

فيما يضيف قبلان "ربما يخدم هذا الأمر تركيا إلى حد ما؛ لكن لتركيا أيضاً مشاكلها مع الأميركيين وهي عديدة، تبدأ من سوريا ولا تنتهي عند إيران والعقوبات عليها".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً