حصيلة قتلى غارات الطيران الداعم لمليشيات حفتر على طرابلس ومرزق جنوبي ليبيا خلال يومين ارتفعت إلى 14 طفلًا وامرأتين (AA)
تابعنا

من جديد تستأنف مليشيات حفتر عدوانها الذي بدأته في 4 أبريل/نيسان الماضي للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، الأمر الذي يعثّر الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين.

وخلال العدوان ترتكب مليشيات حفتر انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، ضاربة بما يصدرعن البعثة الأممية بليبيا أو المجتمع الدولي من إدانات عرض الحائط، حسب اتهام المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إذ استهدف طيران حربي داعم لحفتر مؤخراً منازل وسيارات مدنيين وجسراً في بلدة السواني.

ويأتي تصعيد حفتر في وقت يجتمع فيه السفير الأمريكي في ليبيا بجميع الأطراف الليبية، في ظلّ تصاعد التدخُّل الروسي وحديث عن اتفاق محتمَل في يناير/كانون الثاني في مدينة جنيف السويسرية.

ارتفاع حصيلة القتلى

خلال 48 ساعة ارتفعت حصيلة قتلى غارات الطيران الداعم لمليشيات حفتر على طرابلس ومرزق جنوبي ليبيا، إلى 14 طفلًا وامرأتين إحداهما حامل، وفق ما أفادت به حكومة الوفاق الليبية، المعترَف بها دوليّاً.

وأعلنت عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق، في بيان عبر صفحتها بموقع فيسبوك، "التعرف على جثمان طفل خامس من ضحايا قصف الطيران الحربي الداعم لحفتر" لمنازل مدنيين في السواني جنوبي طرابلس.

#فيديو يوضح استهداف الطيران الموالي #لحفتر لمنازل المدنيين بمنطقة #السواني حسبنا الله ونعم الوكيل #بركان_الغضب

Posted by ‎عملية بركان الغضب‎ on Sunday, 1 December 2019

في الوقت ذاته استقبل مستشفى بمدينة مرزق جنوبي ليبيا الأحد، جثامين 9 أطفال تتراوح سنّهم بين عام ونصف العام، وثلاثة عشر عامًا، وامرأتين إحداهما حامل، نتيجة قصف طيران إماراتي مسيَّر داعم لحفتر.

وقتلت قوات حفتر أكثر من 200 مدني، وأصابت مئات آخرين، منذ بدء هجومها على طرابلس في 4 أبريل/نيسان 2019، سواء في عمليات قصف جوي وصاروخي عشوائي، أو عبر تصفيات مباشرة واختطافات على الهوية، حسب إحصاء خاصّ أعدته وكالة الأناضول ونشرته في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويشير الإحصاء إلى أن مليشيات حفتر ارتكبت عدة مجازر، كان أبرزها قتلها 10 مدنيين وإصابة 35 آخرين معظمهم عمال أجانب، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، جراء قصف لطيران مسيَّر استهدف مصنع بسكويت جنوب شرقي طرابلس، كما قُتل أكثر من 40 وأصيب نحو 60 في 4 أغسطس/آب، في قصف جوي شنَّه طيران حفتر على حي سكني في مدينة مرزق أقصى الجنوب الليبي.

وأضاف الإحصاء: "سقط نحو 60 قتيلاً و77 جريحاً في 3 يوليو/تموز، في قصف جوي لحفتر استهدفت مركزاً لإيواء المهاجرين غير النظاميين بتاجوراء، الضاحية الشرقية لطرابلس".

جريمة حرب

اعتبرت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية، الغارات التي شنّها طيران داعم لمليشيات حفتر على مدينتي طرابلس ومرزق، جريمة حرب مكتملة الأركان، وطالبت في بيان لها المجتمع الدولي بـ"تحمُّل مسؤولياته تجاه هذه الأفعال الإجرامية التي تستهدف وتروّع المدنيين والآمنين".

هؤلاء الضحايا هم حصيلة قصف الطيران الإماراتي المسيَّر الداعم لحفتر ليل الجمعة لمنزل بمنطقة أم الأرانب

بيان عملية بركان الغضب

من جانبه ندّد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بهجمات حفتر ضدّ المدنيين خلال هجومه على طرابلس، وطالب بإرسال بعثة تقصِّي حقائق دولية لتوثيق تلك "الانتهاكات الجسيمة".

وفي خضمّ هذه الأزمة يعمل الدعم الخارجي لمليشيات حفتر من قبل دول عربية وغربية على تعقيد المشهد، وكان آخرها نية فرنسا تقديم هبة لليبيا هي 6 مراكب سريعة من طراز سيلينجر، يبلغ طول كل منها 12 متراً، حسب ما أعلنته وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، إلا أنه بعد تصاعد الجدل عدلت فرنسا عن الأمر، حسبما أفادت مصادر لوكالة فرانس برس.

إن قرار عدم تسليم المراكب يشكّل انتصاراً مهمّاً تَحقَّق بفضل الضغط العامّ

لولا شولمان - المسؤولة عن مسائل الهجرة في منظمة العفو الدولية

تدخُّل أمريكي أم مخاوف من روسيا؟

يأتي هذا التصعيد في ظلّ اجتماع السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند بالأطراف الليبية، إذ ناقشا آفاق وقف الأعمال العدائية حول طرابلس، والجهود المبذولة للحل السياسي للنزاع في ظل تصاعد التدخل الروسي، وفقاً لموقع السفارة على تويتر.

وسابقاً لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية حاسمة في موقفها من دعم حكومة الوفاق الليبية وتأييد مليشيات حفتر، لكن مع تزايد تورُّط روسيا عبر شركاتها الأمنية في القتال إلى جانب حفتر، بدأت الصورة تتضح لها.

وصرح ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى لـCNN، بأن روسيا تنشر قوات بأعداد كبيرة لدعم حفتر، الذي شنّ جيشه هجوماً للاستيلاء على طرابلس من الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة.

وسبق للمسؤولين الأمريكيين أن صرحوا لـCNN باعتقادهم أن "مئات من المرتزقة الروس المرتبطين بمجموعة فاغنر، وهي منظمة شبه عسكرية لها علاقات بالكرملين، موجودون في ليبيا لبعض الوقت، يعملون نيابة عن موسكو ويساعدون حفتر في محاولته الاستيلاء على طرابلس".

تُنشَر القوات النظامية الروسية بأعداد كبيرة لدعم حفتر، ووجودهم يزعزع الاستقرار بشكل لا يُصدَّق

ديفيد شينكر - مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى

وقال شنكر: "نحن منخرطون في محاولة لإيجاد حلّ دبلوماسي، وفي محادثات سياسية مع الجميع"، مضيفاً أن مسؤولي الحكومة الأمريكية تَحدَّثوا لفترة طويلة مع حفتر، الذي يمتلك "دروعاً وقوات كبيرة، ويسيطر على 80% من البلاد".

وأصبحت الولايات المتحدة أكثر صخباً في معارضتها للوجود الروسي في ليبيا، معتقدة أن موسكو تسعى لإنشاء موقع هناك جزئيّاً لتحدِّي الجناح الجنوبي لحلف الناتو، كما يعتقد الجيش الأمريكي أن "المرتزقة الروس الذين يدعمون حفتر ربما كانوا مسؤولين عن إسقاط طائرة عسكرية أمريكية دون طيار الخميس، في أثناء تحليقها فوق طرابلس الأسبوع الماضي، وفق ما قاله مسؤولان أمريكيان من وزارة الدفاع لـCNN.

في السياق ذاته من المرجح اجتماع أطراف الأزمة في ليبيا خلال النصف الأول من يناير/كانون الثاني المقبل بمدينة جنيف السويسرية، حسب تصريحات مبعوث الأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم في ليبيا غسان سلامة، الذي قال إن "المؤتمر الدولي حول ليبيا المزمع عقده خلال الأيام المقبلة في العاصمة الألمانية برلين يهدف إلى إعطاء تغطية دولية لاتفاق محتمَل بين الأطراف الليبيين.

وتَوقَّع سلامة انعقاد مؤتمر برلين مطلع العام المقبل، وزيادة عدد الدول المشاركة فيه رغم انطلاق الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر منذ أكثر من شهرين بمشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وكل من مصر والإمارات وتركيا وإيطاليا إلى جانب ألمانيا البلد المضيف، حسب تصريحاته لوكالة فرانس برس.

ويبدو واضحاً في ظلّ الاقتتال الداخلي في ليبيا أن الطريق للوصول إلى اتفاق ما زال طويلاً ومليئاً بالعقبات والتعقيدات، كما لا تزال أطراف ليبية تتحدث عن الدور السلبي للبعثة الأممية التي يعتبرها البعض "ساهمت في إفشال الاتفاق السياسي".

واتهم عضو مجلس الدولة الاستشاري عبد الرحمن الشاطر عبر حسابه الشخصي على موقع تويتر البعثة بإفشال الاتفاق قائلاً: "عقّدَتها بأيديها وتحلّها بسنونها، هذا هو وضع البعثة الأممية، فقد ساهمت في إفشال الاتفاق السياسي وانقلبت عليه وغضَّت النظر عن التدخلات الخارجية، وهي التي سكتت على العدوان مؤملة انتصار من تنصرهم. الآن تسعى لإجهاض الانتصار على حفتر إنقاذاً له وليس حبّاً في ليبيا".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً