المعارضة ترفض خطة المجلس العسكري بإجراء انتخابات خلال تسعة أشهر وتدعو للتصعيد  (AP)
تابعنا

لا يزال السودان يعيش على وقع ما بعد أحداث فضّ اعتصام القيادة العامة. ففي الوقت الذي لا تزال فيه حصيلة القتلى في ارتفاع، فشل مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى بيان مشترك يدين قتل المدنيين.

من جهة أخرى، دعا المجلس العسكري الانتقالي للعودة إلى التفاوض، وقرر إجراء الانتخابات خلال 9 أشهر، وهو الأمر الذي ترفضه المعارضة التي تنوي الاستمرار في العصيان المدني والاحتجاج، خصوصاً بعد تراجع المجلس العسكري عن تعهداته السابقة.

القتلى في ارتفاع

قالت لجنة أطباء السودان المركزية، في وقت مبكّر الأربعاء، إن عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ اقتحمت قوات الأمن ساحة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم يوم الإثنين ارتفع إلى 60 قتيلاً.

وقالت اللجنة في بيان منفصل بعد ذلك، إنه "تم حصر 40 جثة لشهدائنا الكرام انتُشلت من النيل بالأمس"، وأضافت أن الجثث تم نقلها في مركبات إلى جهة غير معلومة.

لجنة أطباء السودان المركزية عــاجـل تم حصر٤٠ جثة لشهدائنا الكرام انتُشلت من النيل بالأمس، تم أخذها بتاتشرات تتبع...

Posted by ‎لجنة اطباء السودان المركزية‎ on Wednesday, 5 June 2019

تباين المواقف الدولية

من جهة أخرى، أخفق مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، في تمرير مشروع بيان أعدته بريطانيا وألمانيا يتضمن إدانة لقتل المدنيين بأيدي قوات الأمن السودانية في العاصمة الخرطوم الإثنين.

وفي تصريحات للصحفيين عقب جلسة مشاورات مغلقة عقدها المجلس واستغرقت أكثر من ساعتين، قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكو، إن "مشروع البيان المقترح غير متوازن وقد يفسد الأمور" على حد قوله، وأضاف أنه "يتعين توخي الحذر الشديد في موقف كهذا".

وقالت مصادر دبلوماسية غربية، إن الوفد الصيني اعترض بشدة خلال جلسة المشاورات على مشروع البيان الذي دعا إلى "نقل متفق عليه للسلطة لحكومة بقيادة مدنية في السودان"، حسب وكالة الأناضول.

وأضافت المصادر أن المندوب الكويتي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن هذا الشهر، طلب خلال الجلسة إدخال تعديلات على مشروع البيان "لتخفيف حدته" على حد قوله.

بدورهم، أصدر ممثلو الدول الأوروبية في مجلس الأمن، عقب انتهاء الجلسة، بياناً مشتركاً أدانوا فيه الهجمات التي شنتها قوات الأمن السودانية على المدنيين، واعتبروها "تهديداً لعملية الانتقال السلمي في السودان".

وحث البيان الذي حمل توقيع سفراء كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسويد وبريطانيا، أجهزة الأمن السودانية على وقف جميع أعمال العنف، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وضمان سلامة وأمن المدنيين.

وأعرب السفراء الثمانية عن قلق بلدانهم "إزاء التقارير التي تفيد بأنه تم منع المدنيين المصابين من الوصول إلى المرافق الطبية"، وأضافوا "ندعو إلى الوقف الفوري للعنف والمساءلة عن الجرائم المرتكبة ونؤكد مسؤولية المجلس العسكري الانتقالي في ضمان سلامة جميع السودانيين".

وتابع البيان "الإعلان الأحادي الجانب بوقف المفاوضات، وتعيين حكومة والدعوة إلى إجراء انتخابات في غضون فترة زمنية قصيرة للغاية، يشكل مصدر قلق كبيراً".

في هذا الصدد، قال محرر الشؤون الإفريقية في شبكة BBC فيرغال كياني، إن "المجلس العسكري يستفيد من الانقسام الدولي"، وأضاف أن "مفهوم المجتمع الدولي الذي يمكنه أن يضغط على النظام ليس إلّا وهماً".

وتابع كياني قائلاً إن "العالم اليوم محكوم بمجموعة من المصالح، تتقاطع أحياناً، لكنها غالباً ما تكون في حالة تنافس"، وأكّد أن "مجلس الأمن ليس مكاناً يمكن أن يخرج منه أي فعل مشترك بخصوص السودان".

العالم اليوم محكوم بمجموعة من المصالح، تتقاطع أحياناً، لكنها غالباً ما تكون في حالة تنافس

فيرغال كياني - محرر الشؤون الإفريقية في شبكة BBC

خطة انتقالية وعرض تفاوض جديد

قال رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، إن المجلس ما زال مستعداً "لتفاوض لا قيد فيه إلا مصلحة الوطن".

يأتي تصريح البرهان بعد يوم واحد من إعلانه أن المجلس ألغى كل الاتفاقات مع تحالف المعارضة، وسيجري بدلاً من ذلك انتخاباتٍ خلال 9 أشهر.

في هذا الصدد، رفضت المعارضة خطة الحكام العسكريين لإجراء انتخابات خلال 9 أشهر، خصوصاً أن الجانبين كانا قد اتفقا على تشكيل برلمان وحكومة للإشراف على الإعداد للانتخابات خلال ثلاثة أعوام.

وقال القيادي في الحرية والتغيير مدني عباس مدني، إن حملة العصيان المدني ستستمر للإطاحة بالمجلس العسكري، وأضاف "ما حدث من قتل المتظاهرين وجرح وإهانة، كان مسألة ممنهجة ومخططة لفرض القمع على الشعب السوداني".

بدوره، قال القيادي في الحرية والتغيير عمر الدقير، إن الطرفين كانا على وشك التوصل لاتفاق نهائي بناء على اقتراح من المجلس العسكري، وأضاف "الهجوم الذي تمّ كان من أهدافه قطع الطريق للوصول لاتفاق بين المجلس والحرية".

وتابع الدقير "لدينا معلومات بوجود جثث في مستشفى المعلم الموجود في محيط الاعتصام، لأن المجلس يمنع وصول الصحفيين لموقع الاعتصام ومستشفى المعلم لإخفاء هذه الجرائم".

وأشار إلى أنه كان من المقرر "أن يكون المجلس السيادي بالمناصفة، والرئاسة دورية، وأن الحرية والتغيير وافقت بأغلبية كبيرة على هذا المقترح المقدم من المجلس".

هناك خطر حقيقي أن يتحول الوضع إلى حرب أهلية شاملة، وهو ما سيؤثر بدرجة كبيرة على المنطقة، ليمتد العنف مؤثراً على الصراع الدائر في ليبيا

مجموعة صوفان البحثية

وحذّرت مجموعة صوفان البحثية، في تقرير تحليلي لها، الثلاثاء، من أن الوضع يمكن أن يشهد تصعيداً سريعاً إلى مزيد من العنف.

وأضافت أن "هناك تشابهات واضحة مع بعض احتجاجات الربيع العربي التي تحولت في نهاية الأمر إلى تمردات شاملة، بما في ذلك سوريا، حيث أدى القصف العشوائي الذي استهدف به الجيش المدنيين في بادئ الأمر، إلى بلورة الحركات الاحتجاجية مما ساعد على بدء انتفاضة أوسع نطاقاً".

وتابعت "هناك خطر حقيقي أن يتحول الوضع إلى حرب أهلية شاملة، وهو ما سيؤثر بدرجة كبيرة على المنطقة، ليمتد العنف مؤثراً على الصراع الدائر في ليبيا".

بدوره، توقّع الأستاذ في الجامعة الأمريكية في القاهرة حامد التجاني علي، أن تنجح الحركة الاحتجاجية في إجبار المجلس العسكري على ترك السلطة، وقال إن هناك رؤيتين متنافستين لمستقبل السودان.

وأضاف "رؤية الكراهية والانقسام تقودها ميليشيات الجنجويد والجيش، اللذان يقاومان للحفاظ على المصالح الاقتصادية التي اكتسباها في عهد البشير، ورؤية الأمل التي تقودها النقابات المهنية والتي تريد الديمقراطية وسوداناً منفتحاً برؤية تنموية قوية".

في ذات الصدد، كتب محرر الشؤون الإفريقية في شبكة BBC فيرغال كياني أن "السودان يُقاد إلى الخلف عن طريق مؤامرة النخبة العسكرية، التي على رأس أولوياتها أن تضمن استمرار سلطتها ومصالحها".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً