تكثّفت الغارات الإسرائيلية على مقاتلي حزب الله ومعاقله في الداخل السوري جنباً إلى جنب مع الأهداف الإيرانية (AP)
تابعنا

منذ انفجار مرفأ بيروت الذي خلط أوراق السياسة في لبنان وأسقط حكومة حسّان دياب، ومن قبله الأزمة الاقتصادية الحادّة والاحتجاجات التي أسقطت حكومة سعد الحريري، وبينهما فيروس كورونا الذي عمّق الوضع في البلاد، يعيش حزب الله وضعاً استثنائياً أعاد الحديث عن دوره داخلياً بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه في حرب سوريا منذ انطلاق ثورتها عام 2011.

وفي الوقت الذي بدت فيه الحرب السورية في أكثر مراحلها مراحلها هدوءاً منذ عام 2012، تكثّفت في المقابل الغارات الإسرائيلية على مقاتلي حزب الله ومعاقله في الداخل السوري، جنباً إلى جنب مع الأهداف الإيرانية وكل حلفائها من الجماعات المسلحة، كان آخرها يوم الاثنين الماضي، إذ استهدفت طائرات إسرائيلية مستودعات ذخيرة وآليات لحلفاء إيران قرب مدينة البوكمال شرقي البلاد.

حزب مأزوم داخلياً

يبدو الوضع في لبنان محاصراً بعدد من الأزمات المتلاحقة التي دفعت بالبلاد إلى حافة الإفلاس والفشل السياسي، فالمشاكل الاقتصادية التي احتدّت بفعل جائحة فيروس كورونا، والاحتجاجات التي عمّت الشوارع مطالبة بتغيير النظام السياسي، كلها عوامل تشير إلى أن لبنان وصل إلى مرحلة الدولة غير الفاعلة.

هذا الوضع كله كان سابقاً لانفجار مرفأ بيروت مطلع الشهر الماضي، والذي هدّم جزءاً كبيراً من العاصمة وأودى بحياة قرابة 200 شخص، وترك المواطنين والدولة تعدّ خسائر تقارب مليارات الدولارات.

هذه الأزمات جميعها وضعت التيارات السياسية في البلاد في وضع لا تحسد عليه، خصوصاً تلك المشاركة في الحكم، وحزب الله ليس بعيداً عن ذلك، إذ يتمتع بأغلبية في البرلمان في حين يتولى حليفه "حركة أمل" مناصب وزارية في حكومة حسان دياب المستقيلة.

مع ذلك، ورغم وضعه المأزوم داخلياً، يبقى حزب الله قوة سياسية لا يمكن الاستهانة بها، لكونه يملك حلفاء داخل كل حكومة، ولا يمكن لأي حكومة أن تتشكل في البلاد دون موافقته عليها، كما أن الحزب يملك ما يشبه حق الفيتو على القرارات الحكومية المفصلية، خصوصاً تلك التي قد تؤثر على الحزب بشكل مباشر.

في الأثناء، يواجه الحزب ضغطاً دولياً كبيراً، فعلى الرغم من أن فرنسا التي نصبت نفسها وصية على المشهد السياسي اللبناني، والتي تضغط من أجل تشكيل حكومة توافقية تنهض بالبلاد في مرحلة ما بعد الانفجار، تعتبر حزب الله جزءاً من المشهد السياسي في لبنان لا يمكن القفز عليه وتهميشه، إلا أن الولايات المتحدة ومن ورائها حلفاء غربيون لا يزالون يرون في حزب الله وسلاحه وتحالفه مع إيران خطراً.

في هذا الصدد، حذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو فرنسا، الثلاثاء، من أن جهودها لحل الأزمة في لبنان قد تضيع سدى إذا لم يجرِ التعامل على الفور مع مسألة تسلح حزب الله المدعوم من إيران.

وقال بومبيو لـإذاعة فرانس إنتر: "الولايات المتحدة اضطلعت بمسؤوليتها، وسنمنع إيران من شراء دبابات صينية ونظم دفاع جوي روسية ثم بيع السلاح لحزب الله ونسف جهود الرئيس ماكرون في لبنان"، وأضاف: "لا يمكن أن ندع إيران تحصل على المزيد من المال والنفوذ والسلاح وفي الوقت نفسه تحاول فصل حزب الله عن الكوارث التي تسبب فيها في لبنان".

هل يغادر حزب الله سوريا؟

"سيواجه حزب الله ضغطاً يتعاظم من الشعب اللبناني كي يوقف الحزب الإضرار بدولتهم لأهداف غير لبنانية. لأهداف إيرانية بالأساس"، هكذا كتب، قبل أيام، إرَن ليرمان نائب المدير السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في تقرير نشره معهد القدس للاستراتيجية والأمن.

داخلياً، بات كثير من حلفاء الحزب يضغطون أيضاً لانسحابه من سوريا، إذ قال أحد أهم حلفاء الحزب داخلياً، جبران باسيل، عن التيار الوطني الحرّ، إن الحزب بدأ فعلاً في التفكير في سحب قواته من سوريا، حسب ما صرح به فيمؤتمر صحفي الأحد.

في المقابل، لا يبدو أن الحزب قد اتخذ قراره في هذا الشأن، على الأقل على المستوى الرسمي، إذ إن مصادر من الحزب أوضحت بشكل قاطع أن حزب الله لن يسحب قواته من سوريا بشكل كامل، وقالت "خلال العامين الماضيين، تغيّر دور الحزب في سوريا كثيراً مع تراجع عمليات القتال. أما بالنسبة للانسحاب، فهو مرتبط بانسحاب كل المقاتلين الأجانب من البلاد، وهو أمر لن يحدث قبل سنتين من الآن".

تصريح مصادر الحزب تقول بشكل غير مباشر إن الحزب قلّص من عدد قواته داخل سوريا، إذ قال خبير في شؤون الحزب لـTRT World إن الحزب قلّص عدد قواته في سوريا إلى النصف، وهو ما يعزوه البعض إلى تكثّف الغارات الإسرائيلية على مقاتلي الحزب وقواعده هناك، على الرغم من النفي المتكرر من جانب الحزب.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً