ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان يتصدر وسائل الإعلام الدولية بمشكلة جديدة  (AFP)
تابعنا

عاد الحديث عن ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان يتصدر وسائل الإعلام الدولية بعد نشر معلومات تشير إلى احتمال ضلوعه في اختراق هاتف مؤسس موقع أمازون ومالك صحيفة "واشنطن بوست" جيف بيزوس، وهو ما أعلنه مسؤولان أمميّان.

وأضيفت هذه الفضيحة إلى رصيد الفضائح التي عَلِقت بابن سلمان، الشخص الذي لطالما أثار الجدل منذ توليه منصب ولي العهد، ليتحول لاحقاً إلى عبء على السعودية من خلال توريطه لها في عدة قضايا، وهو ما يدفعها دائماً للنفي ليثبت تورطه فيما بعد.

فبعد نفي السعودية مقتلَ الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، ثبت توريط ابن سلمان لبلاده في جريمة اعتبرت الأبشع على مستوى العالم، لتنكشف الحقيقة بالتدريج، وتعترف الرياض بنفسها ببعض تفاصيل الجريمة دون أن تحاكم أهم المتورطين فيها.

وفضح مقتل الصحفي جمال خاشقجي المكانة الحقيقية التي يحظى بها ولي العهد في الوطن العربي، وهو الأمر الذي قاله الصحفي البريطاني البارز ديفيد هيرست في مقال له بموقع "ميدل إيست آي"، وأضاف " لم يعد هو وطغاة آخرون في المنطقة يمثلون عوامل استقرار فيها، وهو ليس بالشخص الذي يمكن الاعتماد عليه في أداء مهام دون ارتكاب أخطاء جسيمة".

وأعادت قضية اختراق هاتف بيزوس أخطاء ابن سلمان إلى الواجهة، وعادت الرياض لتبرير تصرفاته، حيث نفى وزير الخارجية السعودي فيصل ابن فرحان آل سعود لوكالة رويترز الحادثة قائلاً "فكرة أن يخترق ولي العهد هاتف جيف بيزوس فكرة سخيفة بالتأكيد"، كما نفت السفارة السعودية بواشنطن الأمر وطالبت بإجراء "تحقيق في هذه الادعاءات".

في السياق ذاته، لم تمر ساعات على فضيحة اختراق هاتف بيزوس حتى تعرض مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" في العاصمة اللبنانية بيروت، بين هابرد، لمحاولة قرصنة هاتفه الشخصي عن طريق أشخاص مرتبطين بالسعودية.

وكتب هابرد في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "قراصنة مرتبطون بالسعودية حاولوا اختراق هاتفي"، مشيراً إلى أن تلك المحاولة تمت بعد شهر من قرصنة هاتف جيف بيزوس".

تصرفات متناقضة.. إصلاحات واعتقالات

وعلى الرغم من محاولات ابن سلمان لما يسميه تحديثاً للمجتمع السعودي، وإجراء إصلاحات لبعض الأمور مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أنه كان مشرفاً على حملة اعتقالات واسعة.

وطالت الاعتقالات رموز ما يُعرف بتيار الصحوة من المفكرين ورجال الدين والاقتصاديين والصحفيين والشعراء، الذين عارضوا النظام الحاكم تصريحاً أو تلميحاً، وكان مصيرهم السجن، فيما يواجه بعضهم تهماً تصل عقوبتها إلى الإعدام، بالإضافة إلى عشرات النساء من الناشطات والحقوقيات.

وتضمن التقرير الذي أعدته مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أغنيس كالامارد، تحذيرات من اعتقال السعودية عدداً من الصحفيين والسياسيين، وقالت كالامارد في تقريرها إنّها توصلت إلى أدلة "مقنعة" على أنّ CIA، حذرت 4 دول غربية من أنّ المعارضين لسياسات السعودية في هذه الدول تحت التهديد.

وكشف التقرير الذي حمّل السعودية مسؤولية قتل خاشقجي عمداً، عن وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين كبار، بينهم ولي العهد، كما كشفت مصادر حقوقية سعودية أن عدد معتقلي الرأي بالمملكة ناهز 3 آلاف معتقل، منذ سبتمبر 2017.

نشطاء حقوق الإنسان في السعودية مهددون بالانقراض؛ إذ إنهم يختفون واحداً تلو الآخر-حيث يتعرضون للملاحقات القضائية أو السجن أو الترهيب لإسكاتهم، أو يُرغمون على العيش في المنفى، الأمر الذي يُظهر منهج عدم تسامح السلطات مطلقاً مع حرية التعبير

منظمة العفو الدولية

اليمن.. الورطة التي لم تنتهِ

منذ تسلم ولي العهد السعودي منصب وزير الدفاع، تقود السعودية حرباً وصفتها منظمات دولية بـ"لا إنسانية" في اليمن منذ مارس/آذار 2015، وتقود تحالفاً عسكرياً تسببت ضرباته لمواقع حساسة ومكتظة بالمدنيين في اليمن إلى مقتل أعداد كبيرة منهم.

وأفادت تقارير خبراء في الأمم المتحدة أن التحالف ارتكب في اليمن جرائم تجاوزت الحدود وقد ترقى إلى مستوى "جرائم حرب".

ووضحت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير لها أن "النزاع المسلح في اليمن تسبب منذ اندلاعه في مقتل وإصابة آلاف المدنيين اليمنيين، وأضافت "من المرجح أن عدد الإصابات الفعلي في صفوف المدنيين عالٍ جداً، وقد نزح آلاف آخرون بسبب القتال، ويعاني ملايين من نقص الغذاء والرعاية الطبية".

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه بعد مرور أربع سنوات، وصلت الحرب في اليمن إلى طريق مسدودة، وأصبح ابن سلمان في مستنقع، مشيرة إلى أنها أصبحت ورطة بالنسبة لولي العهد، خاصة بعد انسحاب الإمارات الذي أثار تساؤلات عن مدى قدرة السعودية على قيادة الحرب بمفردها.

وأشارت كريستين سميث ديوان، المحللة بمعهد دول الخليج العربي إلى أن "حرب اليمن تضر بمصداقية ابن سلمان كقائد ناجح". وأضافت "ليس الكثير من الناس في المملكة العربية السعودية يشعرون أن هذا استثمار حكيم للمستقبل".

قُتل ما لا يقل عن 12 ألف مدني في هجمات مباشرة من بين أكثر من 100 ألف شخص قُتلوا منذ تدخل التحالف السعودي والإماراتي في اليمن عام 2015 ضد الحوثيين

تقرير مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها (ACLED)

فشل في إدارة العلاقات الخارجية

ومن بين المحطات المثيرة للجدل في تاريخ ابن سلمان، مساهمته في قطع العلاقات مع قطر، ويرى مراقبون أن سياسته المتشددة التي بدأت المملكة باتباعها تجاه قطر بدأت منذ تولي ابن سلمان ولاية العهد.

ففي يونيو/حزيران 2017 قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمة إياها بالتطرف والتقارب مع إيران، بالإضافة إلى جملة من الإجراءات الاقتصادية وإغلاق الحدود البرية والطرق البحرية ومنع استخدام المجال الجوي، ما أدى إلى فرض قيود على تنقّلات القطريين.

وضمن هذه السياسة المتشددة، طلبت من السفير الكندي مغادرة البلاد في أغسطس/آب 2018، وقرّرت استدعاء سفيرها في كندا وتجميد التعاملات التجارية معها رداً على انتقادات وجهتها أوتاوا للمملكة بشأن حقوق الإنسان.

كما أثارت مسألة تطبيع السعودية مع إسرائيل موجة جدل كبيرة في الأوساط العربية، حيث ساهمت في تأجيج الغضب على ابن سلمان، وإثارة السخط عليه، متهمين إياه بإدارة علاقات غير معلنة، ومن تحت الطاولة مع السعودية، داخلاً بيت التطبيع مع إسرائيل، أسوة بدول عربية أخرى.

وصرح ابن سلمان لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، قائلاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل "كل شعب في أي مكان له الحق في العيش بسلام"، تعليقاً على سؤال إذا ما كان للشعب اليهودي الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل.

للفلسطينيين والإسرائيليين الحق في امتلاك دولتهم الخاصة، لكن في نفس الوقت يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

ويرى ابن سلمان أن بلاده "ليس لديها مشكلة مع إسرائيل" في الوقت الذي وضع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قائمة المنظمات المهددة للمنطقة وبلاده. ولفت إلى وجود الكثير من المصالح التي تتقاسمها بلاده مع إسرائيل، وأوضح "إذا كان هناك سلام بيننا فسيكون هناك الكثير من المصالح المتبادلة بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي ودول مثل مصر والأردن".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً