(AP)
تابعنا

ألقت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بظلالها على الاقتصاد السعودي وأجواء الاستثمار في البلاد، حيث هبط مؤشر بورصة السعودية وأصبح مستقبل أهم مؤتمر استثماري بها غير واضح بعد أن انسحب منه عدد كبير من المشاركين الدوليين.

قضية خاشقجي والتأثير على المستثمرين

قالت وكالة بولمبيرغ  الأميركية إن الأزمة التي أثارها مقتل خاشقجي بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، أضرت ولا تزال بخطط السعودية لجذب وإبقاء المستثمرين الدوليين في سوق الأوراق المالية. وهبط المؤشر الرئيس للبورصة السعودية بنسبة 2.4 في المئة في تعاملات منتصف الإثنين، فيما هبط ذات المؤشر في تعاملات الأحد الماضي بأكثر من 7 في المئة.

وبعد أكثر من أسبوعين من اختفاء خاشقجي، أعلنت الرياض مقتله قائلة إنه توفي  إثر شجار مع مسؤولين داخل القنصلية، وإنها أوقفت 18 شخصاً كلهم سعوديون، فيما تستمر التحقيقات التركية بشأن القضية.

وتراهن السعودية على مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" أو "دافوس الصحراء"، الذي من المقرر أن تنطلق فعالياته يوم الثلاثاء 23 أكتوبر/ تشرين الأول في العاصمة الرياض، لاستقطاب استثمارات وتوفير تمويلات ضخمة لخطط التحول الاقتصادي السعودية ضمن رؤية 2030، ومشروع مدينة "نيوم" الاقتصادية.

وواجه المؤتمر انسحابات بالجملة منه عقب إعلان السعودية مقتل خاشقجي لتقييم الظروف بشكل كامل فيما يتعلق بقضيته. وتضم قائمة المنسحبين أسماء شخصيات ومؤسسات منهم  وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، ورئيس البنك الدولي، جيم يونج كيم، وبنك "جي بيمورغان"، وشركة "فورد"، ومجموعة "فيرجين" للابتكارات والاستثمار"، وشركة "إيرباص" الأوروبية لصناعة الطائرات، ومجموعة"ميتسوبيشي يو إف جي"، أكبر مجموعة مالية في اليابان، و"ديان غريين" الرئيس التنفيذي لـ"غوغلكلاود"،.

كما انسحب فريدريك أوديا، الرئيس التنفيذي لبنك "سوسيتيه جنرال" الفرنسي، ورئيس مجلس إدارة بنك "بي.إن.بي باريبا" الفرنسي، جان لومير، والرؤساء التنفيذيين لـ3 بنوك عالمية، هي"HSBC" و"كريديت سويس"و"ستاندرد تشارترد".

ويُرجع الخبير الاقتصادي، أحمد مصبح في حديث لـ"TRTعربي"، أسباب هذه الانسحاب إلى أن "قضية خاشقجي مسّت بالثقة في السياسات السعودية وبمناخ الاستثمار فيها، كما تعطي شعور عدم الأمان تجاه خطط المملكة الاقتصادية والإصلاحية".

ويشرح مصبح أن "الأرضية الخصبة للاستثمار تعتمد بالأساس على الاستقرار السياسي وعملية التسهيلات لتشجيع المستثمرين، والتي يكون عمادها الانطلاق من وضع استقرار، لكن المؤشرات السياسية القادمة من السعودية سواء تعلق الأمر بقضية خاشقجي أو بالجبهات التي تدخلها السعودية وعلى رأسها الحرب في اليمن".

ويعاني اليمن منذ أربع سنوات من حرب بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية، وجماعة الحوثي.

مستقبل المؤتمر

ويقول المحلل السياسي السعودي سعد فقيه  لـ"TRT عربي"، إن "مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار صار فارغاً من محتواه للدرجة التي اختارت معها السعودية أن تنقذ فكرته بدل أن تلغيه فحولته إلى مؤتمر إقليمي ومحلي".

وتعاني السعودية من فجوة مالية، دفعتها سابقا إلى تجميع قرض بقيمة 11 مليار دولار، وهي الأزمة التي قد تتعمق مع انسحاب الرئيس التنفيذي لبورصة لندن، ديفيد شويمير، من مؤتمر المبادرة السعودي بعد مغازلة طويلة من بورصته للرياض للحصول على  اكتتاب شركة أرامكو النفطية العملاقة، والمتوقع بداية العام 2021 في صفقة تبلغ نحو 2 تريليون دولار.

"قضية خاشقجي مسّت بالثقة في السياسات السعودية وبمناخ الاستثمار فيها، كما تعطي شعور عدم الأمان تجاه خطط المملكة الاقتصادية والإصلاحية".

الخبير الاقتصادي، أحمد مصبح

ويزيد الضغوط الاقتصادية على السعودية تلميح عدد من المشرعين الأميركيين إلى فرض عقوبات على السعودية إثر قضية خشقجي، وهو ما ردت عليه الرياض بالقول إنها ستتخذ في حال ذلك "إجراء أكبر"، نفى  وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أن يكون "حظراً نفطياً" على غرار الحظر الذي فرضته السعودية سنة 1973.

مقاطعة تسليح السعودية

أعلنت الحكومة الألمانية، أنها لن توافق على تصدير السلاح إلى السعودية "حتى استكمال التحقيقات، ومعرفة ما الذي جرى في حادثة مقتل الصحفي السعودي" حسب بيان صادر عنها.

وسبق ووافقت الحكومة الألمانية منذ بداية 2018، على صادرات أسلحة تتجاوز قيمتها 400 مليون يورو (462 مليون دولار) للسعودية، مما يجعلها ثاني أكبر مشتر للأسلحة الألمانية بعد الجزائر، لكنما ترى ألمانيا أنه سيكون "ذا تأثير أكبر" حسب وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، هو تبني دول الاتحاد الأوروبي لموقف "موحد" بشأن وقف بيع السلاح إلى السعودية، كما طالبها بذلك.

ما سيكون ذا تأثير أكبر هو تبني دول الاتحاد الأوروبي لموقف موحد بشأن تصدير السلاح للسعودية

وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير

وقد تذهب كندا في ذات الاتجاه، إذ أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، في مقابلة تلفزيونية، بثّت مساء الأحد، عدم استبعاد بلاده لإلغاء صفقة أسلحة ضخمة للرياض، بقيمة 9,9 مليار يورو، بعدمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وقال ترودو، إنّ بلاده تعتزم "الدفاع دوماً عن حقوق الإنسان، بما في ذلك مع السعودية"، وهي التي سبق وأن دخلت في أزمة دبلوماسية مع الرياض لأجل مناداتها باحترام حقوق الإنسان في المملكة على خلفية خوض سلطاتها لحملة اعتقالات في صفوف حقوقيين.

وقال الخبير الاقتصادي، أحمد مصبح، إن "الشركات العالمية تهمها سمعتها كما يهمها عقد الصفقات".
TRT عربي
الأكثر تداولاً