دبابة تابعة لفصائل سورية معارضة خلال سحبها يوم الإثنين في إدلب (AA)
تابعنا

استكملت فصائل المعارضة السورية يوم الاثنين سحب كافة أسلحتها الثقيلة من خطوط الجبهة المتماسة مع قوات النظام، بحسب ما أكدته مصادر في المعارضة السورية لوكالة الأناضول للأنباء.

فقد عملت هذه الفصائل طوال الأيام الماضية على سحب الأسلحة الثقيلة كالمدافع ومنصات إطلاق صواريخ غراد، وقذائف الهاون وقذائف صاروخية متوسطة المدى، وبالمقابل أرسلت تركيا أسلحة متنوعة وسيارات مدرعة إلى المنطقة منزوعة السلاح في إدلب من أجل الاستعداد لإجراء دوريات بالتنسيق مع القوات الروسية، بموجب اتفاق سوتشي بين البلدين، في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي.

تحاول تركيا بهذه الخطوة الحيلولة دون تنفيذ النظام السوري وداعميه هجوماً عسكرياً على إدلب؛ آخر معاقل المعارضة، حيث يقيم نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات الآلاف من النازحين.

وينص الاتفاق التركي - الروسي على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كم على خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة عند أطراف إدلب وأجزاء من ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي، وذلك بحلول 15 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

سياق سائل

في ظل الوضع الميداني الذي تحاول تركيا دفعه قدماً باتجاه تنفيذ بنود الاتفاق، يتربص نظام الأسد وداعميه بالمدينة بعدما أعلن الرئيس السوري بشار الأسد خلال اجتماع مع اللجنة المركزية لحزب البعث أن الاتفاق بشأن إدلب "إجراء مؤقت".

ويرى الدكتور علي باكير الباحث والمحلل السياسي في تصريحات لـ TRT عربي، أن الجانب التركي قام بما عليه في اتجاه تنفيذ بنود الاتفاق، لكن في ذات الوقت التحديات لم تنته بعد، ولا تزال هناك إمكانية للخروقات تجعل من المبكر جداً الحكم نهائياً بنجاح الاتفاق.

وعلى الصعيد السياسي فوجئ الجميع بتراجع موسكو تدريجياً عن تفاهمات أجرتها في السابق مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس متعلقة بمتابعة "مؤتمر الحوار الوطني السوري" في سوتشي بداية العام الجاري وطريقة تشكيل "اللجنة الدستورية".

تلك التفاهمات الدولية مع روسيا التي نصت على تشكيل لجنة دستورية من حكومة النظام ووفد واسع من المعارضة السورية لصوغ إصلاحات دستورية كمساهمة في العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، انسجاماً مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254، إلا أن روسيا مؤخراً تراجعت عن ذلك.

الجانب التركي قام بما عليه في اتجاه تنفيذ بنود الاتفاق، لكن في ذات الوقت التحديات لم تنته بعد

الدكتور علي باكير - الباحث والمحلل السياسي

وسبق لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، تأكيده الخميس الماضي "أن بعض الدول تحاول قلب التوازن في تشكيل اللجنة الدستورية لصالح النظام (نظام الأسد)، لكن الأمور لا تسير هكذا".

ويعزو الباحث علي باكير قوة الموقف التركي في سوريا إلى الجانب السياسي أكثر منه العسكري، لأن موسكو بحاجة ماسة إلى تركيا في المسار السياسي الذي تريد به إنهاء تدخلها العسكري، لذلك هي بحاجة إلى أنقرة بجانب القوة الصلبة، وأي تغيير في هذه المعادلة سوف يعيد حسابات ميزان القوى، على حد قوله.

وتخشى تركيا في هذه الأجواء السائلة المتربصة بإدلب أيضاً من جانب النظام وداعميه العسكريين، أن ينهار اتفاق سوتشي تحت أي ذريعة ما، في ظل تحدٍ أمام أنقرة لإقناع فصائل بعينها بنزع سلاحها من بينها الجبهة الوطنية للتحرير في إدلب، التي أعلنت التزامها بالتعاون مع تركيا لإنجاح اتفاق سوتشي، لكنها أكدت في نفس الوقت أنها لن تتخلى عن سلاحها وأرضها وستبقى حذرة ومتيقظة لأي انقلاب روسي.

سؤال "تحرير الشام"

أما على صعيد هيئة تحرير الشام "النصرة سابقاً" المتواجدة في إدلب والتي تصنف إرهابية، لم يكن موقفها واضحاً  في البداية من الاتفاق، وجميع المؤشرات كانت تشير لرفضها الأمر خاصة أن "وكالة إباء" التابعة للهيئة وفي معرض تغطيتها للاتفاق شككت في الاتفاق ونواياه، وقد كان هذا التحدي هو الأبرز أمام أنقرة قبل حلول مهلة اتفاق سوتشي.

الفصائل لا تثق في روسيا، وإنما تثق في الجانب التركي، وهم على أتم استعداد للتحول من موقف الدفاع الحالي إلى موقف الهجوم

العقيد زياد حاج العبيد القائد العسكري في عملية غصن الزيتون

لكن المفاجأة هنا أن تركيا نجحت في الضغط على هيئة تحرير الشام للانسحاب بأسلحتها الثقيلة من نقاط التماس مع جيش النظام السوري، وفق ما جاء في تصريحات العقيد زياد حاج العبيد القائد العسكري في عملية غصن الزيتون لـ TRTعربي، حيث أكد انسحاب مجموعات الجبهة منذ يومين بالفعل إلى نقاط داخلية قبل الفصائل الأخرى.  

وفي سياق آخر يؤكد العقيد زياد على أن الفصائل لا تثق في روسيا، وإنما تثق في الجانب التركي، وهم على أتم استعداد للتحول من موقف الدفاع الحالي إلى موقف الهجوم في حال انهار الاتفاق وتحركت أي قوات للنظام أو روسيا باتجاه إدلب.

TRT عربي
الأكثر تداولاً