حميدتي قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي (صفحة قوات الدعم السريع)
تابعنا

منذ بداية الاعتصام بالقيادة العامة بالخرطوم والذي احتمى فيه المعارضون للرئيس السابق عمر البشير بالقوات المسلحة السودانية، بعد ما وصفوه بالمجازر التي حصلت ضدهم، برزت قوى عسكرية ذات تأثير كبير في المشهد السوداني، والتي لعبت دوراً محورياً في ترجيح كفّة المعتصمين، كان على الرأس منها، قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، والتي كانت تعد سابقاً إحدى أبرز دعائم نظام البشير، والتي حظيت برعاية خاصة ومباشرة من منه.

يعود أصل هذه القوات حسب مراقبين، إلى ميليشيا مقاتلة تسمى "الجنجويد"، ولا يوجد تفسير متفق عليه لهذه الكلمة فالبعض يجعلها لفظاً منحوتاً من العبارة "جن على جواد" والبعض يقول إنها نُحتت من ثلاث كلمات تبدأ كلها بحرف الجيم وهي: جن وجواد وجيم ثالثة نسبة للسلاح المعروف G3. ومهما تعددت تفاسير اللفظ فإن له معنى مشتركاً بينها جميعاً وهو أنها جماعة مسلحة في دارفور، يحمّلها أكثر من طرف مسؤولية الإخلال بالأمن في الإقليم.

أثارت نشأة هذه القوات وتطورها وانتشارها، العديد من الأسئلة حول طبيعة هذه القوات، والتي أصبحت عقب عزل البشير، ركيزة أساسية في تشكيل مشهد ما بعد الثورة، حيث أصبح قائدها، حميدتي نائباً لرئيس المجلس العسكري، وصاحب القوة التنفيذية الفاعلة في العاصمة الخرطوم، بالإضافة لارتباطاته الخارجية بالإمارات والسعودية ومصر.

"اليوم الأخير في الوجود"

"يوم مرور قوات الجنجويد على قرية يُعتبر يومها الأخير في الوجود".

- محمد آدم إدريس، أمين تنظيم جيش تحرير السودان-

لا يمكن فهم طبيعة قوة الجنجويد، إلا بالنظر لتاريخ مأسستها، إذ إن القوات متهمة سابقاً بجرائم حرب نفذتها في عدد من المناطق السودانية، وهو الأمر الذي اضطُرّ معه البشير لإعادة هيكلة تلك القوات ونزع صفة القبلية عنها، ومأسستها ضمن أجهزة الأمن تحت مُسمّى قوات الدعم السريع في العام 2013م، وذلك بقوة قوامها سبعة آلاف مقاتل طبقاً لتصريحات سابقة لقائدها حميدتي.

تشكّلت النواة الأساسية لهذه المجموعة المسلحة من أبناء إقليم دارفور، والتي سُرعان ما انضم إليها لاحقاً مجموعة من أبناء الولايات الأخرى، وهي القوات ذاتها التي أسندت إليها مهام قتال الحركات المسلحة في إقليم دارفور الملتهب عام 2003م، حيث تمكنت قوات الدعم السريع في وقت وجيز من هزيمة الحركات التي تقاتل ضد الخرطوم، حيث انتصرت في معركة البعاشيم في العام 2014 ثم في المعركة التي دارت بمنطقة قوز دنقو بجنوب دارفور في 2015، وكانت تلك المعركة بمثابة قاصمة الظهر لقوات حركة العدل والمساواة التي يقودها جبريل إبراهيم، والتي مازالت تحمل السلاح حتى الآن، حيث تم إبادة الكثير من قواتها وأسر المئات في هذه المعركة.

وبعد تلك المعارك الطويلة، أضحت قوات الدعم السريع أكثر شهرة وتأثيراً، وتستمد قوتها مباشرةً من الرئيس السابق عمر البشير، الذي ظل يغض الطرف عمّا يتردد عن انتهاكات جنودها المستمرة، وتذمّر ضباط الجيش من قلة انضباط جنودها والتأثير السلبي لهذه القوات على ميزان القوة واستقرار البلاد.

وكان مجلس الأمن الدولي طالب الحكومة السودانية منذ أغسطس/آب 2004 في قرار بشأن دارفور، بنزع أسلحة الجنجويد وضرورة تعقب الضالعين في القتل والنهب والاغتصاب. وقد برز اسم الشيخ موسى هلال، ناظر قبيلة المحاميد العربية بدارفور بوصفه زعيم الجنجويد وقد رفع متمردو دارفور اسمه في صدر قائمة قالوا إنهم من قاموا بالتطهير العرقي. وتبنت الولايات المتحدة وقتها اتهام الشيخ موسى هلال بتزعم الجماعة المسلحة وهو الأمر الذي ينفيه هلال عن نفسه.

الرقم الصعب

لم تأت تحذيرات حميدتي المتواصلة، من المخططات التي تستهدف قوات الدعم السريع التي يقودها من فراغ، بل جاءت ضمن صراع الأجهزة داخل المؤسسة العسكرية والاتهامات الكبيرة لهذه القوات بقتل المعتصمين.

حميدتي صاحب الظهور الإعلامي المتكرر، طالما أكد على أن مطالب القوى السياسية المشاركة في الاحتجاجات بتشكيل حكومة هي مطالب مشروعة، مشيراً إلى أنه "يدعو لقيام دولة مدنية لكن بالقانون ومشاركة كل الشعب السوداني".

وسعى حميدتي أيضاً إلى إظهار أن بوسعه تولي السياسة الخارجية. ففي رحلة إلى السعودية شهر مايو/أيار الماضي، التقى ولي العهد السعودي وقال إنه سيدعم المملكة في مواجهة أي تهديدات وهجمات من جانب إيران وذلك وفق بيان أصدره المجلس العسكري.

رويترز نقلت عن دبلوماسي غربي كبير قوله إن "حميدتي يلعب دوراً بارزاً على نحو متزايد يتجاوز اختصاصه الأساسي بالأمن. وهذا يشير إلى طموح بأن يلعب دوراً سياسياً في المدى الأطول".

وأضاف الدبلوماسي "من شأن دور قيادي أكثر بروزاً لحميدتي أن يقوض المطلب الشعبي الواضح بقيادة مدنية في السودان".

صحيفة فورين بوليسي أشارت في تقرير لها إلى دور قوات الدعم السريع، وتأثيرها على المشهد وسعيها إلى فرض رؤيتها على الميدان.

وأفادت الصحيفة أن حميدتي ادعى في مقابلة تلفزيونية معه بعد الانقلاب، أن البشير طلب منه مع بقية قادة الجيش في بداية نيسان/أبريل فتح النار على المتظاهرين، مستنداً إلى بعض الآراء في المذهب المالكي، بأنه يجوز للحاكم قتل ما بين 30-50% من الشعب لحماية البقية، لكنه قرر "عدم الوقوف أمام التغيير".

ونوهت الصحيفة إلى أن الرئيس الأول للمجلس، عوض بن عوف استقال بعد 24 ساعة لاختلافه مع حميدتي، الذي فضّل البرهان، لافتة إلى أن حميدتي تابع حملة العلاقات العامة، وزار الجرحى من المتظاهرين في المستشفى، لكنه هدد المتظاهرين في مؤتمر صحفي عقده في 30 نيسان/أبريل، متهماً إياهم بإدمان المخدرات، وقال إنه لن يتسامح مع استمرارهم في عرقلة حركة الشوارع.

ويقول تقرير فورين بوليسي إن "من نظر إليه في الماضي على أنه نكتة، بدأ يتم التعامل معه على أنه تهديد على آمال الديمقراطية، وبالتأكيد فقد وضع حميدتي قواته -حوالي 9 آلاف عنصر موجود في الخرطوم، بالإضافة إلى 4 آلاف عنصر جلبهم من دارفور- من أجل مواجهة المتظاهرين، والجيش أو أي طرف يهدده".

ويشير التقرير إلى أن "حميدتي يحظى بدعم رجال العشائر العربية الذين أسسوا الجنجويد قبل 16 عاماً، ولو وصلوا إلى السلطة فذلك يعني تحويل السودان من دولة عسكر إلى دولة مليشيا، واستبدال الشعارات الإسلامية بشعارات التفوق العربي".

#مبادرة السلام الشامل

Posted by ‎قوات الدعم السريع - الاعلام الالكتروني‎ on Thursday, 30 May 2019

ويذكر التقرير أنه "حتى لو تم سحب سلاح جماعات في الجنجويد، إلا أنها لا تزال ناشطة قرب الحدود مع ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتقول تقارير أن بعض مقاتلي الجنجويد انضموا للجماعات الجهادية في مالي".

وتؤكد فورين بوليسي أن "هذه القوات أصبحت في مقام قوة الجيش السوداني النظامي والقوى الأخرى في المنطقة، وأي محاولة لنزع سلاحهم قد تنتهي بحمام دم، والقضية في السودان ليست مجرد فك اعتصام".

TRT عربي
الأكثر تداولاً