توجه التونسيون إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية (AP)
تابعنا

فتحت مراكز الاقتراع الأحد في تونس أبوابها لثالث انتخابات تشريعية تجري منذ ثورة 2011، تشهد الانتخابات تنافساً كبيراً بين أحزاب وائتلافات ومستقلين من اتجاهات سياسية متعددة، وسط أجواء سياسية متوترة وضعف في تدفق الناخبين الذين لم تعد لديهم ثقة بالأحزاب القديمة وعدم معرفة واضحة بالجديدة.

وتجري الانتخابات في وقت تعيش فيه تونس تهديدات أمنيّة وتسري حالة الطوارئ إثر عمليّات إرهابيّة شنّها إرهابيون في السنوات الفائتة، ألحقت أضراراً كبيرة في الاقتصاد ومناحي الحياة المختلفة.

وبدأت عملية التصويت خارج تونس الجمعة، التي سجلت نسبة مشاركة ضعيفة ناهزت 4.6%، حسب مراسلةTRT عربي زينب بن زيطة.

وتقول بن زيطة إن أكثر من 70 ألف عنصر أمن انتشروا في كافة أنحاء تونس لإنجاح وتأمين العملية الانتخابية.

وتضيف "هناك دعوات إلى ضرورة المشاركة وبقوة في الانتخابات وخاصة بعد نتيجة عملية التصويت في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، ومفاجأة التغير الذي أحدثوه الشباب فيها".

وفي ظل مخاوف من تداعيات نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاثة أسابيع، دُعي أكثر من سبعة ملايين ناخب مسجل لاختيار برلمان جديد من 217 مقعداً، وسط لجوء الناخبين للتصويت ضد رموز النظام الحاكم الذي عجز عن إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية، وارتفاع البطالة التي وصلت إلى 15%على المستوى الوطني و30% في بعض المدن، والتضخم الذي بلغ 7.8% العام الماضي وارتفاع الأسعار، بعد إخفاق حكومات ائتلافية متعاقبة جمعت بين النخبة العلمانية القديمة وحزب النهضة الإسلامي الذي واجه الحظر لفترات طويلة.

وتقف ملفّات حسّاسة أهمها أحداث المحكمة الدستورية وقانون الماليّة للسنة المقبلة أمام البرلمان الجديد، إذ لم تتمكّن تونس من التوفيق بين مسار الانتقال السياسي الذي تقدّم بخطوات كبيرة منذ الثورة، والانتقال الاقتصادي والاجتماعي الذي لا يزال يُعاني مشاكل لم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول لها.

ويتنافس في الانتخابات النيابيّة حوالى 15 ألف مرشّح ضمن قوائم أحزاب وائتلافات ومستقلّين متنوعّين ومن اتّجاهات سياسيّة عدّة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

مشهد سياسي مشتت

بسبب التركيبة البرلمانيّة المؤلّفة من كُتل صغيرة في تونس، من المتوقع أن يصبح المشهد السياسي في البلاد مشتّتاً، ما سيجعل من الصعب التوافق على تشكيلة الحكومة المقبلة، وذلك على ضوء نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة التي أفرزت مرشحين غير متوقّعين، هما أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيّد ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي.

وتمكّن حزب "قلب تونس" التابع لمؤسّسة نبيل القروي من تكوين قاعدة شعبيّة مهمّة، وذلك من خلال حملات التبرّع والزيارات الميدانيّة التي كان يقوم بها القروي للمناطق الداخليّة منذ ثلاث سنوات ووزّع خلالها مساعدات وسدّ فراغاً تركته السلطات في هذه المناطق المهمّشة.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، انقلب الناخبون، في الانتخابات الرئاسية، على جميع اللاعبين الرئيسيين في أروقة الحكم، ورفضوا السياسيين البارزين لتسفر تلك الانتخابات عن وصول وجهين جديدين إلى جولة الإعادة.

وأثار ظهور المتنافسين الجدد إلى جانب الأحزاب، على غرار المستقلّين الذي يمثّلون ثلثي القائمات المشاركة، تخوفاً لدى بعض الأحزاب، فقد دعا رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي إلى عدم التصويت لهم، معتبراً أنّ "التصويت للمستقلّين تصويت للفوضى".

وكانت حملات الانتخابات النيابيّة باهتة بسبب تغيير روزنامة الانتخابات بتقديم موعد الرئاسية على التشريعية جرّاء وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، إضافة إلى صدمة الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة.

وسجّلت انتخابات الدورة الرئاسيّة الأولى نسبة مشاركة ناهزت الـ50%. وتحضّ الهيئة العليا للانتخابات المسجّلين على التوجّه الأحد بكثافة للتصويت، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وعلى الرغم من تنظيم التلفزيون الحكومي ثلاث مناظرات تلفزيونيّة لمرشّحين للانتخابات التشريعيّة، إلا أنّها لم تلق نجاحاً ومتابعة من التونسيّين كما كان عليه الحال في الدورة الرئاسيّة الأولى. وكان لاستمرار سجن القروي ورفض مطالب الإفراج عنه منذ توقيفه في 23 آب/أغسطس الفائت تأثير على المشهد الانتخابي.

ودعت الأمم المتّحدة في بيان الجمعة "جميع الأطراف المعنيّة إلى ضمان أرضيّة متكافئة لجميع المترشّحين، بما في ذلك تكافؤ الفرص مع الاحترام الكامل للقانون التونسي ولصلاحيّات السلطة القضائيّة".

من جانبه وصف الرئيس التونسي بالنيابة محمد الناصر الوضع بأنّه "غير عادي، وفيه ربما مسّ بمصداقيّة الانتخابات".

وأثار نشر السلطات الأميركيّة نسخةً من عقد يُظهر تلقّي وكالة متخصصة في ترتيب لقاءات مع شخصيات سياسية دولية واسعة النفوذ أو ما يعرف بـ"اللوبيينغ" مبلغاً مالياً كبيراً مقابل أداء خدمات للقروي جدلاً واسعاً في البلاد، وقد نفتها حملته لاحقاً.

الأحزاب المشاركة

بموجب الدستور التونسي لعام 2014، يكون رئيس الوزراء المنتمي لأكبر حزب في البرلمان هو المهيمن على معظم السياسات الداخلية، في حين يتحمل الرئيس المسؤولية المباشرة عن أمور الخارجية والدفاع. وإذا فشل أكبر حزب في الفوز بعدد كبير من المقاعد، مع وجود الكثير من المستقلين، فقد يجد صعوبة في تشكيل ائتلاف يضم ما يصل إلى 109 نواب مطلوبين لتأمين الحصول على دعم بالأغلبية لحكومة جديدة.

وتكون أمامه مهلة شهرين من تاريخ الانتخابات، إما أن ينجح في ذلك أو يكلف الرئيس شخصية أخرى بتشكيل حكومة. وإذا فشل تُجرى الانتخابات مرة أخرى.

ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت 7 ملايين و155 ألفاً، مسجلين في كشوف هيئة الانتخابات. وتتم العملية الانتخابية في 13 ألف مكتب اقتراع، موزعة على 4567 مركز تصويت، في 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها، وتمتد الانتخابات في دوائر خارج البلاد من الجمعة إلى الأحد.

وحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تفتح نحو 242 مكتب اقتراع في توقيت استثنائي عند الساعة العاشرة صباحاً وتغلق في الساعة الرابعة عصراً، وذلك في المناطق الغربية لأسباب أمنية.

وللفوز بمقاعد البرلمان (217 مقعداً)، تتنافس 1592 قائمة، هي 695 قائمة حزبية، و190 قائمة ائتلافية، و707 قوائم مستقلة، تضم إجمالاً أكثر من 15 ألف مرشح.

وبلغ عدد القوائم داخل تونس 1405 قوائم، مقابل 1393 قائمة في انتخابات عام 2014. وفي دوائر الخارج، ترشحت 187 قائمة، هي: 90 قائمة حزبية، و33 قائمة ائتلافية، و64 قائمة مستقلة. وسجّل عدد القوائم المستقلة داخل تونس ارتفاعاً في 2019، حيث بلغ 643 قائمة مقابل 414 في عام 2014.

10 أحزاب فقط من بين 221 حزباً تتنافس في كل الدوائر و175 حزباً تقدموا بقائمة واحدة لكل منهم، فيما لم يتقدم 11 حزباً بأي قوائم

نبيل بفون - رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

والأحزاب التي غطت كل الدوائر هي حركة "النهضة" وهي حركة إسلامية يمثلها 68 نائباً بالبرلمان الحالي، وحركة "تحيا تونس"، بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد وهو ليبرالي ويمثلها 43 نائباً، و"نداء تونس" ويمثلها 26 نائبا، والتيار الديمقراطي وهو وسط يسار لديه 3 نواب، و"حركة الشعب" وهي حركة قومية ناصرية ويمثلها 3 نواب، بالإضافة إلى "آفاق تونس".

وكذلك حزب "قلب تونس" بقيادة المرشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية، نبيل القروي، و"أمل تونس" بقيادة سلمى اللومي، مديرة الديوان الرئاسي السابقة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، و"الجبهة الشعبية" و"البديل التونسي" بقيادة رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة .

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً