الشيخ سلمان العودة فقد نصف بصره ونصف سمعه في السجون السعودية (AA)
تابعنا

تزداد أوضاع معتقلي الرأي في المملكة العربية السعودية سوءاً يوماً بعد يوم، وتتفاقم معاناتهم في ظل استمرار سجنهم لمجرد التعبير عن آراء تخالف النظام الحاكم، وبالأخص ولي العهد محمد بن سلمان، فيما تتكشف من آن إلى آن تفاصيل أكثر حول الظروف التي يعيشونها في السجون وألوان العقاب.

وبعد أقل من شهر على إصدار المحامية الدولية هيلينا كينيدي تقريراً يكشف الانتهاكات التي تعرضت لها الناشطات الحقوقيات في السعودية، المعتقلات منذ 2018، أعلنت عائلة الشيخ سلمان العودة أنه فقد نصف سمعه، ونصف بصره داخل أقبية السجون.

الإعلان عن إصابة الشيخ العودة الذي يحظى بدعم وتأييد الملايين من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي والإسلامي جاء على لسان ابنه، المُعارض عبد الله العودة، الذي أكد أن والده وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اعتقاله، جرى إبلاغه من قبل طبيب السجن بأنه فقد نصف سمعه ونصف بصره.

وقال عبد الله: "الدعاء لتأليف القلوب، والدعاء لمصلحة الشعوب، كلّف هذا الإنسان حريته، عرّضه للأذى والتعذيب والضغط والحرمان من العلاج".

وفي وقت سابق، كان عبد الله قد كشف تعرض والده للتعذيب في السجون السعودية، فيما أشار إلى أنّه يحاكَم بتهم "إرهاب" مُلفقة، وتهمة أخرى لا سابق لها وهي "التقصير بالدعاء لولي الأمر"، ومن جملة ما كشفه عبد الله أن والده يُعرض على المحققين لساعات طويلة وقد يمكث أياماً دون أن يغمض له جفن، فيما يجري تقييد يديه وقدميه وعصب عينيه حتى وهو داخل زنزانة العزل الانفرادي.

وقال العودة في مقابلة نشرتها BBC البريطانية إن والده يضطر إلى فتح أكياس الطعام التي تُرمى له في الزنزانة بفمه بسبب الأصفاد، مشيراً إلى أنه تعرض لجروح كثيرة بسبب ذلك.

وشكل إعلان عبد الله عن فقدان والده نصف سمعه ونصف بصره صدمة لجمهور المتابعين الذين أطلقوا وسوماً تضامنية مع الشيخ الذي كان مقرباً من الملايين عبر وسائل التواصل قبل سجنه، وأعاد هذا الإعلان إلى الواجهة من جديد ما يتعرض له سجناء الرأي في المملكة العربية السعودية من انتهاكات كُشف بعضها عبر عائلات المعتقلين وآخر عن طريق منظمات وهيئات حقوقية دولية.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الأممية كشفت بعضاً من مشاهد العذاب التي تسوم بها السطات السعودية معتقلين ومعتقلات لديها، ومن ضمن ذلك الصعق بالصدمات الكهربائية، الجلد على الفخذين، والعناق والتقبيل القسريين للفتيات.

حملة تضامن

وأطلق نشطاء حملة تضامن واسعة مع الشيخ سلمان العودة بعد تسرب الأنباء عن تعرضه للإصابة، ونشروا تغريدات عبر وسم "#العودة_يفقد_نصف_بصره".

وقال حساب "معتقلي الرأي" على تويتر الذي ينشر في سبيل الدفاع عن المعتقلين في السعودية ومتابعة أوضاعهم "إن الشيخ العودة يفقد نصف بصره ونصف سمعه بسبب اعتقاله التعسفي على خلفية تغريدة، وفوق هذا تسعى السلطات إلى إصدار حكم قاس ضده في جلسات محاكمة سرية وغير قانونية".

فيما نشر حساب "وطنيون معتقلون" تغريدة جاء فيها "د. سلمان العودة، ملك القلوب وصوت الاعتدال، وأحد أكثر الدعاة الذين لهم حضور وتأثير في وسائل التواصل الاجتماعي يقبع اليوم رهن الإهمال الصحي الذي أثر على سمعه وبصره"

من جهته، قال أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد بجامعة إسطنبول عبد الله معروف في تغريدة "معيب أن يعامل العلماء العاملون الحكماء الكرام بهذه الطريقة البشعة"، مضيفاً أخرى: "أطلقوا سراح الرجل الصالح سلمان العودة وكفى من هذا الظلم".

بدورها، دعت الناشطة السعودية المعارضة علياء أبو تايه الحويطي إلى إطلاق سراح الشيخ العودة فوراً، مضيفة في تغريدة "أطلقوا سراح الدكتور سلمان العودة، ما هذا الإجرام؟ الشيخ محبوه ومؤيدوه بالملايين هم عيونه، وسمعه، وعلمه قدوة لن تلغوه بتعذيبكم وإرهابكم، بن سلمان أنت ونظامك مسؤول عن الإرهاب والقتل الذي يمارس على أهل الحرمين وستحاسب قريباً، لن ينجيك أحد".

العودة والأزمة الخليجية

"ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم ألف بين قلوبهم لمافيه خير شعوبهم"، كانت هذه آخر تغريدة نشرها الشيخ العودة على حسابه بموقع تويتر قبل نحو ثلاث سنوات، وجاءت رداً على أنباء تشير إلى قرب حل ما يُعرف بـ"الأزمة الخليجية" في حينه.

وداهمت قوات الأمن السعودية منزل الشيخ سلمان بعد نشره هذه التغريدة، وجاء اعتقاله في ظل حملة واسعة لاعتقال عدد كبير من العلماء والنشطاء الذين لا يشاطرون ولي عهد السعودية الرأي، والذين عارضوا الحصار المفروض على قطر، ما جعل من الربط بين التغريدة والاعتقال أمراً واقعاً.

وجاء الإعلان عن فقدان الشيخ العودة نصف بصره ونصف سمعه، في ظل حديث متزايد عن قرب حل الأزمة الخليجية من جديد، إذ ذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية، الخميس، أن السعودية وقطر تقتربان من التوصل لاتفاق أوّلي لإنهاء الخلاف المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، بضغط من إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب.

ونقلت "بلومبرج" عن مصدر (لم تسمه)، أن "التوصل إلى اتفاق أوسع لإعادة ترتيب الأوضاع لا يزال بعيد المنال بسبب استمرار وجود قضايا عالقة، مثل علاقة الدوحة مع طهران". وذكرت أن "الاختراق المحتمل يأتي بعد شهور من الجهود الدبلوماسية المكثفة بوساطة الكويت، والتي أسفرت عن إرسال الولايات المتحدة وفداً برئاسة جاريد كوشنر مستشار ترمب وصهره للقيام بزيارة للخليج".

والإعلان عن إصابة العودة في ظل الحديث عن اختراق في الأزمة الخليجية، دعا عدداً من النشطاء إلى المطالبة بإطلاق سراح الشيخ العودة الذي اعتقل بسبب رأي أبداه حول هذه الأزمة.

وقالت المذيعة في قناة الجزيرة غادة عويس في تغريدة أعادت فيها نشر تغريدة العودة: "وفي حال ربنا ألف قلوبهم بإذنه تعالى وتمت المصالحة إن شاء الله كما نتمنّى هل ستفرج السلطات السعودية عن سلمان العودة؟".

وكتب حساب "معتقلي الرأي" في تغريدة: "طالما باتت الأزمة الخليجية على أعتاب الحل، لماذا تواصل السلطات اعتقال كل من دعا إلى حلّها في بداياتها، وفي مقدمتهم الشيخ سلمان العودة؟!".

من جانبه، دعا الصحفي العراقي سيف الهيتي إلى إطلاق سراح الشيخ العودة في ظل الحديث عن حل الأزمة الخليجية.

وقال في تغريدة: "صار لزاماً فك أسره هو ومن معه من المشايخ الأفاضل ومعتقلي الرأي الذين تسببت الأزمة الخليجية في وضعهم خلف القضبان، بعد حلحلة الأزمة واتجاهها نحو الحل، وتعويضهم عما لاقوه من قهر وحرمان، فهم دعاة سلام وما يحدث اليوم كانت دعوتهم إليه من أول يوم، سيما وأن الشيخ العودة يفقد نصف بصره الآن".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً