إعلان ترمب يأتي بالتزامن مع اقتراب موعد عملية عسكرية يُرتقب أن تشنّها أنقرة ضدّ التنظيمات الإرهابية شمالي سوريا (وزارة الدفاع التركية)
تابعنا

ردود فعل متباينة خلّفها إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على نحو مفاجئ، انسحابَ جزءٍ من قوات بلاده المنتشرة شمالي سوريا، لا سيما وأن الإعلان يأتي بالتزامن مع تصريحات للمسؤولين الأتراك حول اقتراب ساعة الصفر لعملية عسكرية هناك تهدف أنقرة منها إلى تطهير المنطقة من التنظيمات الإرهابية.

"تركيا شريك اقتصادي وحليف في الناتو"

تَعرَّض ترمب لهجوم واسع من أعضاء جمهوريين وديمقراطيين في الكونغرس على خلفية إعلان الانسحاب، إذ قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل، إن "أي صراع كبير جديد بين تركيا وشركائنا في سوريا، سيخاطر بالإضرار بعلاقات تركيا مع أمريكا"، ودعا الرئيس ترمب إلى "إظهار الزعامة الأمريكية، بالحفاظ على التحالف متعدد الجنسيات ضدّ تنظيم داعش الإرهابي".

من جانبها قالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي، إن "قرار ترمب سحب القوات الأمريكية من سوريا مقلق للغاية"، مضيفة في بيان صدر عنها "على ترمب العدول عن قراره الخطير بشأن سحب القوات من شمال سوريا".

الهجوم دفع الرئيس الأمريكي إلى التذكير بحقيقة أن "تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة، وفي حقيقة الأمر فإنهم (الأتراك) يصنّعون الإطار الهيكلي الفولاذي للمقاتلة الأمريكية F-35. كما أن التعامل معهم كان جيداً".

وأضاف ترمب "لنتذكر دائماً بأن تركيا عضو مهم في حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، لافتاً إلى أنه سيستقبل نظيره التركي رجب طيب أردوغان الذي من المرتقب أن يزور الولايات المتحدة في 13 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وكان ترمب صرّح الاثنين، بأن لديه علاقة جيدة مع أردوغان، مؤكداً أنه لا ينحاز لأي طرف في سوريا، وأن قراره سحب قوات بلاده من سوريا "كان صحيحاً".

وتابع في تصريحات أدلى بها للصحفيين "منذ سنوات ونحن في سوريا، وكان يجب أن تكون مهمتنا العسكرية في هذا البلد قصيرة"، مضيفاً أن "المنطقة (التي ستنفذ فيها تركيا عمليتها العسكرية) تضمّ نحو 50 جنديّاً أمريكيّاً، وأنه لا يريد أن يصيبهم أي أذى".

عودة الأمور إلى نصابها الطبيعي

رأى الصحفي والباحث السياسي التركي عمر أوزكيزيلجيك أن قرار الرئيس الأمريكي الأخير بمثابة خطوة على طريق عودة العلاقات الأمريكية-التركية إلى طبيعتها المعهودة، بعد فترة من التوتر ربما كان سببها الرئيسي دعم الولايات المتحدة مقاتلي تنظيم PKK/YPG الإرهابي شمالي سوريا، وما يحمله ذلك من تهديدات خطيرة على أمن تركيا القومي.

وتابع أوزكيزيلجيك في مقال نُشِر الاثنين على موقع TRT World "قد ينهي القرار الذي اتخذته إدارة ترمب السخافة التي انطوى عليها دعم الولايات المتحدة جماعة تصنّفها الحكومة الأمريكية نفسها تنظيماً إرهابياً. وعلى الرغم من الانتقادات التي قد يوجّهها بعض المحللين الأمريكيين الذين صدّقوا القصص الخيالية حول (ثورة روجافا) المزعومة، فإن ما يفعله الرئيس الأمريكي حاليّاً هو ما يمكن تسميته بالسياسة الواقعية".

ورجّح المحلّل السياسي التركي في مقاله أن يكون قرار الانسحاب الحالي أكثر جدية من قرار مماثل اتخذه ترمب قبل أشهر، مدللاً بأن "الإعلان صاحبه تقارير ميدانية تُفيد بانسحاب القوات على الأرض"، لافتاً إلى أن اللحظة الحالية قد تكون أكثر الأوقات المواتية لتحرك تركي سريع في الميدان.

ترمب يهدّد أيضاً

لم تتوقف تصريحات ترمب عند إعلانه انسحاب قوات أمريكية من شمالي سوريا، إذ تبع الإعلان تصريحات أخرى تحمل نبرة عدائية تجاه تركيا، هدّد فيها بأنها إن أقدمت على محاربة مقاتلي تنظيم PKK/YPG المدعوم أمريكياً، فإنه سيوجِّه ضربات قاسية إلى الاقتصاد التركي، مضيفاً أنه فعل ذلك من قبل، في إشارة إلى تهديدات مماثلة أطلقها العام الماضي وتسببت في تراجع لليرة التركية أمام العملات الأجنبية.

ويرى مراقبون أن تصريحات ترمب حول الاقتصاد التركي قد تهدف إلى تخفيف حدة التوتر بين أقطاب الإدارة الأمريكية بسبب قراره سحب القوات من شمال سوريا، في ظل استعداد تركيا لإطلاق عملية عسكرية ضدّ التنظيمات الإرهابية هناك.

وقال رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب بخصوص تهديد ترمب "نعتقد أن تصريحاته متعلقة بالسياسة الداخلية الأمريكية، وأنقرة لا تولي هذا التهديد أي قيمة، ولا يمكن لأحد أن يهدّد بلادنا".

تنظيم YPG الإرهابي يتوجه إلى النظام السوري

في أول ردّ فعل على قرار ترمب، أعرب تنظيم ما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية" الذي يتشكل في معظمه من عناصر YPG/PKK الإرهابي، عن نيته التعاون مع نظام بشار الأسد لمواجهة العملية التركية المرتقَبة شرق الفرات.

جاء ذلك على لسان شاهين جلو الملقب بمظلوم عبدي القائد في التنظيم، إذ نقلت عنه وسائل إعلام مقرَّبة من التنظيم الإرهابي قوله "إنهم يفكرون في التعاون مع النظام السوري لمواجهة تركيا".

وكان التنظيم المذكور أجرى مفاوضات مع النظام لدخول مدينة عفرين خلال عملية غصن الزيتون التي انطلقت في أواخر عام 2017، إلا أن الجانبين لم يتوصلا إلى اتفاق.

TRT عربي
الأكثر تداولاً