مساعٍ للتهدئة ووقف إطلاق النار في ليبيا (AP)
تابعنا

اعتَلَت الأزمة الليبية في الأسابيع الماضية، سلم أولويات الجهات الفاعلة إقليمياً وعالمياً، بعد تزايد تنافس جيوسياسي أعلن عن نفسه بوضوح، ومع تزايد مخاطر الصراع بعد الهجوم المتجدد لقوات خليفة حفتر على طرابلس وسرت ومصراتة.

يترافق ذلك كله مع مساع دولية وإقليمية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والعمل على إحداث توازن للقوى في البلاد أو التنسيق لفرض تهدئة بغية التوصل إلى حل سياسي لاحقاً، فما فرص ذلك؟

مساعٍ للتهدئة ووقف إطلاق النار

قال وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، إن الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد لقائهما الأربعاء في أنقرة، يدعوان إلى وقف إطلاق نار في ليبيا يبدأ منتصف ليل الأحد المقبل.

من جهة أخرى، اتفقت تركيا والجزائر، الثلاثاء، على تجنب أي إجراء عملي يزيد من تعكير الأجواء في ليبيا، وبذل كل الجهود لوقف إطلاق النار.

وأوضح بيان للرئاسة الجزائرية أن الجانبين "تناولا الوضع في ليبيا على ضوء تصعيد أعمال العنف الناجمة عن التدخلات الأجنبية، التي تعقّد سبل الحل السياسي الكفيل وحده بإعادة الأمن والسلم والاستقرار إلى ربوع ليبيا".

وكانت الجزائر قد دعت، الاثنين، المجتمع الدولي وخصوصاً مجلس الأمن الدولي إلى "فرض الوقف الفوري لإطلاق النار" في ليبيا، كما جاء في بيان عقب زيارة قصيرة لرئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج إلى الجزائر.

فايز السراج زار بدوره بروكسل، الأربعاء، واجتمع بقادة الاتحاد الأوروبي الذين يسعون لاحتواء الأزمة المتصاعدة في ليبيا، فيما قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن ليبيا تقف اليوم أمام "مرحلة فاصلة".

تركيا والسعي لتوازن القوى

انطلاقاً من مذكرة التفاهم التركية-الليبية، وبناءً على طلب من الحكومة الليبية، بدأت أنقرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، لمساعدة الحكومة في حماية المدنيين والدفاع عن العاصمة طرابلس.

ومن المنتظر أن يعمل وصول مستشارين عسكريين أتراك إلى ليبيا، على دعم الحكومة المعترف بها دولياً، لكنه قد لا يكفي لحسم صراع، للقوات المنافسة المرابطة في شرق البلاد اليد العليا فيه بفضل الدعم الخارجي، حسب وكالة رويترز.

وقالت نباهت طانريوردي يشار، الباحثة التركية في شؤون شمال إفريقيا، إن الخطوة التركية يمكن تلخيص أهدافها في أن تركيا توسع نطاق حضورها الإقليمي، على افتراض أنه لن يتسنى لأنقرة الدفاع عن مصالحها الخارجية بالتركيز فقط على شرق المتوسط.

من جهته، قال أرنو ديلالاند، الخبير في شؤون ليبيا، إن "ما سيجلبه التدخل التركي قبل كل شيء هو إعادة توازن القوى"، وأضاف: "قد يجلب ذلك بالتحديد دفاعاً جوياً يمكن أن يتمثل في أنظمة تشويش بل وكذلك التنسيق بين القوات على الأرض".

وقال سنان أولجن، رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول: "في ليبيا نهاية اللعبة بالنسبة لأنقرة ليست مساعدة طرابلس على الفوز في الصراع، فهذا أمر غير واقعي، بل خلق جمود ومفاوضات سياسية".

ونقلت رويترز عن مسؤول تركي كبير لم تسمه، قوله إن "تركيا على اتصال وثيق بروسيا لمنع الصراع وسيستمر ذلك".

الجزائر وفرص الحل السياسي

طيلة السنوات الماضية، لم تلعب الجزائر دوراً مركزياً في مسار الحل الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا، واكتفت بدور المسهل والمشجع لليبيين على الاتفاق فيما بينهم على مخرج توافقي، غير أن هذا الأمر بدأ في التغير مؤخراً.

في هذا الصدد، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على "رفض الجزائر التدخل في شؤون الدول الأخرى والتصدي بكل قوة لكل محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية".

وسبق لتبون أن قال، في خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد: إن "الجزائر سوف تبذل مزيداً من الجهد في سبيل تحقيق استقرار ليبيا والحفاظ على وحدتها الترابية والشعبية".

في هذا السياق، أوضح الباحث الجزائري المختص في الشأن الليبي، عبد القادر دريدي، أن "الجزائر مجبرة كدولة جارة ومعنية بالأزمة الليبية أن يكون لها موقف معين، ولكنها أيضاً مضبوطة بمرجعيتها في حل الأزمات".

وقال دريدي إن منطلق الجزائر في التعامل مع الأزمة الليبية مرتبط "أيضاً بمصالح يجب أن تحافظ عليها مع الأطراف الدولية المتدخلة بشكل أو بآخر في هذه الأزمة".

ومع وجود رغبة تهدئة في ليبيا، عند الأوروبيين والجزائر وتونس من جهة، وتركيا وروسيا من جهة أخرى، تبدو التحركات الأخيرة عوامل مساعدة للترويج لإمكانية التوصل إلى حل سياسي بضمانة دولية.

في هذا الصدد، قال المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في ورقة تقدير موقف، إن هذه التدخلات قد تدفع في اتجاه "العودة إلى طاولة المفاوضات، والاتفاق على حل سياسي للأزمة".

غير أنه استدرك قائلاً "لكن تبقى هناك محاذير من أن تؤدي التدخلات الخارجية، على اختلافها، إلى إطالة أمد الصراع، وتحوّله إلى حرب وكالة إقليمية ودولية تهدد مستقبل الدولة ووحدتها الجغرافية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً