يمثل المسلمون في الدنمارك نحو 5.5% من السكان  (AP)
تابعنا

تزداد أوضاع المسلمين في الدنمارك سوءاً وفقاً لتقرير كشفته وكالة رويترز، رصد تصاعد الإساءات اللفظية والإقصاء وجرائم الكراهية التي يتعرضون لها في ظل انتهاج الأحزاب الرئيسية سياسات مناوئة للهجرة تماثل سياسات الأحزاب اليمينية المتطرفة، وذلك استعداداً للانتخابات العامة التي ستجرى في الخامس من يونيو/حزيران الجاري.

تشمل هذه السياسات كل من الحزب الليبرالي الحاكم (يمين وسط)، والحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض، الذين أكدّا في خطابهما مؤخراً على "ضرورة اتخاذ موقف صارم في قضية الهجرة لحماية نظام الرفاه بالغ الأهمية في الدنمارك".

عبّر عن هذه السياسة مسؤول الهجرة في الحزب الليبرالي ميس فوجليد بقوله "إذا كان الناس مستعدين ولديهم الرغبة في أن يكونوا جزءاً من المجتمع الدنماركي ويرغبون في الإسهام فيه، فإننا ندعوهم إلى أن يصبحوا جزءاً من أحد أنجح المجتمعات في العالم"، في إشارة إلى أن الدنمارك لن تقبل بمهاجرين لن يتمكنوا من الاندماج الكلي في الثقافة الأوروبية.

وتعليقاً على البطالة التي يعاني منها معظم المهاجرين، بسبب عدم ترحيب أصحاب العمل بتواجدهم، قال فوجليد "نحن بحاجة إلى نقاش علني لبحث إذا كانت هناك مشكلات مع جماعات محددة من الناس"، نافياً أن يكون هناك علاقة بين ازدياد الحوادث العنصرية والخطاب الرسمي حول قضية الهجرة داخل بلاده.

لكن الإحصائيات الرسمية تقول شيئاً آخر، فقد ارتفعت نسبة التمييز العرقي تجاه المهاجرين القادمين من دول غير غربية، حيث بلغت 48% خلال العام الماضي مقارنةً بـ43% قبلها بعامين، وفقاً لمقياس الاندماج الوطني، الأمر الذي دفع المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان إلى حث السياسيين على وضع خطط لمكافحة العنصرية وجرائم الكراهية خاصة ضد المسلمين واليهود.

بعد وصول أعداد كبيرة من المهاجرين إلى الدنمارك في عام 2015، يمثل المسلمون الدنماركيون نحو 5.5% من السكان (حوالي320 ألف نسمة)، وهي نسبة أعلى من الموجودة في بقية البلدان الأوروبية.

عرقلة سبُل الحياة اليومية

مانيلا غفوري هي لاجئة أفغانية تبلغ من العمر 26 عاماً وتقيم في الدنمارك منذ عام 2001، لكنها تعيش في ظل الخوف الدائم من ارتفاع أصوات الجهات المعادية للمسلمين والتي تزداد حدتها في كل معركة انتخابية.

"لقد ساء الوضع كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية" وفقاً لمانيلا، التي أوضحت أنها تتعرض للإقصاء في العديد من المواقف التي تواجهها في حياتها اليومية، فقد طُردت من أحد المتاجر حين كانت تتسوق مع أسرتها وطالبها بعض الدنماركيين بـ"العودة إلى بلادها"، كما أن أحد العملاء رفض أن تقوم بخدمته حين كانت تعمل كبائعة في مخبز "سألته إن كان يحتاج إلى المساعدة لكنه رفض حتى أن ينظر إليّ، أشاح بوجهه ثم طلب المساعدة من فتاة دنماركية"، على الرغم من أن مانيلا تعمل أيضاً كمعلمة وتجيد اللغة الدنماركية.

أما طارق زياد حسين، وهو لاجئ فلسطيني ولد في الدنمارك ويمارس مهنة المحاماة، كما أنه ألّف كتاباً عن حياته كمسلم في المجتمع الدنماركي، فقد تلقى تهديدات بالقتل حسب شهادته لرويترز.

"أنا والكثير من جيلي نشعر برفض المجتمع لنا مهما فعلنا، تلاحقنا نظرة أننا لسنا صالحين بما فيه الكفاية" بحسب طارق (26 عاماً)، الذي أضاف تعليقاً على دعوة مؤسسات الهجرة الدنماركية للمسلمين بالاندماج الكلي في المجتمع "أياً كان تعليمنا أو كيفية اندماجنا فإننا لسنا صالحين بما يكفي بسبب لون بشرتنا أو ديانتنا".

تشريعات جديدة مناوئة للهجرة

نجحت الأحزاب اليمينة المعادية للمهاجرين واللاجئين بدعم من الأصوات الأخرى المناوئة للهجرة في تمرير سياساتها للتشريعات القانونية.

ففي فبراير/شباط الماضي انتهجت دائرة الهجرة والأجانب سياسة جديدة في التعامل مع اللاجئين السوريين، وتشمل تعطيل منح اللجوء المؤقت، وتعطيل الإقامات الممنوحة سابقاً للبعض أو رفض التجديد للبعض الآخر، بعد تصريحات أكدها نائب مدير الهجرة الدنماركية، أندرس دروف، والتي تفيد بأن هذا التغيير جاء نتيجة لـ"زيارتين سابقتين لتقييم الوضع في سوريا أفادت بتراجع العمليات القتالية الكبرى، وانحسار الأخطار التي تهدد المدنيين في بقع جغرافية معينة".

تم تمرير هذا القانون الذي يتضمن أيضاً تقليص نسبة لم الشمل لأسر المهاجرين وتخفيض المنافع التي يحصلون عليها، بتأييد حزب الشعب الدنماركي المعادي للهجرة، والحليف الرئيسي لحكومة الأقلية، بالإضافة إلى تأييد الحزب الديمقراطي الاجتماعي وهو الحزب الذي يحظى بشعبية أكبر ويتبنى موقفاً مخففاً من الهجرة.

القانون تعرض لانتقادات كثيرة، من بينها انتقاد المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان ووكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى تحذير النقابات العمالية من أن سياسات الهجرة الصارمة يمكن أن تتسبب في تفاقم إشكالية نقص العمالة، وهو ما علق عليه مسؤول الهجرة في الحزب الليبرالي ميس فوجليد بقوله "إن المنافع الأقل سوف تشجع الناس على العمل"، ما يطرح تساؤلات جادة حول مصير المهاجرين واللاجئين في الدنمارك في ظل تصاعد خطاب معادي لهم حتى بين الأحزاب الليبرالية، وتحولهم إلى أداة لكسب أصوات الناخبين في الانتخابات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً