وزير الخارجية الروسي قال إن حفتر مستعد لتوقيع اتفاق وقف إطلاق نار في ليبيا (Reuters)
تابعنا

بعد سلسلة الانتصارات التي حققها الجيش الليبي في الفترة الأخيرة في مواجهة مليشيات حفتر، بتحرير طرابلس ومدينتي ترهونة وبني وليد، وكامل مدن الساحل الغربي وقاعدة الوطية الجوية، وفيما تتأهب قواته لتحرير مدينة سرت التي تبعد نحو 450 كلم شرق طرابلس، تصاعدت نداءات الدول الراعية لحفتر لعقد هدنة، أو التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، مما شرع باب التساؤلات حول أهداف تلك الدول التي وقفت متفرجة أو متواطئة طوال فترة اعتداء مليشيات حفتر على طرابلس.

إذ أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء، استعداد الجنرال الانقلابي خليفة حفتر "الآن"، لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا، مقراً بأن مليشيات حفتر رفضت عرضاً سابقاً بهذا الخصوص عندما كانت متقدمة على الأرض.

وقال لافروف: "في مرحلة ما عندما دعونا القادة الرئيسيين السادة حفتر والسراج وصالح، في يناير هذا العام قُبيل مؤتمر برلين، كان الجيش الوطني الليبي (مليشيا حفتر) يعتقد أن موقفه على الأرض أقوى، ولم يكُن مستعداً لتوقيع وثيقة اعتبرها السراج مقبولة".

وأضاف: "الآن قوات حفتر، حسب تقييماتنا، مستعدة لتوقيع مثل تلك الوثيقة بشأن وقف إطلاق نار فوري، لكن هذه المرة حكومة طرابلس هي من لا يريد".

من جانبه، اعتبر الباحث في مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية عبد الله حديد، أن تصريحات لافروف محاولة لتثبيت حفتر في ضوء الموقف الليبي والتركي الرافض له، بخاصة بعد تراجع دوره في المرحلة الأخيرة في ظل الهزائم على الأرض.

وأوضح حديد في تصريحات لـTRT عربي، أن موسكو بتصريحاتها حول قبول حفتر للهدنة ربما تحاول إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية الحليفة لدول داعمة لحفتر في المنطقة وهي السعودية ومصر والإمارات.

هدنة أم عدوان جديد؟

التوقيت المريب لهذه الدعوات والتقارير المتواصلة حول الإمدادات العسكرية التي يتلقاها حفتر، والتي كان آخرها إعلان الجيش الليبي الجمعة الماضية، رصد طائرات مسيرة إماراتية وأخرى حربية روسية تجوب سماء منطقة غرب مدينة سرت وشرق مدينة مصراتة، جعل الدعوات الأخيرة للهدنة بمثابة محاولات من حفتر وداعميه للمناورة وكسب الوقت وتنظيم الصفوف قبيل معركة سرت، وهو ما أثبتته التجارب السابقة للجنرال الانقلابي ومليشياته.

إذ أعلن مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني، رفض طرابلس أي "مبادرة أحادية من أطراف غير محايدة تدعم الانقلابيين"، وأضاف أن أي مبادرة سياسية يجب أن تكون وطنية وبرعاية الأمم المتحدة وبالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي.

وقال السني في كلمة الأربعاء أمام مجلس الأمن الدولي، إن المجتمع الدولي صمت على دعم عدة دول لحفتر، وهو الآن يتحدث عن سلام في ليبيا، مؤكداً أن "حفتر مجرم حرب ولا يمكن أن يكون طرفاً في اتفاق سلام".

وأوضح المندوب الليبي أن "دولاً مهمة لم تكتفِ فقط بدعم حفتر، بل تواطأت عمداً ضد عقد مؤتمر للسلام"، مطالباً روسيا بوقف تدفق مرتزقة فاغنر إلى ليبيا، ورافضاً مشاركة الإمارات في أي حوار سياسي حول الأزمة الليبية.

من جانبه، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن حكومة السراج تبنت مواقف إيجابية حيال المسار السياسي، فيما يواصل حفتر منذ اتفاقية أبو ظبي في أبريل/نيسان 2019، انتهاك جميع اتفاقات وقف إطلاق النار ولم يلتزم المبادرات الدولية لحل الأزمة الليبية.

وشدّد قالن في مقابلة الأربعاء، على أن حفتر لم يلتزم أي وعد قطعه حتى الآن، وأنه من الطبيعي أن لا تثق حكومة السراج بوعود الجنرال الانقلابي.

وأشار قالن إلى أن: "كل دعوة أطلقها حفتر لوقف إطلاق نار أو حل سياسي، كانت بمثابة تحضير أرضية مناسبة لاعتداء جديد، لذا فإن حكومة السراج محقة في عدم الثقة بحفتر".

الانسحاب من سرت والجفرة بداية الحل

في ضوء الدعوات للحل السياسي والتوصل إلى اتفاق، طالبت تركيا بانسحاب مليشيات حفتر من سرت والجفرة، تطبيقاً لاتفاق الصخيرات عام 2015، بحيث يكون الاتفاق الجديد قابلاً للاستمرار ولا يخضع لأهواء حفتر وداعميه.

وقال قالن: "في مؤتمر برلين كانت دعوة لوقف إطلاق النار، وحكومة السراج لم تعارض هذه الدعوة، لكنها اشترطت انسحاب الأطراف كافة إلى حدود اتفاقية الصخيرات عام 2015، وبموجب تلك الاتفاقية ينبغي انسحاب مليشيا حفتر من سرت والجفرة".

وذكر قالن أن حكومة السراج لن تسمح بأن يستخدم حفتر هاتين المدينتين كقاعدة لتنفيذ عملياته العسكرية.

وفي تصريحات سابقة للمتحدث باسم الرئاسة لوكالة الصحافة الفرنسية، قال قالن إن "وقفاً لإطلاق النار يجب أن يكون قابلاً للاستمرار، مما يعني أن على الطرف الآخر (مليشيا حفتر) أن لا يكون في موقع يتيح له شنّ هجوم جديد على الحكومة الشرعية ساعة يشاء".

وتتمتع سرت بأهمية استراتيجية، فهي تحتوي على قاعدة جوية عسكرية في الجنوب، وتعتبر بوابة لمنطقة "الهلال النفطي"، التي تستحوذ على القسم الأكبر من ثروات ليبيا النفطية.

وكانت المدينة معقلاً لتنظيم داعش الإرهابي قبل أن تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق في 2016، لكنها سقطت في يناير/كانون الثاني الماضي في أيدي مليشيات حفتر.

وتتوسط سرت أكبر مدينتين بليبيا، فهي في المنتصف بين طرابلس عاصمة البلاد، وبنغازي عاصمة إقليم برقة في الشرق.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً