قضية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل شرقي المتوسط أصبحت محورية للبلدين بعد اكتشافات النفط والغاز المؤخرة في المنطقة (Reuters)
تابعنا

تُواصل واشنطن جهود الوساطة التي تبذلها بين لبنان وإسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق بخصوص ترسيم حدودهما البحرية في المنطقة الواقعة شرقي البحر المتوسط.

وأشارت وكالة الأنباء اللبنانية إلى أن الموفد الأمريكي المكلف برعاية المفاوضات بين لبنان وإسرائيل ديفيد ساترفيلد أجرى بالفعل اجتماعات مع وزير الدفاع اللبناني إلياس بو صعب ووزير الخارجية جبران باسيل، في إطار جولات مكوكية يقوم بها بين لبنان وإسرائيل.

الحكومة اللبنانية مضطرة إلى تعجيل ترسيم الحدود كي تستطيع الاستفادة من الموارد الطبيعية في المنطقة

نبيل الحلبي - حقوقي لبناني

وفيما لم يُصدِر ساترفيلد تصريحات بخصوص اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين، قالت السفيرة الأمريكية في لبنان مارغريت ريتشارد التي كانت حاضرة في الاجتماعات "ننتظر بعض الإجابات".

نقاط الخلاف الأساسية

يخوض لبنان نزاعاً مع إسرائيل على مثلث في البحر المتوسط تبلغ مساحته نحو 860 كيلومتراً مربعاً، ويُقسِّم تلك المنطقة إلى بلوكات عدة، أحدها البلوك النفطي رقم 9، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز، اكتُشفَت مخزوناتها من الطاقة عام 2009.

وفي 2012 رفض لبنان مقترحاً أمريكياً يقوم على منح لبنان 360 كيلومتراً مربعاً من مياهه لإسرائيل، مقابل حصوله على ثلثي المنطقة الاقتصادية.

ومؤخراً عبّر الجانبان اللبناني والإسرائيلي عن موافقتهما المبدئية على إجراء مفاوضات مباشرة برعاية نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، وتقرر إجراء هذه المفاوضات في مقر الأمم المتحدة في الناقورة.

بالإضافة إلى ذلك، تشكّل فكرة تلازم ترسيم الحدود البرية لنظيرتها البحرية نقطة خلاف مهمة بين الطرفين، إذ تبرز مسألة أراضي مزارع شبعة وتلال كفرشوبا والغجر التي تحتلها إسرائيل، إلا أن تسريبات أكّدت استعداد الجانبين لتجنيب مناقشة هذا الأمر في المفاوضات المرتقبة.

مؤشرات إيجابية

نشر معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب ورقة بحثية بتاريخ 24 يونيو/حزيران الماضي، عَزَت إبداء لبنان مرونة في الدخول في المفاوضات، مقارنة بموقفه السابق الرافض لها، إلى تغيُّر موقف حزب الله الذي يسيطر على معظم مفاصل الحكومة اللبنانية حاليّاً، مشيرة إلى عدد من "المؤشرات الإيجابية" التي لم تكن موجودة من قبل.

ورجعت الورقة تغيُّر موقف حزب الله إلى الضائقة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، لأن قدرته على التنقيب عن الموارد الطبيعية في تلك المنطقة ستساعد على حل جزء من مشكلاته الاقتصادية وتخفيض حجم الدين العام الخارجي الذي يبلغ حالياً 77 مليار دولار، مسجّلاً واحداً من أعلى معدلات الديون الخارجية في العالم، إضافة إلى إمكانية استفادة حزب الله الذي تسببت مشاركته في الحرب السورية والعقوبات المفروضة عليه في إثقال كاهله من الناحية المادية.

فضلاً عن ذلك، لفتت الورقة إلى أن نجاح المباحثات قد يقود إلى تعاون رباعي مشترك بين مصر وإسرائيل ولبنان وإدارة جنوب قبرص اليونانية في جهود التنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة، ومن ثمّ تصديرها إلى أوروبا.

واتفق الحقوقي المختص في القانون الدولي اللبناني نبيل الحلبي مع ما ورد في الورقة البحثية المذكورة، مشيراً إلى أن "الموقف الراهن بالنسبة إلى الحكومة اللبنانية دقيق للغاية، فهي بحاجة إلى موارد إضافية".

وأضاف الحلبي في حديث لـTRT عربي أن "الحكومة (اللبنانية) مضطرة إلى تعجيل ترسيم الحدود كي تستطيع الاستفادة من الموارد الطبيعية في المنطقة".

ولفت الحلبي إلى تصريحات أطلقها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري قبل نحو شهر، أكّد فيها تقدُّم جهود الوساطة الأمريكية في المباحثات بين لبنان وإسرائيل.

واعتبر القانوني اللبناني تلك التصريحات والتبدل في المواقف رسالةً من حزب الله إلى واشنطن، مفادها أنه مستعدّ للتفاوض.

ولم يستبعد الحلبي أن تكون مسألة العقوبات الأمريكية على حزب الله وإيران جزءاً من عملية التفاوض، مباشراً أو غير مباشر، موضحاً أن "مجرد إبداء حزب الله مرونة في هذه المسألة يعني أنه يريد شيئاً في المقابل، ولا يُستبعد أن يكون تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة عليه أو على طهران جزءاً من الاتفاق".

يخوض لبنان نزاعاً مع إسرائيل على مثلث في البحر المتوسط تبلغ مساحته نحو 860 كيلومتراً مربعاً (Shutterstock)
TRT عربي
الأكثر تداولاً