يخيم التوتر على مناطق جنوب اليمن مع التمسك بدعوات الانفصال. وكان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا والمؤيد للانفصال قد دعا إلى مظاهرات ضد الحكومة "لاستعادة الدولة وإيقاف تدهور العملة".

عاد فتيل الصراع للاشتعال مرة أخرى في جنوب اليمن بعد أشهر من الهدوء في محافظات يحاول المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة السيطرة عليها.
وشهدت مدن وساحات محافظة عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى مظاهرات تلبية لدعوى المجلس الانتقالي الجنوبي. ويطالب المجلس بما سماه "استعادة الدولة ووقف التدهور الحاصل في قيمة العملة والخدمات والفساد الممنهج الذي تمارسه الحكومة ضد الجنوب ومواطنيه".
في المقابل، استدعت المظاهرات رداً من الائتلاف الوطني الجنوبي المدعوم من حكومة عبد ربه منصور هادي، إذ حذر في بيان من "تفجير صراع جنوبي في اليمن". وندد الائتلاف بمحاولات بعض القوى التي وصفها بـ"المأزومة" لاستغلال الأزمة الاقتصادية لتنفيذ أجندة سياسية هدفها تحويل مسار المعركة الرئيسية من مربع الصراع بين الشرعية والانقلاب إلى مربعات صراع جنوبية داخلية جديدة. "صوملة" الجنوبعلى المقاومة الجنوبية بمحافظة شبوة رفع مستوى التأهب والجاهزية وصد تقدم أي قوة عسكرية من محافظة مأرب باتجاه عتق ومديريات شبوة الأخرى ونحمل من دفع بهذه القوات العسكرية للتقدم المسؤولية الكاملة عما سيحدث.
— سالم ثابت العولقي (@s_th_alawlaqi) October 7, 2018
يرى عبد الباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، أن هناك محاولات كبيرة من أجل خلق حالة فراغ سياسي في الجنوب لتهيئة المجلس الانتقالي لاستلام الحكم هناك.
وقال لـTRTعربي إن هذه الاستراتيجية قد "اتبعها التحالف منذ دخوله للجنوب بتأسيس المليشيات ووقف ضخ النفط". وحسب شمسان، فإن "الإمارات العربية المتحدة هي من ضغطت من أجل تدهور العملة وإبقاء الرئيس هادي خارج الوطن لزيادة حالة الفراغ أكثر".الإمارات العربية المتحدة هي من ضغطت من أجل تدهور العملة وإبقاء الرئيس هادي خارج الوطن لزيادة حالة الفراغ أكثر
ورغم وقوف المملكة العربية السعودية ضد محاولات الانفصال في العام الماضي، يرى شمسان أن حتى الرياض لا تستطيع التدخل حالياً لأسباب سياسية.
ويؤكد أنه في حال استمرار الوضع حالياً فالجنوب مهدداً بما سمّاه "صوملة" وعودة للعصبيات القبلية القديمة وحالة التشرذم المجتمعي.
لكن المجلس الانتقالي يرى، في المقابل، أنه أعطى فرصاً للشرعية لتحسين الأوضاع وإنقاذ البلد وكانت هناك وعود للتغيير بعد أحداث يناير الدموية وتعامل معها المجلس بمرونة ومصداقية، لكنها "كانت بالنسبة للحكومة استراحة لإعادة إنتاج فسادها بصورة أبشع أوصلت مناطق عدة في الجنوب إلى حالة المجاعة".على طريق صنعاء
من جانبه، يقول حميد الشجني، أستاذ الطاقة في جامعة أوكسفورد، إن الوضع في الجنوب لن يتغير إلا إذا تم معالجة الأمر بطريقة جذرية.
وأكد الشجني لـTRT عربي، أن مصير عدن في الوقت الحالي هو ذاته ما عليه العاصمة صنعاء، محملاً التحالف بقيادة السعودية إمكانية تمرد المجلس الانتقالي عليهم مثل ما فعلت جماعة الحوثي. وشدد على أن التحالف هو من دعم الحوثيين قبل انقلابهم من أجل ضرب حزب الإصلاح وقتها، مشيراً إلى أنه يكرر نفس الخطأ مع المجلس الانتقالي، وهو ما يوافقه عليه عبد الباقي شمسان.في جهة مقابلة، ثمن صالح بن فريد العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، أن الجهود التي يقوم بها "الأشقاء في التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين بدعمهم ومشاركتهم تمكن أبناء الجنوب، من دحر المشروع الفارسي وتطهير أرضهم من الإرهاب".
الشيخ #صالح بن فريد : المجتمع الدولي ودول #التحالف مع استقلال الـ #جنوبhttps://t.co/HdbaRV6mfg pic.twitter.com/0G2YSoz5xr
— المجلس الانتقالي الجنوبي (@STCSouthArabia) October 8, 2018
سقطرى المحطة القادمة
في سياق آخر، أعلنت الحكومة اليمنية رفضها وجود أي تشكيلات عسكرية أو أمنية في سقطرى جنوبي البلاد إثر تقارير عن بدء الإمارات إنشاء قوات "حزام أمني" في الأرخبيل على غرار قوات "الحزام الأمني" في مدينة عدن ومحافظات جنوبية أخرى.في هذا الإطار، يقول رئيس تنسيقية شباب الثورة في أرخبيل سقطرى، عيسى مسلم لـTRTعربي، إن الغرض من كل ما يحصل في محافظات الجنوب وخاصة سقطرى هو ضرب الوحدة اليمنية. واعتبر أن سلوك مندوبي الإمارات في سقطرى، هو ما يعيق العمل الذي دخل التحالف من أجله لليمن، مشيراً إلى تحرك بعض الأشخاص التي تعمل تحت إسم مؤسسة خليفة بن زايد الخيرية "مشبوه" في المظاهرات وأعمال العنف. وأضاف مسلم أن تجربة الحزام الأمني هي محاولة لسيطرة خارجية على الجنوب، وهو ما تدعمه الإمارات في سقطرى وعدن. وأشار إلى أن أكثر من 3000 عنصر جديد تم تعيينهم في الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الأسبوع الماضي برعاية أبو ظبي.٢/٢:نرفض السلوكيات التي من شأنها تقسيم وتجزئة اليمن والانقلاب على الجمهورية وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر وواحدية النضال الوطني باعتبار ذلك خيانة لدماء الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية شمالا وجنوبا شرقا وغربا.
— د/ أحمد عبيد بن دغر (@ahmedbindaghar) October 8, 2018
مخرجات الحوار الوطني أوجدت حل لكافة قضايا الوطن. pic.twitter.com/R1R9QGr5XQ
معارك النفوذ
تبدو المعارك في جنوب اليمن عموماً، أبعد من كونها معركة يمنية داخلية، أو بين شرعية وانقلاب، بل لها أبعادها الإقليمية والدولية.وهنا يذهب حميد الشجني بالقول إن الإمارات العربية المتحدة تحلم بالسيطرة على موانئ البحر الأحمر من أجل إفراغها وضرب حركتها. ويرى أن السعودية مهتمة أكثر بمحافظة المهرة من أجل إنشاء ممر بحري بين البحر الأحمر وبحر العرب يغنيها عن مضيق هرمز.
الإمارات تحلم بالسيطرة على موانئ البحر الأحمر من أجل إضعاف إنتاجها وضرب حركتها