الرئيس الإيراني يمهل القوى العالمية 60 يوماً قبل اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية (AP)
تابعنا

ما المهم: بعد مرور عام واحد على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة العمل بالعقوبات الأمريكية على طهران، أعلنت الأخيرة، الأربعاء، أنها قررت تخفيض مزيد من التزاماتها ضمن الاتفاق.

يأتي القرار الإيراني بعد أيام من التصعيد والتصريحات والخطوات الأمريكية والإيرانية، بدءاً من قرار واشنطن إنهاء الإعفاءات الممنوحة للدول التي تشتري النفط الخام الإيراني، وصولاً إلى قرارها إرسال حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط بسبب ما سمّته "معلومات استخباراتية" تخطيط طهران للهجوم على القوات الأمريكية في المنطقة.

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض القرار الإيراني خطوة تصعيدية أخرى تجاه الولايات المتحدة، يرى آخرون أنها تسعى بالأساس للضغط على الأطراف الأوروبية التي لا تزال مشاركة في الاتفاق النووي، كي تشكل لها مخرجاً من العقوبات الأمريكية.

المشهد: قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، إن انهيار الاتفاق النووي سيشكّل "خطراً على إيران والعالم"، وأضاف "بعد 60 يوماً ستخفض إيران مزيداً من التزاماتها ضمن الاتفاق النووي، وستزيد مستوى تخصيب اليورانيوم".

وقال روحاني إن إيران تريد التفاوض على شروط جديدة مع الشركاء المتبقين في الصفقة، لكنه أقرّ بأن الوضع سيئ، مشيراً إلى أن "هذه الجراحة هي لإنقاذ (الاتفاق)، لا لتدميره".

وحذّر الرئيس الإيراني من "رد صارم" إذا أحيل الملف النووي مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، وقال إن طهران "مستعدة للمفاوضات النووية".

من جهته، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأربعاء، وقف الحد من مخزون إيران من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب كما سبق وتعهدت بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي حد من برنامجها النووي.

وأمهلت طهران الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق وهي ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا، شهرين كي "تجعل تعهداتها عملية، خصوصاً في قطاعي النفط والمصارف"، كجزء من التوقف الإيراني المحتمل عن تطبيق تعهدات أخرى واردة في الاتفاق، حسب المجلس الإيراني.

من جهته أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن "الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، خصوصاً منذ سنة، لكن أيضاً قبل ذلك، مثل انسحابها من الاتفاق، كانت تهدف بوضوح إلى وقف تطبيق هذا الاتفاق".

وأضاف أن إيران أظهرت حتى الآن "ضبط نفس"، لكنها باتت تعتبر الآن أنه "من المناسب وقف تطبيق بعض تعهداتها وبعض الإجراءات الطوعية التي اتخذتها في إطار هذا الاتفاق".

ردود الفعل: قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، الأربعاء، إن بلادها تريد الإبقاء على الاتفاق النووي، وحذرت إيران من عدم احترام التزاماتها، قائلة إن ذلك قد يجعل مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات مطروحة.

وأشارت الوزيرة إلى أن انسحاب إيران سيكون سيئاً، مضيفة أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل قصارى جهدها لبقاء الاتفاق.

بدورها، قالت وزارة الخارجية الصينية، الأربعاء، إن الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 يجب تنفيذه بالكامل، وكل الأطراف مسؤولة عن ضمان تحقيق ذلك. فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه أبلغ نظيره الإيراني تقدير بلاده التزام إيران الاتفاق النووي.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إن إسرائيل لن تسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية.

وأضاف نتنياهو "سمعت أن إيران تعتزم استئناف برنامجها النووي... لن نسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، وسنواصل قتال من يسعون لقتلنا".

الخلفية والدوافع: أبرِمَ الاتفاق النووي في 14 يوليو/تموز 2015 في فيينا بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى ألمانيا.

وسمح هذا الاتفاق بوضع حد لسنوات من العزلة في إيران، بنصه على رفع قسم من العقوبات الاقتصادية الدولية عن هذا البلد. في المقابل، وافقت طهران على فرض قيود على برنامجها النووي لضمان عدم سعيها لحيازة السلاح الذري.

وكلفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة كل المواقع النووية الإيرانية بانتظام مع منحها صلاحيات موسعة، وفي 22 شباط/فبراير 2019، أكدت الوكالة في تقريرها الفصلي الأخير أن إيران لا تزال ملتزمة تعهداتها بموجب الاتفاق النووي.

وفي 8 مايو/أيار 2018، أعلن الرئيس الأمريكي انسحاب بلاده بشكل أحادي من الاتفاق، الذي اعتبره "كارثياً"، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران، لكن الأوروبيين والصين وروسيا أبقوا على التزامهم الاتفاق.

وأعادت واشنطن في 7 أغسطس/آب 2018، فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، تستهدف العمليات المالية وواردات المواد الأولية، وتنص العقوبات أيضاً على إجراءات عقابية على المبيعات التي تتم في قطاعي السيارات والطيران التجاري.

ودخلت العقوبات الأميركية على القطاعين النفطي والمالي الإيرانيين حيّز التنفيذ في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

بين السطور: يأتي الرد، قائلاً إنها تهدف إلى التصدي "للتصعيد الإيراني"، وهو ما ترافق أيضاً مع إرسال حاملة طائرات أمريكية إلى الشرق الأوسط.

كما يفسر البعض القرار الإيراني يمثّل خطوة إيرانية أولى، تستبق انسحابها الكامل من الاتفاق، الذي لم يعد له قيمة كبيرة بعد الانسحاب الأمريكي، على الرغم من أن ذلك يتناقض وتصريح جواد ظريف الذي شدد فيه على أن إيران "لن تنسحب" من الاتفاق النووي، وأن الإجراءات التي اتخذتها تتوافق مع "حق" وارد للأطراف الموقعة على الاتفاق في حال إخلال طرف آخر بالالتزامات.

في هذا الصدد، قال موقع Vox الأمريكي إن القرار الإيراني وراءه سببان: "الأول أن إيران لم تعُد ترى أي فائدة من البقاء في الاتفاق، وأن قادتها يفكرون في العودة إلى النشاط النووي"، أما السبب الثاني فيكمن في أن القرار هو بمثابة تحدٍّ استفزازي لإدارة ترمب "وسط حملة الضغط التي بلغت أقصاها".

من جهة أخرى، يسعى الأوروبيون، بلا جدوى حتى الآن، لإعطاء ضمانات لطهران تسمح بالالتفاف على العقوبات الأمريكية، وأطلقت لهذا السبب كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا نظام دفع خاصّاً على أمل أن يساعد في إنقاذ الاتفاق النووي، غير أنه لم يساعد إيران كثيراً.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن إيران لا تريد بالضرورة الخروج من الاتفاق، لأن ذلك قد يزعج الدول الأوروبية بالإضافة إلى روسيا والصين. وأشارت الصحيفة إلى أن طهران تسعى إلى الضغط على الأوروبيين بالأساس بغرض التوصل إلى مخرج واضح ودائم يساعدها على تخطي العقوبات الأمريكية، خصوصاً مع تصريح روحاني بأن إيران "تريد التفاوض على شروط جديدة مع الشركاء المتبقين في الصفقة".

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لا تزال ملتزمة تعهداتها بموجب الاتفاق (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً