نائب الرئيس الأمريكي يتوجه إلى تركيا بطلب من ترمب (Reuters)
تابعنا

على خلفية تطورات الموقف الأمريكي من عملية نبع السلام التركية التي أطلقها الجيش التركي بمشاركة الجيش الوطني السوري في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لتطهيرها من إرهابيي PKK/YPG وداعش، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إليها.

من المفترض أن يصل مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إلى تركيا خلال الساعات القادمة بصحبة وفد يتضمن وزير الخارجية مايك بومبيو.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بنس في وقت سابق، قوله إنه سيتوجه إلى تركيا قريباً بطلب من ترمب للتباحث حول الملف السوري.

وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس، إن هدف الوفد الأمريكي هو إيجاد حل للوضع في سوريا، لا الإضرار بالعلاقات الأمريكية-التركية.

التفاوض مع تركيا

على الجانب التركي شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن عملية نبع السلام ستنتهي تلقائيّاً عندما يغادر الإرهابيون المنطقة الآمنة التي حددتها تركيا في الشمال السوري.

جاء ذلك في خطاب ألقاه أردوغان، أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الأربعاء بالعاصمة أنقرة.

وقال أردوغان: "اقتراحنا أن يُلقي الإرهابيون كلهم السلاح والمعدات هذه الليلة، ويدمروا أكمنتهم ويخرجوا من المنطقة الآمنة التي حددناها".

وأضاف: "في حال تطبيق مقترح خروج الإرهابيين من المنطقة الآمنة، ستكون عملية نبع السلام منتهية من تلقاء نفسها".

وفي الوقت نفسه استقبل المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الأربعاء، وفداً أمريكياً رفيعاً برئاسة مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين.

وأفادت مراسلة الأناضول بأن قالن استقبل أوبراين بالمجمع الرئاسي في أنقرة، حيث استمر اللقاء نحو ساعة ونصف، دون أن تذكر تفاصيل عنه، لكنه في إطار عملية التفاوض التي تريدها واشنطن حول عملية نبع السلام. وأعلنت الرئاسة التركية، أن رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، سيستقبل وفداً أمريكياً برئاسة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، الخميس في العاصمة أنقرة.

جاء ذلك على لسان رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، في تغريدة نشرها عبر حسابه على تويتر.

وقال ألطون في تغريدته إن الوفد الأمريكي وصل إلى تركيا، وإنه سيلتقي الرئيس أردوغان الخميس.

ويرى الباحث السياسي علي باكير في حديثه لـTRT عربي، أن الوفد الأمريكي جاء في مهمة محددة، هي وقف العملية العسكرية التركية، وقد مهد لذلك من خلال الحديث عن وساطة بين إرهابيي PKK/YPG الذين يعملون تحت مظلة ما يُعرف بقوات سوريا الديمقراطية، والحديث عن إمكانية إقرار الكونغرس عقوبات أقوى على أنقرة إذا لم توقف العملية.

وأضاف باكير أنه "من غير الواضح ما الأوراق الأخرى التي قد تكون في جعبة الوفد، لكن لا أعتقد أن تركيا ستوافق إلا إذا تضمن ذلك الاستجابة لمقترحها المضاد وهو تسليم التنظيمات الإرهابية أسلحتها والانسحاب إلى ما وراء الحدود المعلنة للمنطقة الآمنة المنتظر إنشاؤها".

الوفد الأمريكي جاء في مهمة محددة هي وقف العملية العسكرية التركية

علي باكير - الباحث السياسي

ويشير باكير إلى أن "الموقف الأمريكي أيضاً منقسم على نفسه ويرسل رسائل متضاربة ومتناقضة، وهو ما يزيد الحيرة، لكن الأرجح أن ترمب لا يريد الصدام مع تركيا لكنه مضطر أيضاً في نفس الوقت إلى اتخاذ إجراءات لتخفيف الضغط الداخلي عليه بالإجماع بين الديمقراطيين والجمهوريين ضد تركيا".

ويقول باكير إن "أنقرة هددت بإمكانية اتخاذ خطوات مضادة رداً على العقوبات الأمريكية، لكن أعتقد أيضاً أن الطرفين الأمريكي والتركي يفضلان التوصل إلى تسوية تفادياً للتصعيد"، مشيراً إلى أنه بالتأكيد من وجهة نظر تركيا لا يمكن لهذه التسوية أن تقوم على حماية التنظيمات الإرهابية أو على إبقائها داخل نطاق المنطقة الآمنة التي تسعى أنقرة لإنشائها وهو ما يفتح بدوره المجال أمام سيناريو التصعيد في المواقف مجدداً.

الموقف الأمريكي متخبطاً

أعلنت واشنطن الأحد الماضي على نحو مفاجئ سحب قواتها المتبقية وقوامها ألف جندي، التي كانت إلى جانب قوات التنظيمات الإرهابية PPK/YPG منذ 2014.

وقال ترمب إن القوات الأمريكية ستبقى بأعداد صغيرة في التنف في جنوب سوريا لمواصلة الحرب على فلول داعش، لكن قاعدة التنف لن تفعل شيئاً يُذكر لدعم العمليات في أماكن أخرى من البلاد.

كان ذلك بالتزامن مع بداية العملية التركية نبع السلام لتطهير منطقتها الحدودية من التنظيمات الإرهابية، وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الأحد إن القرار اتُّخذ بعد أن علمت الولايات المتحدة أن تركيا تعتزم توسيع عمليتها في سوريا أكثر من المتوقع.

وكان بيان من السكرتير الصحفي للبيت الأبيض كشف عن أن تعامل واشنطن مع التوغل العسكري التركي كان بوصفه في حكم الأمر الواقع، وذلك بعد اتصال هاتفي بين ترمب والرئيس التركي أردوغان.

وجاء في البيان أن "تركيا ستمضي قدماً قريباً في عمليتها (العسكرية) المخططة منذ فترة طويلة في شمال سوريا."

وأضاف: "لن تدعم القوات الأمريكية العملية أو تشارك فيها، ولن تكون القوات الأمريكية، بعد أن هزمت تنظيم داعش الإرهابي، موجودة في المنطقة القريبة (من العمليات التركية)."

ولكن بعد ضغوط داخلية على إدارة ترمب وانتقادات من مؤسسة الدفاع والكونغرس، خرجت سلسلة من التصريحات والتعليقات، التي بدت متناقضة تماماً، من ترمب ومساعديه، حين وجه الرئيس دعوات لوقف إطلاق النار، وتحذيرات (لتركيا) من عواقب وخيمة، واقتراحات لحل سلمي.

واختتم ترمب الخميس الماضي بقوله إن الولايات المتحدة "أدّت مهمتها على أكمل وجه" في سوريا، ولديها الآن ثلاثة خيارات في التعامل مع الأزمة: إرسال آلاف من القوات لتأمين المنطقة، أو فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، أو "التوسط في صفقة" بين تركيا والتنظيمات الإرهابية في شرق الفرات.

من ناحية أخرى بدت واضحة معاناة المسؤولين في إدارة ترمب في محاولتهم الجمع بين التعبير عن اعتراضاهم على العملية التركية التي طالما سعوا إلى تجنبها، وحرصهم في الوقت ذاته على الدفاع عن قرار الرئيس ترمب، الذي جاء دون تشاور مع الحلفاء الأجانب أو الكونغرس أو حتى بعض أعضاء إدارته، حسب مجلة بوليتيكو الأمريكية.

وفي أحدث تمظهر للتناقض الأمريكي والصراع الداخلي بين المؤسسات الأمريكية، قال ترمب تعليقاً على عملية نبع السلام التركية: "هذه مسألة بين تركيا وسوريا وليست مشكلتنا".

وقال ترمب عن تنظيم PKK/YPG الإرهابي إهم "ليسوا ملائكة"، على عكس تصريحات سابقة تتودد إلى تلك التنظيمات التي طالما قالت تركيا إنها تشكل تهديداً لأمنها القومي.

تركيا لا تأبه بالعقوبات

تقول الرئاسة الأمريكية إنّ بنس سيرأس وفداً إلى تركيا يضمّ إضافةً إلى بومبيو كلّاً من مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين والسفير جيمس جيفري، في مسعى لتأمين "وقف فوري لإطلاق النار وتوفير الظروف لحل تفاوضي".

من جهته أوضح الرئيس الأمريكي أنّ نائبه سيهدّد تركيا بمزيد من العقوبات الاقتصادية إذا لم توافق على وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا.

من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ردّاً على مقترح أمريكي بخصوص عملية نبع السلام تطالب فيه واشنطن بوقف إطلاق النار والوساطة من أجل التفاوض: "لا يمكننا الجلوس إلى طاولة واحدة مع تنظيم إرهابي".

جاء ذلك حسب بيان صادر عن دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، الثلاثاء، نقلاً عن تصريحات صحفية أدلى بها الرئيس، أردوغان، على متن الطائرة عائداً من أذربيجان، حيث كان يشارك في القمة السابعة لـ"المجلس التركي".

وأكد وزير الخارجية التركي أن العقوبات الأمريكية لن تثني تركيا عن المضي قدماً في عملية نبع السلام لتأمين حدودها من التنظيمات الإرهابية.

وأعلنت الإدارة الأمريكية الاثنين، إدارج 3 وزراء أتراك ووزارتين تركيتين في لائحة العقوبات، في إطار استهدافها عملية نبع السلام التي ينفذها الجيش التركي ضد التنظيمات الإرهابية شمالي سوريا.

والعقوبات التي أُعلن أنها ستطال وزراء الدفاع والداخلية والطاقة والموارد الطبيعية، تأتي في سياق هروب البيت الأبيض إلى الأمام، بعد انتقادات داخلية جاءت حتى من أقرب داعمي ترمب، وبعد استعداد الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات أخرى من جانبه.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً