يزداد الاعتقاد في إسرائيل بأن ترمب يحاول دعم نتنياهو قبل الانتخابات  (AFP)
تابعنا

لا يكاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصعد منصّة، من تلك التي تُنصب له كُلّما عقد اجتماعاً انتخابياً، إلا ويذكر القدس متفاخراً بالجهود الدبلوماسية الحثيثة التي قادها إلى أن اعترفت الولايات المتحدة بها عاصمة لدولة إسرائيل. يتبع ذلك، تفاخر أكثر بالتقارب بين الدول العربية وتل أبيب والذي يقول نتنياهو إنه أوّل رئيس وزراء إسرائيلي يستطيع تحقيقه.

كان لاعتراف الإدارة الأمريكية ممثلة بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل قبل نحو عام ونصف، صدى يتردد في إسرائيل حتى اليوم، حيث اعتُبر اعترافاً تاريخياً، ساهم في ازدياد شعبية نتنياهو وحزب الليكود الذي يتزعمه، على الرغم مما يواجهه من تهم بالفساد وخيانة الأمانة.

وبالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المُقررة في 9 أبريل/نيسان المقبل، ,وفي ظل تهم الفساد التي تلاحقه، بدأ نجم نتنياهو بالأفول شيئاً فشيئاً، خاصة في ظل التهديد المباشر الذي يشكله تحالف أزرق أبيض بزعامة رئيس الأركان السابق بيني غانتس والسياسي يائير لبيد على نتنياهو وحزبه، حيث تشير الاستطلاعات إلى أن فرص التحالف بتشكيل الحكومة المقبلة باتت كبيرة للغاية.

وفي الوقت الذي بدأت فيه شعبية نتنياهو بالتراجع، وبينما بدأت نجوم أحزاب أخرى في البزوغ، انطلق حراك دبلوماسي أمريكي محموم بشكل مفاجئ، هدفه الجولان هذه المرّة، حيث زار المنطقة السورية التي تحتلها إسرائيل منذ عام1967، السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان إلى جانب السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، يرافقهما نتنياهو، إذ التقط الجمع صوراً تذكارية كثيرة في المكان، ووعد غراهام صديقه نتنياهو بالاعتراف بالجولان أرضاً إسرائيلية.

لم تمض سوى أيام قليلة على الزيارة المذكورة والتي كان لها أثر كبير على الشارع في إسرائيل والذي يتطلع إلى ضم الجولان منذ زمن، حتى صدر تقرير رسمي عن وزارة الخارجية الأمريكية يتناول قضية الجولان وقد أسقطت منه عبارة "التي تحتلها إسرائيل"، واستبدلت بعبارة "التي تسيطر عليها إسرائيل".

لم تتراجع الولايات المتحدة عن التسمية الجديدة للجولان، حيث نفى وزير الخارجية مايك بومبيو أن يكون ما حدث من استبدال عبارات مجرد خطأ، وقال في تصريحات صحفية "آمل أن تكون كل عبارة في التقرير قد استخدمت بشكل صحيح وواعٍ، وأن يعكس التقرير الحقائق".

وفي إجراء وصفه مسؤول أمريكي في حديث لوكالة رويترز بـ"غير المعتاد"، زار وزير الخارجية الأمريكي برفقة بنيامين نتنياهو حائط البراق، وهو الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك في القدس قبل ثلاثة أسابيع فقط من الانتخابات، والتقطا صوراً مشتركة خلال جولة قاما بها تحت المسجد الأقصى، وهي الخطوة التي وصفها مسؤول أمريكي بأنها "يمكن اعتبارها موافقة ضمنية على سيادة إسرائيل على هذا الموقع".

الحراك الأمريكي لم يتوقف عند هذا الحد، حيث بدأت تلوح بالأفق خلال الأيام الماضية معالم استعداد أمريكي للاعتراف بالجولان كأرض إسرائيلية، حيث سرّبت صحيفة يسرائيل هيوم المقربة من نتنياهو قبل نحو أسبوع، أنباءً تشير إلى استعداد ترمب للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان خلال قمّة يعقدها مع نتنياهو قبل الانتخابات بأسبوعين.

صناعة التاريخ على أنقاض أراضٍ محتلة

وقبيل القمّة المذكورة، وفي الوقت الذي يلتقط فيه نتنياهو الصور مع بومبيو تحت المسجد الأقصى، فاجأ الرئيس ترمب العالم بتغريدة على تويتر، قال فيها "حان الوقت بعد 52 عاماً لأن تعترف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان، التي تتسم بأهمية إستراتيجية وأمنية بالغة لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي".

تغريدة ترمب، وإن بدت مفاجأة للنّاس، إلا أنها حظيت بمباركة نتنياهو بعد دقائق فقط من نشرها، حيث رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بتغريدة على حسابه قال فيها "في الوقت الذي تسعى فيه إيران لاستخدام سوريا كمنصة لتدمير إسرائيل، الرئيس ترمب يعترف بشجاعة، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، شكراً أيها الرئيس ترمب".

وفي تغريدة لاحقة، أوضح نتنياهو أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع ترمب وشكره على قراره الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وقال له "لقد صنعت تاريخاً".

الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن ثم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان قبيل الانتخابات بأيام قليلة، لم يكن ليمر بسهولة لدى المراقبين والمحلليين في إسرائيل. حيث أثار الحراك الأمريكي الذي توّجَهُ ترمب بسلسلة خطوات وصفت بـ"المريبة"، الشكوك بدعم يحاول أن يقدمه الرئيس الأمريكي لحليفه نتنياهو في ظل تراجع شعبيته.

الجولان..هدية ما قبل الانتخابات

ونشر الرئيس الأمريكي صورة الإعلان الانتخابي الذي يجمعه بنتنياهو على صفحته في موقع إنستغرام، وهو ما أثار جدلاً واسعاً، وربما أجاب ترمب بذلك على تساؤلات طُرحت كثيراً في الإعلام الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية، عن الدعم الذي يحاول ترمب أن يقدمه لنتنياهو قبيل الانتخابات.

ويُعَدُّ نتنياهو صديقاً وحليفاً لترمب، وتجمعهما خطط مشتركة أهمها صفقة القرن، ففي الوقت الذي اعتاد فيه الرؤساء الأمريكيون على محاولة تقديم حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال فترات حكمهم، يحاول ترمب أن يكون كمن سبقه، مبادراً إلى حل ما، وهو الحل الذي يروّج له من خلال ما يسمى بصفقة القرن، التي يدعمها نتنياهو بقوّة، وبات أحد أهم أركانها، خاصة وأنه رئيس الوزراء الإسرائيلي الوحيد الذي استطاع إحراز تقدم كبير في العلاقات بين تل أبيب وبعض الدول العربية والإسلامية، وتمثل ذلك مؤخراً بزيارته لسلطنة عمان، ودولة تشاد.

تقول صحيفة معاريف الإسرائيلية إنه "وفي ظل اقتراب موعد الانتخابات، يتلقى نتنياهو دعما كبيراً من قبل الإدارة الأمريكية، فالرئيس الأمريكي يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ومن أقنعه في ذلك هو السيناتور الذي زار الجولان مؤخراً برفقة نتنياهو ليندسي غراهام".

وتشير الصحيفة إلى أن "الغاية هي تحقيق مكسب سياسي جديد لنتنياهو قبيل الانتخابات، وهذا المكسب سيستغله نتنياهو في دعاية انتخابية واسعة النطاق".

بدوره، قال يهودا هريئيل الذي يعتبر أوّل إسرائيلي استوطن الجولان السوري بعد احتلاله ويعد أحد قادة المستوطنين هناك، إنه لم يكن يتوقع أن يأتي اليوم الذي تحصل فيه إسرائيل على اعتراف بسيادتها على هذه المنطقة.

وقال لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية "اليوم تنتهي حقبة استمرت أكثر من 50 عاماً، أغلقنا ملف الجولان نهائياً بعد أن اعترف بها ترمب رسمياً على أنها أرض إسرائيلية".

وأضاف "لن يستطيع أي رئيس وزراء إسرائيل أن يتراجع عن هذا القرار بعد الآن، فقد حاول خمسة رؤساء وزراء قبل نتنياهو أن يدفعوا المجتمع الدولي للاعتراف بالسيادة على الجولان ولم ينجحوا".

وأشار إلى أن جميع المرشحين للانتخابات في إسرائيل قدموا إلى الجولان مؤخراً والتقطوا الصور من على مرتفعاتها، "كلهم يدركون أهمية هذا المكان بالنسبة للشعب، لقد انتصرنا حقاً".

ترمب أعاد نشر الدعاية الانتخابية لنتنياهو على صفحته على إنستغرام 
TRT عربي
الأكثر تداولاً