ملك الأردن قال إنه إذا ما ضمّت إسرائيل بالفعل أجزاء من الضفة الغربية فإن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع المملكة (AFP)
تابعنا

"العلاقات مع إسرائيل في أسوأ حالاتها الآن"، يبدو أن كلمات العاهل الأردني التي قالها أواخر العام الماضي عقب تسلمه جائزة "رجل الدولة "، تعيد صداها هذه الأيام تزامناً مع مخاوف البدء في طرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، مطلع يوليو/تموز المقبل، الأمر الذي يعيد التساؤل حول مصير العلاقات الأردنية-الإسرائيلية.

الضم: مساعٍ إسرائيلية لخطة أمريكية

وقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس حزب أزرق-أبيض بيني غانتس، في أبريل/نيسان، اتفاقاً لتشكيل حكومة وحدة طارئة تضم 36 حقيبة وزارية لمدة ثلاث سنوات، يتناوب كل منهما على رئاستها على أن يبدأ نتنياهو أولاً مدة عام ونصف.

وتأتي هذه الخطوة بعد 16 شهراً من الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد. وينص الاتفاق على تنفيذ إجراءات "خطة السلام الأمريكية" بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على "الحوار الدولي" و"الاستقرار الإقليمي.

ويقضي الاتفاق ببدء طرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة مطلع يوليو/تموز المقبل.

ويرى مراقبون أن هذ الاتفاق محفوف بالمخاطر ويواجه تعقيدات عدة تتعلق بتقاسم السلطة وتهم الفساد الموجهة ضد نتانياهو وضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

الأردن: الضم سيؤدي إلى صدام

أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الجمعة، أن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد في ما يتعلق بدفع القضية الفلسطينية إلى الأمام.

وأكد في مقابلة أجرتها معه مجلة "دير شبيغل" الألمانية، أن القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة -في إشارة إلى نتنياهو- لا يعلمون تبعاته، وماذا سيحصل إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية؟، مضيفاً: "سنشهد مزيداً من الفوضى والتطرف في المنطقة".

وأضاف أنه إذا ما ضمّت إسرائيل بالفعل أجزاء من الضفة الغربية في يوليو/تموز، فإن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية. مؤكداً عدم رغبته في إطلاق التهديدات أو تهيئة جو للخلاف، إلا أن الأردن يدرس جميع الخيارات.

وفي وقت سابق، دعا الأردن دول الاتحاد الأوروبي إلى "التصدي" لمخطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، وورد في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، أن "قرار الضم إن نُفذ فسينسف الأسس التي قامت عليها كل الجهود السلمية على مدى العقود الماضية، وسيقتل حل الدولتين وسيجعل خيار الدولة الواحدة مآلاً محتوماً، ما سيضع العالم أجمع أمام واقع يكرس نظام التمييز العنصري (الآبارتايد)".

وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في البيان، "ضرورة التحرك بفاعلية للحول دون ضم إسرائيل للمستوطنات وغور الأردن ومنطقة شمال البحر الميت في فلسطين المحتلة، حماية للقانون الدولي والسلام الشامل الذي يشكل ضرورة إقليمية ودولية".

وشدد الصفدي على "ضرورة إطلاق مفاوضات جادة مباشرة لحل الصراع على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة".

مساعٍ إسرائيلية وشيكة

يرى يوهانس بيك أستاذ العلوم السياسة في المعهد العالي للدراسات اليهودية في هايدلبرغ الألمانية، أن عمليات الضم في الضفة الغربية أمر غير مستبعد، وستكون هذه الخطوة الشائكة الحاسمة بالنسبة إلى مستقبل الأراضي الفلسطينية.

وأضاف بيك أنه سيكون للكنيست قريباً إلى جانب ياريف ليفين متحدث جديد مؤيد بشكل صريح لمشروع الضم.

إلا أنه يرى في الوقت نفسه أن نتنياهو قد يضطر إلى التريث في عمليات الضم، استناداً على نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني. إذ إن على نتنياهو أن يتوقع استياء كبيراً في واشنطن فيما إذا كان الرئيس الجديد جو بايدن.

من جانبه، يرى مدير مجموعة التفكير ثينك ثانك في معهد الديمقراطية الإسرائيلية بالقدس القدس، أن "نتنياهو لا يملك حالياً خطة شاملة وجاهزة في جيبه"، لذا فإنه من غير الواضح كيف ستتطور الأمور.

الأردن وإسرائيل.. إلى أين؟

تمرّ العلاقات بين الأردن وإسرائيل بمرحلة متوترة لم تشهدها مسبقاً منذ توقيع معاهدة السلام بينهما عام 1994، وبدأ توتر العلاقات نهاية العام الماضي على خلفية انتهاكات إسرائيلية بحق القدس والمسجد الأقصى واعتداءات على قطاع غزة، واحتجاز متبادل لمواطنين من البلدين.

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون أن توتر العلاقات ما هو إلا استراتيجية شكلية لا تمس جذور العلاقة بينهما يرى آخرون أن الأردن بات يريد التحرر من عبء هذه العلاقات، من ذلك ما قاله مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد: "الأردن بات يشعر أن العلاقات مع إسرائيل عبء داخلي عليه، ويحاول التحلل من قيودها المعقدة، وهو ينظر بمنظار الشك والريبة إلى النيات الإسرائيلية، في وقت أصبح فيه الشعب الأردني والبرلمان والقوى السياسية كافة حساسة تجاه أي علاقة مع دولة الاحتلال التي تنتهك اتفاقية السلام بقتل واعتقال لأردنيين".

ومن الجانب الإسرائيلي قال رئيس شعبة التخطيط في جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال أمير أبو العافية إن هناك في الأوساط العسكرية والأمن شعوراً بتراجع العلاقات العام الماضي بين الجانبين، على خلفية قرار العاهل الأردني استعادة أراضي الغمر والباقورة، ووعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية على المنطقة الاستراتيجية التي تشكل 30% من مساحة الضفة الغربية.

وزار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إسرائيل الأربعاء، لإجراء محادثات حول مخطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة المحتلة، في زيارة خاطفة هي الأولى له إلى الخارج منذ حوالى شهرين.

وحث بومبيو قادة إسرائيل على أخذ "جميع العناصر" المتعلقة بالضم الفعلي المقترح للضفة الغربية المحتلة في الاعتبار، حتى تتسق مع خطة واشنطن للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً