العاصمة البحرينية المنامة تستضيف ورشة عمل اقتصادية أمريكية في يونيو/حزيران المقبل (Reuters)
تابعنا

ما المهم: سيكشف البيت الأبيض النقاب عن الجزء الأول من الخطة الأمريكية المرتقبة قريباً، للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. الجزء الأول المخصص للشقّ الاقتصادي، سيطرح للنقاش في ورشة دولية ستعقد في البحرين أواخر يونيو/حزيران المقبل لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي الوقت الذي يقول فيه مسؤولون أمريكيون إن الخطة تحمل شقّاً سياسياً أيضاً، يخشى الفلسطينيون ألا يتضمن الجزء السياسي اعترافاً بحل الدولتين، وأن يكون منحازاً لإسرائيل، ويصفي قضايا كبرى من قبيل الوضع في القدس وعودة اللاجئين.

المشهد: تستضيف العاصمة البحرينية المنامة، في يونيو/حزيران المقبل، "ورشة عمل" اقتصادية تستهدف جذب استثمارات إلى المنطقة بالتزامن مع "تحقيق السلام"، وذلك في أول خطوة أمريكية لتقديم ما يُعرف إعلامياً بـ"صفقة القرن".

وقال البيت الأبيض، في بيان الأحد، إن ذلك يشكل "فرصة مفصلية" من أجل "تبادل الأفكار ومناقشة الاستراتيجيات وتشجيع الدعم للاستثمارات والمبادرات الاقتصادية المحتملة التي يمكن تحقيقها من خلال اتفاق السلام".

وأشار البيت الأبيض إلى أن الأمر يتعلق بتحديد "رؤية وإطار طموحَين وقابلَين للتحقيق من أجل مستقبل مزدهر للفلسطينيين والمنطقة". وقال "إذا ما تم تنفيذها، فإن هذه الرؤية قادرة على تحويل حياة" الناس ودفع المنطقة "نحو مستقبل أكثر إشراقاً".

وذكرت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، الأحد، أن البيت الأبيض سيعلن عن القسم الأول من الخطة الأمريكية خلال "ورشة عمل" اقتصادية، لجذب استثمارات إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ودول المنطقة عامة.

ونقلت الشبكة عن مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترمب قوله إن "ورشة العمل" ستقام في المنامة، يومي 25 و26 يونيو/حزيران المقبل، وستجمع عدداً من وزراء المالية والاقتصاديين البارزين في المنطقة.

لكن مسؤولاً أمريكياً آخر أحجم عن قول ما إذا كان مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون سيشاركون في المؤتمر، وأضاف أن العديد من زعماء قطاع الأعمال الفلسطينيين "أظهروا اهتماماً كبيراً"، حسب ما نقلته وكالة رويترز.

وتتضمن الخطة، وفق المسؤول الأمريكي، أربعة عناصر هي: البنية التحتية، والصناعة، والتمكين والاستثمار في الشعوب، إضافة إلى الإصلاحات الحكومية، لإيجاد ما أسماه "بيئة جاذبة" للاستثمار في المنطقة.

وأضاف المصدر أن "خطة السلام ستؤثر إيجاباً على اقتصاد المنطقة بشكل عام، إذ تستهدف تحويل الأموال التي يتم إنفاقها على الأسلحة إلى تنمية الاقتصاد".

وقال مسؤول كبير في إدارة ترمب "نعتقد أنها فرصة لأخذ الخطة الاقتصادية التي نعمل عليها منذ فترة طويلة الآن وتقديمها إلى المنطقة".

وأضاف أن الورشة القادمة ستثبت للفلسطينيين في قطاع غزة "أن هناك دولاً مانحة في العالم مستعدة لأن تأتي وتضخ استثمارات".

ردود الفعل: قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الإثنين، إنه لم يُتشاور مع الفلسطينيين بشأن عقد الورشة الاقتصادية في البحرين، وأضاف "يؤكد مجلس الوزراء أنه لم يُستشر حول هذه الورشة المذكورة، لا من ناحية المدخلات ولا المخرجات أو التوقيت".

من جهته، قال المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، إن الموقف الفلسطيني واضح وهو عدم المشاركة مطلقاً في الجزء الاقتصادي، ولا الجزء السياسي من هذا الاتفاق.

ونقلت شبكة CNN عن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة قوله إن الخطة الأمريكية "عقيمة"، مضيفاً أن "أي خطة اقتصادية دون آفاق سياسية لن تقود إلى أيّ شيء"، وأن "الفلسطينيين لن يقبلوا أية مقترحات لا تضمن دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".

الخطة الأمريكية عقيمة، وأي خطة اقتصادية دون آفاق سياسية لن تقود إلى أيّ شيء

نبيل أبو ردينة - الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية

وفي الوقت الذي لا تُبدي إسرائيل فيه موقفها الواضح من الخطة الأمريكية، قال المتحدث باسم وزير المالية الإسرائيلي موشي كحلون "لم نتلقّ بعدُ دعوة".

بدورها، ذكرت الوكالة البحرينية الرسمية للأنباء أن تلك الورشة تُعد فرصة محورية لاجتماع قادة الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني وقطاع الأعمال، لتبادل الأفكار والرؤى، ومناقشة الاستراتيجيات، لتحفيز الاستثمارات والمبادرات الاقتصادية الممكنة مع تحقيق السلام في المنطقة.

وقال وزير المالية البحريني سلمان بن خليفة، إن ورشة "السلام من أجل الازدهار" تؤكد الشراكة الاستراتيجية الوثيقة بين المملكة والولايات المتحدة، وتعكس الاهتمام المشترك بإيجاد فرص اقتصادية واعدة تعود بالنفع على المنطقة"، حسب الوكالة.

من جهته، قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين "أتطلع إلى هذه المناقشات المهمة حول رؤيةٍ توفّر للفلسطينيين فرصاً نوعية جديدة لتحقيق إمكانياتهم الكاملة".

وتابع "ستساهم هذه الورشة في جمع القادة من قطاعات عدة ومن جميع أنحاء الشرق الأوسط، لبحث سبل تعزيز النمو الاقتصادي والفرص المتاحة للشعوب في هذه المنطقة المهمة".

الخلفية والدوافع: تعلن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بعد شهر رمضان الجاري، خطة سلام يتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، حسب وكالة رويترز.

ويقول ترمب إنه واثق من قدرته على التوصل إلى "اتفاق نهائي" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لإنهاء نزاع فشل جميع أسلافه في حله. وعهِد ترمب بهذه المهمة إلى صهره ومستشاره جاريد كوشنر الذي كان يعمل منذ عامين بمنتهى السرية.

وترفض القيادة الفلسطينية التعاطي مع أية تحركات أمريكية في ملف السلام، منذ أن أعلن ترمب في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

الشق الاقتصاديّ ضروري لكنه غير كافٍ

آرون ديفيد ميللر - ديبلوماسي أمريكي سابق

وتتهم القيادة الفلسطينية ترمب بالانحياز التام لصالح إسرائيل، وتدعو لإيجاد آلية دولية لاستئناف عملية السلام، المجمدة منذ 2014.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس عاصمة لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ولا ضمها إليها عام 1981.

وتسعى إدارة ترمب للحصول على دعم الحكومات العربية، ومن المرجح أن تدعو الخطة لتقديم مليارات الدولارات كدعم مالي للفلسطينيين، ومعظمها من دول الخليج الغنية بالنفط، وذلك حسبما قال أشخاص مطّلعون على المناقشات لوكالة رويترز.

من جهتها، أكدت السعودية لحلفائها العرب أنها لن توافق على أي خطة أمريكية لا تلبي المطالب الرئيسية للفلسطينيين.

بين السطور: يبدو أن فريق ترمب للشرق الأوسط بقيادة كوشنر، ومبعوثه للمنطقة جيسون غرينبلات ينوي التركيز في بادئ الأمر على المنافع الاقتصادية المحتملة، على الرغم من وجود شكوك عميقة بين الخبراء بشأن فرص نجاح الخطة.

وتمهد الورشة الطريق، على ما يبدو، لطرح الخطة على أكثر من مرحلة، بدءاً بالخطة الاقتصادية في أواخر يونيو/حزيران ثم المقترحات السياسية في وقت لاحق، لم يتحدد حتى الآن.

في الصدد ذاته، قال مسؤول أمريكي لـموقع Axios الإخباري الأمريكي "ليست خطة اقتصادية فقط، لن يكون الاقتصاد على حساب السياسة، بل يمشيان جنباً إلى جنب. قررنا تقسيم الخطة إلى شقّين كي يكون أمام الناس وقت لهضمها".

من جهة أخرى، نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن الأكاديمي والدبلوماسي الأمريكي السابق آرون ديفيد ميللر قوله إن "الشق الاقتصاديّ ضروري لكنه غير كافٍ"، وأضاف أن الصراع قائم حول "الدين والأرض والكرامة والأمن والسيادة، وهي عوامل لا يمكن اختزالها بسهولة".

اشتية: لم يُتشاور مع الفلسطينيين بشأن عقد الورشة الاقتصادية في البحرين (AFP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً