ناقلة النفط البريطانية ستينا إيمبيرو المحتجزة لدى إيران  (Reuters)
تابعنا

مضت أيام على حجز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق، بدعوى أنها تنقل النفط إلى نظام بشار الأسد وتخرق العقوبات، حتى جاء الرد الإيراني في مضيق هرمز بذات الطريقة، ثم صوّر الحادثة ونشرها في وسائل الإعلام.

خطوة تصعيدية اتخذتها طهران، وصفتها بريطانيا بأنها "خطيرة" واستدعت على خلفيتها القائم بالأعمال الإيراني ونصحت على أثرها سُفنها بتجنُّب المضيق، فيما تجاهل الإيرانيون الدعوات التي وجّهها الأوروبيون لمطالبتها بالإفراج عن الناقلة التي ترفع العلم البريطاني.

على أثر ذلك أعلن وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت أنّ لندن ترغب في "خفض" التوتر مع إيران، إلا أن هذه التصريحات لا تبدو معبرة على انزعاج دولته التي قد تأخذ إجراءات تصعيدية في المستقبل، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول أمن السفن البريطانية والنقل الدولي في مضيق هرمز".

معركة "الاختطاف"

قال الحرس الثوري الإيراني إنه احتجز الناقلة "ستينا إيمبيرو" الجمعة الماضية إثر خرقها "القواعد البحرية الدولية" في المضيق الذي يمرّ من خلاله ثلث كميات النفط المنقولة بحراً في العالم.

واحتجزت إيران الناقلة قبالة مرفأ بندر عباس في خطوة بررتها السلطات الإيرانية بالقول إنّ السفينة لم تستجِب لنداءات استغاثة وأطفأت أجهزة إرسالها بعد اصطدامها بسفينة صيد.

وأعلنت لندن من جهتها أن إيران احتجزت ناقلتين في الخليج، لكن الشركة المالكة لناقلة النفط الثانية "مصدر" التي ترفع علم ليبيريا، قالت إنه أُفرِجَ عن السفينة بعدما دخلها مسلحون لبعض الوقت.

جاءت هذه الحادثة بعد ساعات من إعلان محكمة في جبل طارق تمديد احتجاز ناقلة نفط إيرانية لثلاثين يوماً بعد أسبوعين من ضبطها في عملية شاركت بها البحرية الملكية البريطانية، للاشتباه بأنّها كانت متوجّهة إلى سوريا لتسليم حمولة من النفط في انتهاك لعقوبات أميركية وأوروبية.

وعلى تويتر، دافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن احتجاز طهران للسفينة التي ترفع العلم البريطاني، مؤكداً أنه "على العكس من القرصنة في مضيق جبل طارق، ما فعلناه في الخليج الفارسي هو فرض احترام القانون البحري".

وأضاف "إيران هي الضامن للأمن في الخليج الفارسي وفي مضيق هرمز. على بريطانيا التوقف عن مساعدة الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة"، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية التي أعادت واشنطن فرضها على طهران إثر انسحابها من الاتفاق النووي المبرم في عام 2018.

واستدعت وزارة الخارجية البريطانية القائم بالأعمال الإيراني السبت على خلفية احتجاز ناقلة النفط، ونصحت لندن السفن البريطانية بالبقاء "خارج منطقة" مضيق هرمز "لفترة موقتة".

ودعت فرنسا وألمانيا السبت السلطات الإيرانية إلى الإفراج بلا تأخير عن الناقلة، فيما رأت برلين أن احتجازها يشكّل "تصعيداً إضافياً لوضع متوتر أصلاً"، وذلك بعدما ندّدت واشنطن بما اعتبرته "تصعيدا للعنف" من جانب طهران.

وأعربت وزارة خارجية الاتحاد الأوروبي عن قلقها البالغ إزاء احتجاز طهران لناقلة النفط، محذّرةً من أن "هذا التطوّر يُفاقم مخاطر حصول تصعيد جديد في ظل التوتر الشديد القائم".

وقال حلف شمال الأطلسي بدوره، إنّه "يدعم جميع الجهود الدبلوماسية من أجل إيجاد حلّ لهذا الوضع".

وازداد التوتر في منطقة الخليج منذ مايو/أيار، ولا سيما مع سلسلة هجمات على ناقلات نفط في المنطقة اتهمت واشنطن إيران بالوقوف وراءها.

تحقيق إيراني

أعلن المدير العام للمواني والملاحة البحرية في محافظة هرمزكان، مراد الله عفيفي بور، أنّ خبراء سوف يحقّقون في "الحادثة".

وقال عفيفي بور إنّ "عدد أفراد طاقم هذه الناقلة" التي يملكها طرف سويدي "هو 23 شخصاً وجميعهم على متنها"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء فارس. و18 من أفراد طاقم الناقلة بينهم القبطان هنود، بالإضافة إلى ثلاثة روس ولاتفي وفلبيني.

وأكد عفيفي بور أن الصيادين أطلقوا نداء استغاثة بعد الاصطدام واتصلوا بسلطات المرفأ "عندما لم يتلقوا أي رد" من الناقلة.

وتابع متحدثاً إلى وكالة إيرنا الإيرانية للأنباء بأنّ أحد أسباب احتجاز الناقلة هو أنها واصلت "طريقها لبعض الوقت وأجهزة إرسالها مطفأة".

وأكدت الشركة المالكة أنّ الناقلة كانت تعبر مضيق هرمز وفي "المياه الدولية" حين "هاجمتها قوارب صغيرة غير محددة الهوية ومروحية".

واشنطن على الخط

في ظلّ تصاعد التوتر بين الدول الغربية وإيران، أعلنت السعودية موافقتها على استقبال قوات أمريكية على أراضيها بهدف تعزيز العمل المشترك في "الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها".

وقال البنتاغون إنّ نشر القوّات الأمريكيّة يهدف إلى "ضمان قدرتنا على الدّفاع عن قوّاتنا ومصالحنا في المنطقة من تهديدات ناشئة وحقيقية".

وقال الجيش الأمريكي أيضاً إنّ لديه دوريّات جوّية ترصد منطقة مضيق هرمز، مضيفاً أنه يطوّر أيضاً خطة "بحريّة متعدّدة الجنسيات" من أجل ضمان حرّية الملاحة في الممرّات المائية في الشرق الأوسط.

يأتي ذلك بعد أكثر من عام على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وفرضها عقوبات على طهران.

وتخطّت إيران في وقت سابق هذا الشهر الحدّ الأقصى لتخصيب اليورانيوم بموجب الاتفاق النووي، بهدف الضغط على الأطراف الأخرى في الاتفاق ليلتزموا وعودهم بمساعدتها على تعزيز اقتصادها.

لتبقى كل الخيارات مفتوحة في المضيق الذي يحمل بين أمواجه ثلث إنتاج النفط العالمي، والذي قد يتسبب في واحدة من أكبر الحروب في العالم، إن أغلقت كل الأبواب.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً