نشطاء وسياسيون إسرائيليون أطلقوا على نتنياهو لقب "ملك إسرائيل" (AP)
تابعنا

كان ذلك نصراً مؤزراً على أحزاب اليسار، نصراً دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الانفعال أكثر من مرّة، وهو يلقي خطاب "الانتصار" أمام حشد من أنصاره في مقر حزب الليكود في تل أبيب.

خرج حزب الليكود ليلة العاشر من أبريل/نيسان منتصراً، بعد أن خاض معركة انتخابية كانت الأصعب في تاريخه، وعكس ذلك خطاب نتنياهو الذي بدا خلاله مندهشاً لا يكاد يصدّق ما أفضت إليه النتائج وما نضحت به الصناديق، ويعكس ذلك قوله مخاطباً أنصاره "هذه ليلة الانتصار الكبير، الإنجاز الذي لا يمكن تصوُّره، منذ متى فزنا بمثل هذا العدد من المقاعد؟".

وعلى الرغم من حالة عدم الثقة المتبادلة بين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، فإن الأخير لم يجد بدّاً من تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن رشحته أحزاب اليمين، وسمّاه 65 عضواً من أعضاء الكنيست أمام الرئيس، وأعربوا عن ثقتهم بأنه الرجل الأنسب لقيادة المرحلة المقبلة.

عهد يميني جديد

المرحلة المقبلة في إسرائيل لا تبدو متشابهة هذه المرّة مع ما سبقها من مراحل ومنعطفات، وهي مرحلة رُسمت معالمها مسبقاً، وتبدو واضحة قبل أن تبدأ خطة تنفيذها.

ولعل مطالب الأحزاب اليمينية الفائزة في الانتخابات، تكشف عن الخطوط العريضة لهذه المرحلة، تلك الشروط التي وافق عليها نتنياهو ضمنياً قبل أن تُطرح على طاولة المفاوضات، ذلك أن بعضها يصب في مصلحته الشخصية من جهة، ويصب البعض الآخر في صالح سياسة حكومة اليمين التي يسعى "ملك إسرائيل" كما بات يُطلق عليه إلى تأسيسها، لخوض مرحلة جديدة من مراحل التاريخ ومنعطفاته في ظل الدعم المُطلق الذي تتلقاه إسرائيل من الإدارة الأمريكية بزعامة ترمب، والسعي العربي غير المسبوق إلى التطبيع مع تل أبيب.

وكان أوّل ما قاله نتنياهو لدى صدور النتائج الأولية للانتخابات، إنه سيمضي قدماً من أجل تشكيل الحكومة الجديدة "مع أحزاب اليمين، التي تعد شريكاً طبيعياً لنا، منذ هذه الليلة".

ومنذ اللحظة الأولى لفوزه، بدأت الشروط على نتنياهو تنهال أفواجاً، فمن كل حدب وصوب بدأت أصوات اليمين تتعالى، يُشكل صداها معالم الحكومة الجديدة، بخاصة أن رئيس الوزراء لن يستطيع تشكيل حكومته في معزل عن هذه الأحزاب التي تشكل لُبّ اليمين، وسط تربص أحزاب اليسار-وسط به، وهي أحزاب يقودها تحالف أزرق-أبيض الذي حظي بعدد مقاعد مساو لما حصل عليه حزب الليكود.

وتبدو أصوات اليمين متحدة ومتفقة حول مستقبل واحد، "لا نجد حرجاً من إعادة الانتخابات، إن لم يُلبّ نتنياهو شروطنا".

القضاء على حماس

هدد رئيس حزب يسرائيل بيتينو، ووزير الدفاع السابق أفغيدور ليبرمان بالذهاب إلى انتخابات جديدة، في حال لم يتوصل إلى اتفاق مع نتنياهو، ورغم أنه كان أوّل من أوصى بتكليف نتنياهو برئاسة الحكومة الجديدة، فإنه قال "من يظن بأننا قد نتنازل عن ثوابتنا من أجل إقامة حكومة وحدة فهو واهم، هذا لن يحدث أبداً، ولا حرج لدينا من إعادة الانتخابات".

وخلال اجتماعه بنتنياهو، وضع ليبرمان عدة شروط للانضمام إلى الحكومة الجديدة، أهمها تشريع قانون التجنيد المثير للجدل، وهو القانون الذي ينص على تجنيد اليهود المتدينين في صفوف الجيش الإسرائيلي.

واشترط ليبرمان على نتنياهو أيضاً، حسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن يخوض في مباحثات معه كي يتسلم حقيبة وزارة الدفاع، شريطة أن يُسمَح له بتنفيذ "خطة التعامل مع حركة حماس" في قطاع غزة.

ويرفض ليبرمان التوصل إلى أي اتفاق هدنة مع حماس، ويرى أن الحل الوحيد يتمثل في توجيه "ضربة عسكرية واسعة وقاصمة" كفيلة بأن تنهي الحركة كلها.

وعقب اللقاء كتب ليبرمان على صفحته الرسمية في تويتر تغريدة حملت موقفه، قال فيها "حزب يسرائيل بيتينو لديه أجندة واضحة، برنامجنا يقوم على ثلاث قواعد أساسية: الأمن، والدين والدولة، وهجرة اليهود إلى إسرائيل".

وقال "رغم إرادتنا الواضحة الانضمام إلى الحكومة، واستعدادنا لإبداء بعض الليونة، فإننا لن نتنازل عن ثوابتنا".

ويُتوقع أن يثير قانون تجنيد اليهود المتدينيين جدلاً واسعاً، ففي الوقت الذي يطالب فيه ليبرمان بسن هذا القانون، يرفض حزبا شاس ويهودوت هتوراه التقدم ولو بخطوة واحدة نحو تشريعه، وقال الحزبان في بيان "لن نسمح بأن يتم تجنيد حتى متدين واحد، من يتلُ التوراة لا يقاتل في الجيش". معالم المرحلة المقبلة

معالم المرحلة المقبلة

في الجهة المقابلة، تبدي الأحزاب اليمينية التي يشكلها "الحريديم" قدراً كبيراً من الجديّة والتمسك بـ"الثوابت"، وتسعى إلى ابتزاز نتنياهو، للحصول على وزارتين مهمتين لليهود المتدينين، هما وزارتا التعليم والقضاء.

ويشير الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أن المعركة على وزارتي القضاء والتعليم ستكون صعبة للغاية، إذ يتمسك تحالف أحزاب اليمين بالحصول على الوزارتين، فيما لا يتسطيع نتنياهو التخلي تحالفه مع هذه الأحزاب التي فازت بـ18 مقعداً، وباتت تشكّل الكتلة الثالثة من حيث الحجم في الكنيست.

وترى صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن احتفاظ اليمين بوزارات التعليم والدفاع والقضاء، وكذلك استفراده بالحكومة، يعني أن المشهد الإسرائيلي في المرحلة المقبلة سيكون شبيهاً بما كان عليه خلال فترة الحكومة الماضية، وسيحمل الأجندة ذاتها.

وتشير التقديرات، بحسب قراءة هآرتس لأجندة الأحزاب وشروطها إلى أن حكومة نتنياهو الجديدة سوف تُعنى في قضايا ذات أهمية كبيرة، من ضمنها السعي إلى إضعاف محكمة العدل العليا وتقييدها، وملاحقة مؤيدي مقاطعة إسرائيل، وملاحقة الجمعيات اليسارية، وسن قوانين من شأنها الإضرار بفلسطينيي 48، وتقييد وسائل الإعلام، ودعم الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية.

يشار إلى أن بنيامين نتنياهو كان قد قال إنه يسعى إلى فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في حال فاز في الانتخابات، فيما يبدو أن الأمر تعدى كونه تصريحاً انتخابياً فقط، حيث تدعم أحزاب اليمين التي قد تشكل ائتلاف نتنياهو هذا التوجه، بل ورفض تحالف أحزاب اليمين أي مفاوضات تتعلق بالمستوطنات، ووضع ذلك ضمن شروطه، وقال إنه "يرفض إجلاء أي شخص من مستوطنات الضفة، ولو مستوطناً واحداً".

قوانين عنصرية

تقول هآرتس إن عديداً من القوانين التي سعت أحزاب يمينية إلى تشريعها خلال الحكومة الماضية ستعود إلى الواجهة، ومن ضمنها قانون يسمح بإعدام الفلسطينيين الذين يدانون بقتل إسرائيليين، والذي يعرف باسم "عقوبة الموت للإرهابيين"، القانون الذي كان يتمسك به رئيس حزب يسرائيل بيتينو أفغيدور ليبرمان.

إضافة إلى ذلك، تقول الصحيفة إن أهم القوانين التي قد تعود إلى هيئة الكنيست للتصديق عليها في الفترة المقبلة، قانون يسمح بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، والذي سيرحب به نتنياهو.

على صعيد آخر، طرح تحالف أحزاب اليمين، مشروع قانون جديد، وهو قانون "الحصانة" الذي يمنع تنفيذ الحكم برئيس الوزراء أثناء توليه منصبه، وهو القانون الذي من المتوقع أن يرحب به نتنياهو الذي يواجه تهماً بخيانة الأمانة وتلقي الرشاوى.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً