قال دياب إن أول جولة خارجية له ستكون إلى الخليج، لكن السعودية والإمارات اللتين قدّمتا عونا ماليّاً للبنان فيما مضى، بدتا أكثر تحفُّظاً خلال الأزمة الأخيرة (AP)
تابعنا

يشهد الخميس فاعليات الجلسة الأولى لحكومة حسان دياب الجديدة في قصر الرئاسة، بعد يومين من منح البرلمان إياها الثقة، بـ63 صوتاً فقط من أصل 124 نائباً.

وفي الوقت الذي يرفض فيه الشارع الحكومة بشكل كامل، انتقد أغلب النواب البيان الوزاري الذي قدمته الحكومة، معتبرين أنه يفتقر إلى خطة واضحة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والإنمائية.

من جهتها قالت الجهات الدولية الداعمة للبنان إنها تقف وراء حكومة دياب الجديدة، وحثّته على معالجة أزمات البلاد الآخذة في التضخُّم، فيما قال صندوق النقد الدولي إن الحكومة اللبنانية الجديدة طلبت مشورة حول خطتها الاقتصادية.

دعم دولي مشروط

قالت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الأربعاء، إنها تقف وراء حكومة حسان دياب الجديدة، وحثته على تنفيذ إصلاحات كبرى ملموسة وشاملة بشكل سريع وحازم، لـ"وقف الأزمات المتفاقمة وحسر مدّها".

وشدّدَت المجموعة في بيان، على ضرورة أن تعمل الحكومة من أجل استعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي وتفعيل المساعدات الدولية المستقبلية للبنان.

وأعربت عن استعدادها لدعم لبنان في الوقت الذي يبذل فيه الجهود لاستعادة الاستقرار الاقتصادي ومصداقية القطاع المالي، كما أكّدَت جاهزيتها لدعم جهود الحكومة بمحاربة الفساد والتهرب الضريبي.

وتأسست مجموعة الدعم الدولية عام 2013، وتعمل على حشد الدعم لاستقرار لبنان، وتضم كلّاً من الأمم المتحدة، والصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

صندوق النقد: لبنان طلب مشورتنا

طلبت الحكومة اللبنانية الجديدة الأربعاء، غداة نيلها ثقة البرلمان، من صندوق النقد الدولي تقديم مشورة حول خطتها الاقتصادية، وفق ما قاله المتحدث باسم الصندوق.

إلا أن بيان المتحدث باسم الصندوق الدولي جيري رايس، لم يتضمن أي إشارة إلى مساعدة مالية للبنان الذي يعاني أزمة حادة، وجاء فيه أن السلطات اللبنانية طلبت "مشورة ومساعدة تقنية حول تحديات الاقتصاد الكلي التي تواجه الاقتصاد".

وأوضح المتحدث أن من ضمن مهام الصندوق الدولي، الذي يتخذ من واشنطن مقرّاً له، تقديم "المشورة للدول الأعضاء حول السياسات والإصلاحات اللازمة لاستعادة الاستقرار الكلي وتحفيز النمو"، إلا أن "أي قرار حول الدين سيكون للسلطات أن تتخذه بالتشاور مع مستشاريها القانونيين والماليين".

للخروج من أزمته المالية يحتاج لبنان إلى إنقاذ بـ20-25 مليار دولار، بما في ذلك دعم من صندوق النقد الدولي

وزير الاقتصاد اللبناني السابق - ناصر سعيدي

استحقاق اليوروبوندز

شدّدَت جمعية مصارف لبنان الأربعاء، على وجوب سداد استحقاق اليوروبوندز (سندات الدين اللبناني المقومة بالدولار)، المستحقة في مارس/آذار المقبل، في موعدها، والشروع في إجراءات معالجة ملفّ الدَّين العامّ بكامله.

وذكرت الجمعية في بيان، أن وجوب الدفع على الموعد "يُعَدّ حماية لمصالح المودعين ومحافظة على بقاء لبنان ضمن إطار الأسواق المالية العالمية، وصوناً لعلاقاته مع المصارف المراسلة".

واعتبرت جمعية المصارف أن "التزام الحكومة الجديدة دفع السندات يشكّل مؤشراً هامّاً إلى كيفية التعامل مع المجتمع الدولي مستقبلاً".

وأضافت أن "التخلف عن سداد ديون لبنان الخارجية يشكّل حدثاً جللاً، تجب مقاربته بكثير من الدقة والتحسب، وأن المطروح في الواقع هو إعادة برمجة الدين أو إعادة هيكلته بالتفاهم مع الدائنين".

ويستحقّ على لبنان الشهر المقبل سندات بقيمة تبلغ 1.2 مليار دولار، فيما دعا عدد من النواب الثلاثاء، الحكومة إلى التوقف عن سداد الديون المستحقة الشهر المقبل، وإطلاق عملية التفاوض مع الدائنين بالاستناد إلى مشورة صندوق النقد الدولي.

حكومة في وضع صعب

بعد الشلل السياسي الذي عاشته البلاد خلال الأشهر الماضية، تواجه حكومة دياب اليوم مهمة إنقاذ البلد من أزمة مالية حادّة والفوز بثقة المستثمرين والمانحين الأجانب، غير أن استمرار الاحتجاجات وضعف الخيارات يجعلها في وضع صعب.

وكان واضحاً أن عبء دين لبنان العامّ، الذي يعادل نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وما يشهده من عجز مالي، كان غير قابل للاستمرار، حتى من قبل أن تبدأ الاحتجاجات.

ويتوقع مراقبو السوق، على نحو متزايد، أن يواجه لبنان صعوبات في أداء بعض التزاماته، وأن يسعى للتوصل إلى إعادة هيكلة مع الدائنين عند مرحلة ما، حسب وكالة رويترز.

وقد تؤدِّي أي خطوة إلى تأجيل دفع الدين، إلى مزيد خفض تصنيف لبنان الائتماني، وهو المصنَّف سلفاً على أنه داخل النطاق "عالي المخاطر".

كما أن فقدان الليرة نحو ثلث قيمتها الرسمية في السوق السوداء في ظل شحّ الدولار، يجعل خطر خفض قيمة العملة يلوح في الأفق على نحو متزايد.

وحسب وزير الاقتصاد السابق ناصر سعيدي، يحتاج لبنان إلى إنقاذ بـ20-25 مليار دولار، بما في ذلك دعم من صندوق النقد الدولي، للخروج من أزمته المالية، لكن مجيء المساعدة لا يبدو أكيداً في ضوء المساندة التي يلقاها دياب من حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه.

وقال دياب إن أول جولة خارجية له ستكون في المنطقة العربية، لا سيما دول الخليج، لكن السعودية والإمارات اللتين قدّمتا عونا مالياً للبنان فيما مضى، بدتا أكثر تحفُّظاً خلال الأزمة الأخيرة، بل وقد تقلّ رغبتهما في تقديم الأموال في ظلّ وجود دياب في السلطة.

ومن غير الواضح ما إذا كان دياب سيسعى لنيل المساعدة من صندوق النقد، فيما يحذّر بعض المراقبين من أن الولايات المتحدة، الداعم المالي الأكبر للصندوق، قد تعارض أي صفقة بسبب علاقات الحكومة مع حزب الله الذي تعتبره واشنطن جماعة إرهابية.

مع فقدان الليرة نحو ثلث قيمتها الرسمية في السوق السوداء في ظلّ شح الدولار، فإن خطر خفض قيمة العملة يلوح في الأفق (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً