الحرب في اليمن خلفت أكبر أزمة إنسانية بالعالم (AP)
تابعنا

بعد مرور سنوات على الحرب في اليمن التي خلّفت أكبر أزمة إنسانية في العالم حسب تقارير أممية، قرر التحالف بقيادة السعودية وقف إطلاق النار دعماً للحكومة اليمنية في قبولها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لبدء هدنة ومواجهة تبعات انتشار فيروس كورونا.

واعتبر المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي أن الخطوة تهدف إلى تهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ دعوة المبعوث الأممي لعقد اجتماع بين الحكومة اليمنية والحوثيين وفريق عسكري من التحالف، لبحث مقترحاته بشأن خطوات تنفيذ وقف إطلاق النار في اليمن وآلياته.

وقال إن "الحل السياسي هو الأمثل للأزمة في اليمن"، متمنياً "استجابة جماعة الحوثي للهدنة والجلوس على طاولة الحوار".

وأضاف: "في ظل الظروف الحالية الخاصة بوباء كورونا يضع التحالف مصلحة الشعب اليمني في أولوياته في ظل صعوبات تواجه النظام الصحي في هذا البلد".

وتأتي هذه الهدنة التي طال انتظارها، بعدما بدأ تحالف عسكري تقوده السعودية والقوات الموالية للحكومة اليمنية عام 2015، مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء جنوب المملكة منذ 2014، ما خلف حرباً حصدت أرواح أكثر من 100 ألف شخص وتسببت في أزمة إنسانية جعلت الملايين على شفا المجاعة وأجبرت الآلاف على اللجوء إلى مخيمات النازحين، وسجلت خلالها انتهاكات جسيمة للتحالف، وبخاصة الفرق التي تُموّلها دولة الإمارات وترعاها.

إعلان وقف إطلاق النار في اليمن يمكن أن يساعد في تعزيز الجهود نحو السلام، وكذلك استجابة البلاد لوباء كورونا المستجد.

أمين عام الأمم المتحدة - أنطونيو غوتيريش

ورحب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ"إعلان السعودية باسم تحالف دعم الشرعية وقف إطلاق نار من جانب واحد في اليمن"، داعياً "الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي لمتابعة التزامهما وقف الأعمال العدائية على الفور".

وقال محمد عبد السلام، الناطق الرسمي لجماعة الحوثي ورئيس مجلس إدارة شبكة المسيرة الإعلامية ورئيس الوفد الوطني، في تغريدة على حسابه في تويتر، إن "جماعته قدمت رؤية وطنية شاملة للأمم المتحدة تنص على وقف شامل للحرب وإنهاء كامل للحصار تضمن سلامة اليمن ووحدته واستقلاله وتؤسس لحوار سياسي وفقاً لمرحلة انتقالية جديدة".

وقبل الإعلان عن الهدنة بساعات، أطلق الجيش اليمني المدعوم من التحالف الأربعاء، عملية عسكرية لتحرير مديرية مكيراس بمحافظة البيضاء وسط البلاد، من مسلحي الحوثي، حسب مصدر عسكري، ليعلن لاحقاً عن سيطرته الكاملة على معسكر اللبنات الاستراتيجي ومناطق مجاورة في محافظة الجوف.

على إثر ذلك، أعلنت جماعة الحوثي استهداف معسكر للقوات الحكومية في محافظة أبين بصاروخ باليستي، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

الحرب على كورونا

وبسبب الحرب الدائرة، يعاني اليمن من انهيار شبه تام في القطاعات كافة، لا سيما القطاع الصحي، وأصبح 80% من سكانه في حاجة إلى مساعدات إنسانية، جراء حرب مستمرة منذ 6 سنوات، أسفرت عن مقتل أكثر من 270 شخصاً خلال الأيام العشرة الماضية، وفقاً لما قاله مسؤولون حكوميون وزعماء قبائل الأربعاء، لوكالة الصحافة الفرنسية.

ولحسن الحظ لم يسجل اليمن حتى مساء الأربعاء، أية إصابة بكورونا، بينما تخطت الإصابات بفيروس كورونا حول العالم الخميس، حاجز مليون ونصف مليون إصابة، ووصلت حصيلة الوفيات إلى 88 ألفاً و526، حسب منصة وورلد ميتر المتخصصة في تحديث مستجدات انتشار الفيروس.

ومن المتوقع أن تعقد الأطراف المعنية اجتماعاً عبر دائرة تلفزيونية مغلقة لبحث المقترح الذي يدعو لوقف شامل لإطلاق النار، بما في ذلك وقف جميع العمليات القتالية جواً وبراً وبحراً، كما يطالب الأطراف بضمان امتثال القوى المرابطة على الخطوط الأمامية للمقترح، حسب وكالة رويترز.

وتقول الرياض إنها تأمل أن يساعد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة خلال فترة الأسبوعين القادمين في الضغط على الحوثيين "لوقف الأعمال القتالية" والانضمام إلى وقف إطلاق النار "وكذلك أن يكونوا جادين في تعاملهم مع الحكومة اليمنية"، حسب مسؤول سعودي كبير لروترز.

الخرق الأوّل 

ولم تمضِ ساعات على إعلان التحالف وقف إطلاق النار، حتى خرجت جماعة الحوثي ببيان الخميس، اتهمت فيه التحالف بقيادة السعودية، باحتجاز 17 سفينة نفط ومواد غذائية، ومنعها من الوصول إلى البلاد.

ونقلت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين عن مسؤول في ميناء الحديدة، أن "بحرية التحالف تواصل أعمال القرصنة في حق 14 سفينة مشتقات نفطية و3 سفن غذاء، على الرغم من حصولها على تصاريح دخول أممية في جيبوتي".

وأوضح المصدر أن السفن النفطية على متنها أكثر من 320 ألف طن.

ولم يصدر تعليق من قبل التحالف على الأمر، غير أن الحكومة اليمنية سبق أن حملت الحوثيين مسؤولية عدم وصول السفن النفطية في وقتها، لعدم التزامها ضوابط استيراد الوقود الذي تشرف عليه اللجنة الاقتصادية في الحكومة.

فرص النجاح

وعلق الباحث السياسي توفيق الحميدي لـTRT عربي على اتفاق الهدنة قائلاً إن "الإعلان من قبل التحالف وبالأخص من قبل السعودية ربما يأتي كحسن نية لمبادرة غريفث وجس نبض مصداقية جماعة الحوثي، فبعد إعلان وقف إطلاق النار أطلقت جماعة الحوثي صاروخين باليستيين على محافظة مأرب والحديدة الساحلية".

وعن فرص نجاح الهدنة قال الحميدي إنها "تعتمد على عاملين، أولهما قوة ضغط الأمم المتحدة والدول الفاعلة على أطراف الصراع، والثاني جدية الأطراف وإدراكها حجم الكارثة التي يمكن أن يتعرض لها اليمنيون في ظل انتشار كورونا التي لو تفشت فستضع اليمن أمام مأزق إنساني آخر".

وأكد الباحث أن "من دون أي اتفاقية تراعي الاتفاقيات السابقة وما يطرحه الأطراف والقرارات الأممية وآلية تنفيذ واضحة وضمانات دولية، سيكون مصير أي اتفاق يمني إلى الفشل"، منوهاً بأنه "إذا وُجدت نية حسنة فسندخل في مفاوضات طويلة. بادر التحالف بإعلان وقف إطلاق النار ويبقى جس نبض الحوثيين هل سيستمرون في إطلاق النار أو يلتزمون بالهدنة".

وأشار الحميدي إلى أن جماعة الحوثي رمت الكرة في ملعب الأمم المتحدة والتحالف بقيادة السعودية، من أجل ضمان وقف تقدم الجيش اليمني المدعوم من التحالف على كل الجبهات، وهو ما نلاحظه من خلال ما تعلنه الجماعة عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً