توافد سيارات الشرطة والإسعاف على موقع تنفيذ الهجوم في مدينة ستاراسبورغ الفرنسية، الثلاثاء 11 ديسمبر/كانون الأول (AA)
تابعنا

ما المهم: أطلق مُسلح، الثلاثاء، النار قرب سوق لأعياد الميلاد في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وقُتِل في الهجوم 3 أشخاص كما أصيب 12 آخرون، خمسة منهم إصاباتهم خطيرة.

وأعلنت الشرطة الفرنسية أن المشتبه بقيامه بالهجوم شخص يُدعى شريف شخات، مولود في ستراسبورغ وعمره 29 عاماً، وهو موضوع على قائمة المراقبة الأمنية، حيث تُعرِّفه أجهزة المخابرات ب"خطِر أمني محتمل".

وذكر وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير أن مطلق النار تمكّن من الإفلات من الشرطة ولا يزال طليقاً، ما يثير تخوفات من احتمال تنفيذه هجوماً آخر، وقال الوزير في مؤتمر صحفي، مساء الثلاثاء، إن "الحكومة رفعت درجة التهديد الأمني لأعلى مستوياتها وتعزز مراقبة الحدود".

من جهتهما، أفاد كلٌ من المدعي العام الفرنسي ونائب وزير الداخلية بأنه لم يتضح بعد إن كانت للهجوم دوافع إرهابية، ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه حتى الآن.

وأصدر رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني أوامر بإغلاق مبنى البرلمان في ستراسبورغ، وذكر تاجاني أن الهجوم حدث على بعد مسافة 3 كيلومترات من البرلمان الأوروبي.

وأعرب تاجاني في تغريدة نشرها على تويتر عن بالغ أسفه لضحايا هجوم ستراسبورغ، وأكّد أن البرلمان الأوروبي لن يتم تخويفه وإرهابه بهجمات جنائية أو إرهابية.

المشهد: يأتي هجوم ستراسبورغ بالتزامن مع استمرار حراك احتجاجي معروف بـ"السترات الصفراء" بدأ في عدة مدن فرنسية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اعتراضاً على رفع أسعار الوقود وفرض زيادات ضريبية.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ألقى، الإثنين، خطاباً تلفزيونيّاً قدّم فيه بعض التنازلات في محاولة لاستيعاب الغضب الشعبي المشتعل منذ بداية الاحتجاجات التي اعتبرها مراقبون أكبر تحدٍ يواجهه ماكرون منذ توليه منصب الرئاسة عام 2017. ويبدو أن الهجوم الأخير يؤكد مدى أهمية التحدي الأمني الذي يواجهه الرئيس الفرنسي وخطورته، إضافة إلى التحديات السياسية والاقتصادية الأخرى.

من جهته، يؤكد مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في باريس سلام كواكبي أهمية التريث وعدم التعجُّل في الحكم على الحادث بأنه إرهابي، منوِّهاً بأن "المشتبه به مُعرّف لدى السلطات الأمنية كتهديد محتمل، نظراً إلى تورطه في عدة قضايا جنائية كالسطو المسلح وتجارة المخدرات وقضائه عقوبات في السجون الفرنسية".

ويضيف كواكبي لـTRT عربي أن "تصنيف هذا الشخص كمتطرف راجع إلى ظهور بعض مظاهر التدين المصطنع والمتعصب في الفترة الأخيرة، كما أنه من الشائع أن يتحول بعض المذنبين إلى الفكر الإرهابي المتطرف أثناء قضائهم عقوبات في السجون".

الخلفيات: شهدت فرنسا سلسلة متواصلة من الهجمات الإرهابية بدأت بهجوم على صحيفة شارلي إيبدو في باريس مطلع عام 2015.

وفي حال ثبتت وجود دوافع إرهابية للهجوم الأخير، فإنه لن يكون الأول من نوعه منذ تولي ماكرون الرئاسة، ففي مارس/آذار الماضي، نفّذ فرنسي من أصل مغربي يُدعى رضوان لقديم عملية إرهابية جنوب فرنسا لقي خلالها 4 أشخاص مصرعهم وأُصيب 15 آخرون، فيما قُتِل منفذ الهجوم برصاص الشرطة.

وفي مايو/أيار الماضي، تبنّى تنظيم داعش هجوماً نفذه شخص فرنسي من أصل شيشاني في باريس؛ حيث قام منفذ الهجوم بطعن عدد من المارة بالسكين ما أسفر عن مصرع شخص وإصابة أربعة آخرين.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرّح في أغسطس/آب 2017 بأن "الحرب على إرهاب الإسلاميين هي أولوية السياسة الخارجية الفرنسية"، وأعلن ماكرون في وقت لاحق عن تشكيل ما يعرف بـ "تحالف باريس" لمكافحة الإرهاب ميدانيّاً وعلى شبكة الإنترنت.

ويشير سلام كواكبي إلى أن فرنسا تُعد هدف المنظمات الإرهابية المتطرفة الأول في أوروبا نظراً إلى قيادتها الحرب على الإرهاب في عدة أماكن وانخراطها في الصراع الداخلي لدول إسلامية مثل مالي.

ما التالي: يستبعد كواكبي أن تُعلن الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ حتى إذا ثبت أن الحادث له دوافع إرهابية، ورجّح أن تكتفي الحكومة بما أعلنته من رفع حالة الاستعداد الأمني إلى درجتها القصوى وتزايد أعداد أفراد الشرطة في الشوارع وتشديد الإجراءات الأمنية داخل وفي محيط أسواق أعياد الميلاد.

أما على الصعيد السياسي، فقد لفت كواكبي إلى أن "أحد الأطراف المشاركة في احتجاجات السترات الصفراء اتهم وزارة الداخلية بتدبير الحادث لصرف الأنظار عن الحراك الاحتجاجي، إلا أن هذا لم يلقَ قبولاً لدى معظم المشاركين في الاحتجاجات الذين انتقدوا التصريح بشدة".

وأضاف كواكبي "لا أظن أن يتم استغلال الحادث سياسيّاً، فهناك شعور عام لدى مختلف أطياف المجتمع الفرنسي بضرورة التأكيد على وحدة شعور التضامن الوطني والوقوف صفّاً واحداً أمام الحوادث الإرهابية منذ عام 2015".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً