قرار ترمب بخصوص الجولان أثار موجة واسعة من الإدانات الدولية والعربية (AFP)
تابعنا

ما لبث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن أعلن قبل أيام نيته الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية الكاملة على الجولان المحتل، الذي مثّل استهانة بمواد القانون الدولي والقرارات الأممية، حتى توالت ردود الفعل الدولية والعربية المنددة بالقرار.

ترمب نفّذ ما صرّح به بتوقيعه، الإثنين، مرسوماً يقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً بسيادة إسرائيل على الجولان، منتزعاً منها صفة الأراضي الواقعة تحت احتلال، بما لذلك من تبعات قانونية، إلا أن ترمب هذه المرة غرّد وحيداً، مع توالي البيانات والتصريحات الصادرة عن معظم الأطراف والمؤسسات الدولية التي تُدين القرار وترفضه شكلاً وموضوعاً.

قرار ترمب بخصوص الجولان يعزز عزلة الولايات المتحدة الدولية في ظل قيادته

جو معكرون - باحث في المركز العربي في واشنطن

إجماع شرق أوسطي على إدانة قرار ترمب

أصدرت تركيا وإيران ومعظم الدول العربية تصريحات وبيانات تدين وتستنكر قرار ترمب، معتبرة إياه انتهاكاً صريحاً لقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد أن كل الأراضي التي استولت عليها إسرائيل إبان حرب 1967 هي أراضٍ واقعة تحت احتلال وتنطبق عليها مواد القانون الدولي ذات الصلة.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن ترمب أراد "تقديم مرتفعات الجولان إلى نتنياهو على طبق من ذهب كهدية في الانتخابات"، في إشارة إلى الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في إسرائيل بعد أقل من أسبوعين.

في السياق نفسه، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قرار ترمب الذي وصفه بأنه "باطل شكلاً وموضوعاً ويخصم من مكانة الولايات المتحدة على الصعيدين الإقليمي والدولي".

وأصدرت إيران تصريحات مماثلة؛ إذ نقلت وكالتها الرسمية للأنباء عن الرئيس حسن روحاني قوله "لا يمكن لأحد أن يتخيل أن يأتي شخص من الولايات المتحدة ويمنح أرضاً تابعة لأمة إلى بلد آخر محتل في تحدٍ للقوانين والأعراف الدولية".

ويرى الباحث في المركز العربي في واشنطن جو معكرون أن "ردود الفعل العربية لم تكن بالقوة نفسها، كما كانت تجاه قرار ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها".

ويضيف معكرون لـTRT عربي أن هذا يمكن رجعه إلى "مركزية القدس كقضية في العالم العربي وواقع الاقتتال والصراعات السورية".

ترمب يريد تحويل الحزب الجمهوري إلى الحزب الأقرب لإسرائيل في الولايات المتحدة لأسباب داخلية تتعلق بإرضاء قاعدته الإنجيلية قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2020

جو معكرون - باحث في المركز العربي في واشنطن

دول العالم والمنظمات الدولية والحقوقية ترفض قرار ترمب

قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن قرار الرئيس الأمريكي، بشأن الاعتراف بـ"سيادة" إسرائيل المزعومة على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، بمثابة "خطوة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط"، كما أعلن الكريملن أن الرئيس فلاديمير بوتين سيناقش القضية، الثلاثاء، مع الرئيس اللبناني ميشال عون الذي بدوره أدان القرار بشدة.

وبالإضافة إلى عديد من دول أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، أعلن كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة رفضه قرار الرئيس الأمريكي وعدم تغير موقفه الذي يتعامل مع الجولان بصفتها أراضي واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

هيومن رايتس ووتش من جانبها أدانت بشدة قرار ترمب، وقالت إنّ إنكار إدارته احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية يعد "انتهاكاً للقوانين الدولية"، وأضافت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أن قرار إدارة ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان " يُظهر عدم احترامها للحماية الواجبة للسكان السوريين بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

واستنكرت المنظمة الحقوقية الكبيرة تبرير إدارة ترمب قرارها بالانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق مواطنيه، معتبرة إياه "عذراً أقبح من ذنب".

دلالات قرار ترمب داخلياً وخارجياً

رجع جو معكرون الإدانة الدولية الواسعة التي لاقاها قرار ترمب بخصوص الجولان، إذا ما قورنت بالمواقف المتباينة من قراره السابق بنقل سفارة بلاده إلى القدس، إلى أن "المجتمع الدولي قد تكون لديه حسابات مختلفة في ما يتعلق بالقدس لأهميتها لإسرائيل".

وأضاف الباحث السياسي في حديث لـTRT عربي أن "المجتمع الدولي انتقد ما اعتبره الأحادية التي تصرفت بها الولايات المتحدة في اتخاذ القرارين"، مشيراً إلى أنه "وفقاً للقانون الدولي، فإن القدس الشرقية لا تزال عاصمة فلسطين والجولان جزءاً من التراب السوري".

واعتبر معكرون أن "قرار ترمب بخصوص الجولان يعزز العزلة الدولية للولايات المتحدة في ظل قيادته".

وفي ما يتعلق بالرأي العام الأمريكي الداخلي، قال معكرون إن الرأي العام "كان منقسماً بين ديمقراطيين وجمهوريين حول القدس بحسب الاستطلاعات"، مضيفاً أن "الأمر سيكون مشابهاً لذلك في ما يخص الجولان".

وتابع "ترمب يريد تحويل الحزب الجمهوري إلى الحزب الأقرب لإسرائيل في الولايات المتحدة، لأسباب داخلية تتعلق بإرضاء قاعدته الإنجيلية قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2020".

ولفت معكرون إلى أنه "على الرغم من أن قرار ترمب من الناحية القانونية أو السيطرة الفعلية لإسرائيل على الجولان لا قيمة كبيرة له، فإن القرار يفتح الأبواب على الكثير من الاحتمالات والتساؤلات التي تتعلق بردة فعل إيران وإمكانية تعزيز وجودها في الجنوب السوري، كما أن الخطوة قد تضعف الجبهة العربية-الأمريكية ضد إيران نظراً إلى أن الرأي العام العربي قد يصعّب على بعض القادة العرب إعلان دعمهم العلني لسياسات ترمب".

TRT عربي
الأكثر تداولاً