تمدد الدور الروسي في ليبيا من مرتزقة فاغنر  إلى المقاتلات الحربية (AA)
تابعنا

لطالما اتسمت سياسة فرنسا في ليبيا بالتذبذب وعدم الوضوح فيما إذا كانت تؤيد الحكومة الشرعية، وهو ما تدعيه ظاهرياً، أو تدعم مليشيات حفتر وهو ما يحدث عملياً على أرض الواقع.

وتزيد تصريحات المسؤولين الفرنسيين غموض موقف باريس الذي يظهر رافضاً للحرب في ليبيا، من خلال تصريحات تؤكد "أنه لا يمكن تحقيق نصر عسكري في ليبيا، ودعوة كافة الأطراف إلى ضبط النفس، والالتزام بعملية السلام الأممية.

لكن، ورغم تلك التصريحات لم يعد يخفى على أحد أن فرنسا من بين الدول التي شاركت في الحرب بالوكالة في ليبيا من خلال دعمها مليشيات حفتر.

وفي منتصف العام الماضي عثرت قوات الوفاق على أربعة صواريخ مضادة للدبابات من طراز "جافلين" خلال مداهمة قاعدة تابعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في مدينة غريان جنوبي طرابلس، وأقرت فرنسا بأن تلك الصواريخ تعود للجيش الفرنسي، وإن نفت أنها سلمتها لـ"قوات محلية".

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، نهاية يونيو/حزيران الماضي، تقريراً حول الإقرار بملكية فرنسا للصواريخ الأربعة المضادة للدبابات.

وسبق أن كشفت وسائل إعلام عدداً من المواقف المشبوهة لفرنسا داخل ليبيا. وكانت تونس قد أعلنت ضبط مجموعة تتكون من 13 فرنسياً، قدموا إليها عبر ست سيارات رباعية الدفع، تحت غطاء دبلوماسي، لكن المجموعة كانت تحمل أسلحة وذخيرة، لتثير الجدل فيما بعد عن دورها في دعم خليفة حفتر، إلا أن باريس قالت إن الأمر يتعلق بأفراد فريق الحماية الأمنية لسفيرة فرنسا في ليبيا.

قلق فرنسي من روسيا

وعادت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء، لإظهار بلاده مظهر الحريص على السلام، حين قال "إن سيناريو سوريا يتكرر في ليبيا"، مبدياً قلقه من الوضع هناك، فإذا لم يعد الطرفان المتحاربان في ليبيا إلى طاولة التفاوض سيتدهور الوضع ويهدد أوروبا.

ويأتي قلق فرنسا الأخير بعد دخول روسيا بقوة في الساحة الليبية، حيث أكدت باريس أن موسكو تولت جلب مقاتلين سوريين لدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في حربها ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية، وحذرت من تكرار سيناريو سوريا في ليبيا.

وفي مطلع مايو/أيار الجاري أكد تقرير أممي وجود مرتزقة في ليبيا تابعين لمجموعة فاغنر المعروفة بقربها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحاربت حكومة الوفاق مراراً هؤلاء المرتزقة، وأجبرتهم على الانسحاب من بعض المواقع.

روسيا تدفع إلى الأمام

وتستخدم روسيا شركة فاغنر الخاصة الممولة حكومياً في ليبيا، لإخفاء دورها المباشر وإنكار ضلوعها في أعمال خبيثة، كما فاقم الدور الروسي سوء الوضع وضاعف أعداد الضحايا.

وكشفت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، الأربعاء، عن إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا.

ونشرت القيادة على موقعها الإلكتروني، بياناً ضمن سلسلة بيانات تتحدث عن الدعم الروسي لمرتزقة شركة فاغنر التي تقاتل لمصلحة مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

ورصدت القيادة انطلاق مقاتلات ميغ 29، وسوخوي 24، من روسيا خلال مايو/أيار الجاري، كانت تحمل شعار القوات الجوية الروسية، لكن بعد هبوطها في قاعدة حميميم غربي سوريا، تمت إعادة طلاء مقاتلات ميغ 29، وخروجها من القاعدة دون أي علامات تدل على تبعيتها لدولة ما.

وكشفت القيادة الأمريكية أن أفراداً من الجيش الروسي يرافقهم مقاتلون روس يتمركزون في ليبيا، هم من نقلوا الطائرات إلى ليبيا، وأنهم هبطوا قرب مدينة طبرق شرقي البلاد للتزود بالوقود.

وقال قائد "أفريكوم" ستيفن تاونسند، إن "روسيا تحاول بوضوح قلب الموازين العسكرية في ليبيا لمصلحتها، وكما فعل الروس في سوريا، فهم يوسعون نفوذهم العسكري في إفريقيا، مستخدمين جماعات مرتزقة تدعمهم الحكومة مثل فاغنر".

وأضاف تاونسند أنه "لفترة طويلة، دأبت روسيا على إنكار ضلوعها في الصراع الليبي الراهن، ولكن الروس لا يستطيعون أن ينكروا الآن".

وتابع الجنرال الأمريكي: "رأينا مقاتلات الجيل الرابع تحلّق إلى ليبيا٫ ونعلم جميعاً أنه لا مليشيا حفتر ولا الشركات العسكرية الخاصة المتعاقَد معها يستطيعون إطلاق تلك الطائرات أو صيانتها والإبقاء عليها عاملة، من دون دعم دولة٫ هي روسيا".

بدوره، قال قائد سلاح الجو الأمريكي في إفريقيا وأوروبا الجنرال جيف هاريجيان إنه "في حال نجحت روسيا في الوجود عسكرياً على الساحل الليبي، فإن الخطوة التالية منطقياً ستكون نشر معدات عسكرية ذات قدرات كبيرة لوقت طويل في المنطقة، ويشكل ذلك مخاوف أمنية حقيقية للغاية على الجناح الجنوبي لأوروبا".

العالم بأسره استمع إلى حفتر وهو يعلن نيته شن حملة جوية جديدة، السبب هو أن الطيارين المرتزقة الروس الذين سيحلقون بمقاتلات روسية عازمون على قصف الليبيين

قائد أفريكوم - ستيفن تاونسند

استمرار تقدم الوفاق وانسحاب فاغنر

ميدانياً، أعلن الجيش الليبي، مساء الأربعاء، تدمير 10 آليات مسلحة تابعة لمليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، وسيطرته على "تمركزات مهمة" في محوري "الأحياء البرية" و"الكازيرما"، بالقرب من المطار الدولي القديم جنوبي العاصمة طرابلس.

وقال الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب مصطفى المجعي لـTRT عربي إن "مليشيات حفتر منيت بهزائم كبيرة وتوجد انهيارات في صفوفها، ومسألة الحسم في محاور جنوب طرابلس باتت قريبة جداً".

وأضاف: "ما يعيق تقدم قوات الوفاق هو زرع كم كبير من الألغام من قبل مرتزقة حفتر، وخاصة قوات فاغنر".

ورأي المجعي أن المرتزقة الروس فروا بسبب الهزائم التي ألحقتها بهم قوات الوفاق، مشيراً إلى أن الصور التي ظهرت مؤخراً لهروبهم فاقت المتوقع.

وعن تأثير انسحاب مرتزقة فاغنر على مليشيات حفتر، قال المجعي إن "حفتر لم يعد موجوداً على الساحة بنظر داعميه لأنه خسر المعركة وفشل في الدخول لطرابلس، وهو أمر تسبب بتفكيك قواته".

من جانبه، قال المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك، رداً على سؤال بشأن ما أعلنته القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، أن روسيا أرسلت إلى ليبيا مؤخراً مقاتلات لدعم المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب قوات حفتر، "نتابع بقلق بالغ التقارير الأخيرة بشأن تدفق هائل للأسلحة والمعدات والمرتزقة دعماً لطرفي النزاع الليبي".

ما لا يقل عن 14 مقاتلة روسية تمت إعادة طلائها وجرى إرسالها إلى قاعدة الجفرة الجوية في ليبيا (أفريكوم)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً