السيناتور الجمهوري بوب كوركر  (AA)
تابعنا

ما المهم: من المرتقب أن يصوّت مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء، على مشروع قرار يُحمّل وليَّ العهد السعودي محمد بن سلمان، مسؤولية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس بوب كوركر، يضغط طيلة الأسبوع الماضي لتقديم هذا القرار.

ويأتي ضغطُ كوركر المنتمي للحزب الجمهوري في سياق محاولة عدد من أعضاء الحزب النأي بأنفسهم وبحزبهم عن سياسات ترمب الداخلية والخارجية، حسب وسائل إعلام أميركية.

المشهد: يحاول عدد من الأسماء البارزة في الحزب الجمهوري، التعبير عن عدم رضاها فيما يخص محاولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإدارته التغطية على ولي العهد السعودي. في هذا الصدد قال بوب كوركر إن مشروع القرار "يُحمّل ولي العهد، المسؤولية عن القتل... هذا بيان قوي من الجمهوريين". يأتي ذلك بعدما قاوم الرئيس الأميركي دعوات كوركر بدعوى أن الأدلة ليست كافية.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن مشروع القرار غير مُلزم، ولا يتعدّى كونه "توبيخاً للرئيس ترمب" الذي رفض إلقاء اللوم على محمد بن سلمان، رغم استنتاجات الاستخبارات الأميركية التي أكّدت مسؤوليته عن عملية الاغتيال. كل ذلك أثار غضب كثيرين في الكونغرس، حتى بين حلفاء الرئيس، متهمين إياه بتفضيل مبيعات الأسلحة ومعاملات أخرى "عوضاً عن الانسجام مع مقتضيات القيم الأميركية" حسب تعبير الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن مشروع القرار يدعو أيضاً إلى وقف "سياسات سعودية عدوانية"، كالحملة العسكرية في اليمن، وحصار قطر، واعتقال نشطاء حقوق الإنسان.

يأتي مشروع القرار بعد مقترح مماثل تقدم به أعضاء كبار في المجلس، من بينهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والسيناتور الديمقراطي دايان فاينشتاين.

ويزداد الضغط على الرئيس الأميركي، بعد نشر المدعي العام الفدرالي في نيويورك، الثلاثاء، وثائق وجّه فيها أصابع الاتهام بشكل مباشر للمرة الأولى إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قضية دفع مبالغ لشراء الصمت إبان حملته الانتخابية.

الخلفية والدوافع: كانت مديرة وكالة الاستخبارات الأميركيّة CIA جينا هاسبل، أطلعت عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ على استنتاجات الاستخبارات في اجتماع معهم، فيما خرج عدد من الأعضاء الجمهوريين من الاجتماع على قناعة بأن محمد بن سلمان وراء الجريمة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي أن الاتصالات بين جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان مستمرة منذ أكثر من عامين حتى بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي. فيما أفادت تقارير إعلامية بأن كوشنر طلب من بن سلمان الصمود، واستمر في الضغط لدعمه والتغطية عليه.

من جهة أخرى، بدأت قيادات جمهورية من الصف الأول ترفع صوتها معارضةً ترمب، وتحرجه في الكونغرس وفي حديثها إلى وسائل الإعلام. وأفاد تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأميركية بأن حلفاء ترمب بدؤوا يقلقون بعد التحقيقات الأخيرة التي تتهمه مباشرةً.

وأضاف التقرير أن تحقيقات مولر بدأت تُضيّق الخناق حول إدارة ترمب والمقربين منه، وهو الأمر الذي أزعج سياسيين جمهوريين مخافة تأثير ذلك على الانتخابات القادمة؛ إذ يذهب التقرير في اتجاه أن الحزب قد لا يدعم ترمب في الانتخابات الداخلية الأولية من أجل الترشح لولاية ثانية تحت مظلَّة الحزب الجمهوري.

ويقول أستاذ النزاعات الدولية في جامعة جورج ميسن الأميركية محمد الشرقاوي لـTRT عربي "يسعى قادة الحزب الجمهوري ممن يعتبرون محافظين تقليديين، لمنح الحزب مناعة ضد ترمبية ترمب. ويخشى أغلب هؤلاء على مصير الحزب إذا تحلّل من قيمِه السياسية والثقافية أو فرّط في تركة زعمائه التقليديين".

ويضيف الشرقاوي: "لم ينظر هؤلاء المشرعون -الذين يمثلون نسبة ثلثي القاعدة الجمهورية- قطّ بعين الرضا إلى سياسات ترمب؛ سواء الدعوة لانعزالية أميركا عن بقية العالم، أو مساعدة واشنطن للسعودية والإمارات في تعثرهما في حرب اليمن، أو بدعم أمير سعودي تتآكل شرعيته الأخلاقية والسياسية كلما كشفت الأدلة عن تورطه الشخصي في قرار تصفية خاشقجي".

ووصف أعضاء سابقون في الكونغرس الوضع الحالي في الولايات المتحدة بأنه أزمة دستورية، وقالوا في مقالة نشرت على واشنطن بوست "نشعر أن من واجبنا أن نرفع صوتنا بشأن مخاطر بالغة تهدد دولة القانون والدستور ومؤسساتنا الحاكمة وأمننا القومي".

المفارقة الكبرى هي أن المقاومة القوية لترمب تأتي من الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، وهو تحوّل قد يُضيّق الخناق على مستقبل ترمب

محمد الشرقاوي - أستاذ النزاعات الدولية في جامعة جورج ميسن الأميركية

ما التالي: المحلّل السياسي بول والدمان أوضح في مقال له على واشنطن بوست أن "الجمهوريين الأذكياء قد تخلّوا بالفعل عن ترمب"، وأضاف أن أعدادهم ستزداد، وأنهم انضموا إلى "أصوات عديدة كانت ترفض ترمب منذ البداية، وصرّحت بأنها لن تعمل معه".

غير أن تقرير أسوشيتد برس نقل عن نائب جمهوري قوله إن "(ترمب) لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة على مستوى القواعد، ولا أظن أنهم جميعاً (الجمهوريين) قد يرغبون في إبعاد أنفسهم عنه أو يخافون من ربط أنفسهم به".

ويشير محمد الشرقاوي إلى أن مشروع القرار الذي تقدم به كروكر، يهدف إلى "إضافة زخم جديد إلى الحركة التصحيحية وسط الحزب الجمهوري، من أجل الحدّ مما يعتبره مزالق ترمبية في إدارة العلاقات الخارجية للولايات المتحدة".

ويضيف "المفارقة الكبرى هي أن المقاومة القوية لترمب تأتي من الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، وهو تحوّل قد يُضيّق الخناق على مستقبل ترمب، إذا قررت الاستخبارات الأميركية نزع السرية عن بعض الملفات الحسّاسة حول تورط ترمب مع الكرملين، وقيامه بصفقات مالية يشوبها الريب، فضلاً عن المناداة بالتحقيق في ذمته المالية وحساباته الضريبية".

السيناتور ليندسي غراهام يدلي بتصريحات للصحفيين عقب إحاطة مديرة الاستخبارات الأميركية (AFP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً