وزير الخارجية الأمريكي يزور دولاً أوروبية قبل مؤتمر مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط (Reuters)
تابعنا

ما المهم: تحاول الولايات المتحدة في "مؤتمر وارسو"، الذي يعقد الأربعاء والخميس تحت عنوان "مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط"، حشدَ دول العالم حول رؤيتها للشرق الأوسط.

وتتلخص الرؤية الأمريكية في ممارسة الضغط على إيران، وتعزيز الدعم لإسرائيل من خلال "خطة السلام" التي تنوي تقديمها، إلا أنها لم تنجح، على ما يبدو، في إقناع جهات عديدة، ولا في كسب تأييد أطراف جديدة.

المشهد: بدأ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الإثنين، جولة في وسط أوروبا تشمل المجر وسلوفاكيا وبولندا، وقال مسؤولون أمريكيون إن بومبيو يسعى خلال جولته إلى تعويض نقص الوجود الأمريكي، الذي فتح الطريق أمام قدر أكبر من النفوذ الصيني والروسي في وسط أوروبا.

وستركز معظم زيارة بومبيو إلى بولندا على مؤتمر "مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط" الذي تشارك الولايات المتحدة في استضافته. وسيحضر مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي المؤتمر الذي يستمر يومين ويبدأ الأربعاء 13 فبراير/شباط.

ولم تتضح طبيعة الوفود التي سترسلها العواصم الأوروبية إلى المؤتمر، فيما تأمل واشنطن في كسب دعم لزيادة الضغط على إيران كي تُنهي ما تصفه بـ"سلوك هدام" في الشرق الأوسط وإنهاء برامجها النووية والصاروخية. بدوره، وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المؤتمر بأنه "سيرك يائس مناهض لإيران".

وسيناقش جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض وصهر ترمب خطة أمريكية للسلام في فلسطين، غير أنه لا يُتوقع أن يكشف كوشنر، المقرب من نتنياهو، عن الاقتراحات الواردة في الصفقة إلا بعد انتخابات 9 أبريل/نيسان التي ستُجرى في إسرائيل.

وسيلقي نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس خطاباً أمام المؤتمر الذي يشارك فيه أيضاً وزير الخارجية مايك بومبيو.

ردود الفعل: رغم أن الاجتماع يجري في الاتحاد الأوروبي، إلا أن كبرى القوى الأوروبية ستخفض تمثيلها فيه باستثناء بريطانيا التي ستوفد وزير خارجيتها جيرمي هانت، الذي أشار إلى أن أولوياته تتمثل في الحديث عن الأزمة الإنسانية التي تسببت فيها الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.

وبرّرت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عدم حضورها بارتباطها بالتزامات مسبقة، لكنها ستلتقي بدلاً من ذلك بومبيو في بروكسل، وهو في طريق عودته إلى الولايات المتحدة.

وستوفد مجموعة من الدول مسؤولين كباراً إلى وارسو، على رأسها إسرائيل وحلفاء واشنطن العرب على غرار الإمارات، وهي دول تدعو إلى تشديد النهج حيال إيران.

وأكد نتنياهو أن إيران ستتصدر جدول الأعمال؛ إذ ستتم مناقشة "كيفية مواصلة منعها من ترسيخ وجودها في سوريا ومنع أنشطتها العدائية في المنطقة، والأهم من ذلك كله، كيفية منعها من الحصول على أسلحة نووية".

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد استدعت الشهر الماضي القائم بالأعمال البولندي في طهران، وأبلغته أنها تعتبر قرار استضافة الاجتماع "عملاً عدائياً ضد إيران".

وقدّم القائم بالأعمال البولندي إيضاحات حول المؤتمر وأكد "أنه لا يناصب إيران العداء". فيما قال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري إن سبب عقد هذا الاجتماع هو "فشل العقوبات الأمريكية في تركيع إيران".

لن نحضر هذا المؤتمر ونؤكد أننا لم نفوض أحداً للحديث باسم فلسطين

صائب عريقات - كبير المفاوضين الفلسطينيين

من جهة أخرى، قال مسؤول أمريكي، الجمعة، إن مسؤولين فلسطينيين تلقوا دعوة للمؤتمر، وأضاف "طلبنا من السلطة الفلسطينية إيفاد ممثلين لهذا الحدث".

ورفض كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الدعوة، وقال "فيما يتعلق بتوجيه دعوة لنا، نستطيع القول إنه جرى اتصال اليوم فقط من الجانب البولندي... موقفنا ما زال واضحاً، لن نحضر هذا المؤتمر ونؤكد على أننا لم نفوض أحداً للحديث باسم فلسطين".

وأضاف، الجمعة، أنّ "الإدارة الأمريكية أبعدت نفسها عن رعاية عملية السلام بسبب قراراتها التي تتناقض مع القانون الدولي".

الخلفيات والدوافع: أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الشهر الماضي عن المؤتمر، مشيراً إلى أن وزراء الخارجية من حول العالم سيأتون إلى بولندا للتعامل مع مسألة "نفوذ إيران المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.

يأتي ذلك بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني العام الماضي، واصفاً إياه بـ"الرديء" وأعاد فرض عقوبات تهدف لخنق اقتصاد إيران والحد من نفوذها الإقليمي.

من جهة أخرى، يعكف جاريد كوشنر على إعداد خطة سلام منذ أكثر من عام. وسيمثل مؤتمر وارسو إحدى المناسبات التي يتحدث فيها عن الخطة علناً.

بين السطور: كان المؤتمر سيشكل مناسبة لاستعراض وحدة الصف كردّ قوي على نظام إيران، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

لكن مع تأكّد حضور عدد محدود فقط من الشخصيات البارزة، خفّفت الولايات المتحدة وبولندا جدول الأعمال، وأشارت إلى أن المؤتمر لن يركز على إيران، أو يؤسس تحالفاً ضدها، لكنه سيهتم أكثر بالنظر بشكل أوسع إلى الشرق الأوسط.

وأوضح المسؤول عن الشأن الإيراني في مركز أبحاث "مجموعة الأزمات الدولية" علي فايز أن الولايات المتحدة تبدو عازمة على استغلال مؤتمر وارسو لتوسيع تحالفها المناهض لإيران الذي يضم حالياً إسرائيل والسعودية والإمارات.

وأضاف الباحث الإيراني في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية "أشك في إمكانية نجاح واشنطن في تحقيق هذا الهدف؛ فبينما يشاطر كثيرون في أوروبا الولايات المتحدة قلقها المتعلق بأنشطة إيران في المنطقة وبرنامجها للصواريخ البالستية، لا يتفقون مع نظرة واشنطن أحادية الجانب والمبالغ فيها بأن إيران مصدر الشر كلّه في المنطقة".

من جهة أخرى، لا شك في أن إدارة ترمب ستواجه صعوبات في إقناع السلطة الفلسطينية بأي اتفاق؛ إذ إن الأخيرة لا تزال ممتعضة من قرار ترمب الاعتراف بالقدس المتنازع عليها عاصمةً لإسرائيل.

ورفضت السلطة الفلسطينية، التي وصفت مؤتمر وارسو بأنه "مؤامرة أمريكية"، عقْد أي محادثات مع الولايات المتحدة ما لم تتبع الأخيرة سياسة متوازنة، على حد تعبير الجانب الفلسطيني.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً