رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدعو لحل الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة (AFP)
تابعنا

ما المهم: قرّر رؤساء أحزاب الائتلاف الحاكم في إسرائيل حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة في أبريل/نيسان المقبل.

ويأتي القرار في ظل ظروف داخلية حسّاسة تعيشها إسرائيل، خصوصاً في ظل التصعيد العسكري الأخير في قطاع غزة والمناوشات على الحدود اللبنانية.

واختلفت وجهات النظر الداخلية حول توقيت هذه الانتخابات والغرض منها.

الخلفية والدوافع: تسببت استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في إضعاف الائتلاف الحكومي الذي كان يستند إلى 66 عضواً من أصل 120 عضواً في الكنيست، والذي أصبح 61 عضواً، مما جعله أكثر هشاشة وضعفاً.

جاءت الاستقالة رد فعل على خيارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاه قطاع غزة، مثل فتح المجال لإدخال الوقود والأموال لحركة حماس، وقرار وقف العملية العسكرية في القطاع.

من جهة أخرى، شهدت أحزاب الائتلاف اختلافاً كبيراً حول تمرير مشروع قانون يتيح تجنيد اليهود المتدينين الحريديم، وهم طائفة يهودية متشددة مُعفَون من الخدمة العسكرية.

وحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن كل استطلاعات الرأي الحديثة تشير إلى أن نتنياهو هو "الأفضل لرئاسة الحكومة"، وبالتالي فهو "يريد أن تكون قيادته محور هذه الحملة الانتخابية أيضاً، لا العقائد أو الأفكار أو السياسة".

في المقابل نُقلت ملفات التحقيق ضد نتنياهو إلى مكتب المستشار القضائي للحكومة لاتخاذ القرارات المناسبة، التي كان من المتوقع أن تصدر خلال شهرين، وهو ما يتيح لنتنياهو محاصرة النيابة العامة في الزاوية، إذ لا يمكن إعلان شبهات ضد رئيس الحكومة دون اتهام النيابة والمستشار القضائي بالسعي للتأثير على المعركة السياسية، وفق صحيفة غلوبس الإسرائيلية.

وحسب هآرتس، فإن الأوضاع الاقتصادية الإسرائيلية تزداد سوءاً، بخاصة في ظل هبوط البورصات في دول العالم المختلفة وارتفاع الأسعار، "مما يفرض على نتنياهو التوجه إلى الانتخابات قبل أن يشعر أحد بشدة الأزمة، أو يهرب مصوتو حزب الليكود الذي يتزعمه إلى خصومه".

المشهد: قال الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية زياد بحيص، إن "قادة الائتلاف الحاكم حاولوا صناعة مبرر داخلي لحل الكنيست"، عبر تفجير الخلاف حول قانون فرض الخدمة على طلاب المدارس الدينية.

وفي حديثه لـTRT عربي، اعتبر بحيص أن تفجُّر الخلاف حول هذا القانون سببه "إدراك الجميع أن الانتخابات المبكرة باتت أمراً واقعاً"، لافتاً إلى أن حزبَي "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي" سحبا موافقتهما السابقة على مشروع القانون بقصد مغازلة أحزاب المتدينين وجمهورهم في الانتخابات.

تأجيل الإعلان جاء متعمداً حتى لا يُهدى إنجاز سياسي إضافي إلى المقاومة الفلسطينية في غزة

زياد بحيص - باحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية

وذكر بحيص أن السبب الموضوعي للانتخابات هو استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان عقب إخفاقين متتاليين، هما "الإخفاق الأمني في خان يونس، وحرب الأيام الثلاثة"، وخروجه الذي جعل الائتلاف الحكومي يستند إلى أغلبية برلمانية هشة.

واعتبر أن تأجيل الإعلان عن الانتخابات المبكرة جاء متعمَّداً "حتى لا يُهدَى إنجاز سياسي إضافي إلى المقاومة الفلسطينية في غزة"، منوهاً بأن القرار "جاء في اليوم الأربعين بالضبط لاستقالة ليبرمان".

ردود الأفعال: تميزت ردود الأفعال الإسرائيلية من خارج الائتلاف الحكومي بالترحيب بقرار التوجه إلى انتخابات مبكرة، بادّعاء أن ذلك سيُسقِط "أسوأ حكومة"، في حين يؤكّد حزب الليكود أنه سيحصل على ثقة الجمهور الإسرائيلي مجدداً ويشكّل الحكومة القادمة.

من جهتها قالت رئيسة المعارضة تسيبي ليفني، إن المعارضة ستفوز في الانتخابات، وإن هذه الحكومة ستسقط أخيراً.

واعتبرت ليفني أن نتنياهو في خروجه "سيحاول تدمير ما تَبقَّى من الديمقراطية في إسرائيل"، وأن معسكرها سيمنعه من ذلك.

كذلك رحّب ليبرمان رئيس كتلة "إسرائيل بيتنا" بالتوجه إلى انتخابات مبكرة، مضيفاً أنه سبق وقال إن من المهم وجود حكومة جديدة مستقرة.

ما التالي: يقول المختص في الشأن الإسرائيلي إبراهيم الخطيب، إن الساحة الداخلية تشير إلى تقدم نتنياهو بسبب ضعف الآخرين، منوهاً بصعوبة تشكيل أي ائتلاف في المستقبل.

وفي حديثه لـTRT عربي، أضاف الخطيب أن كل الأحزاب تتجه إلى اليمين في إسرائيل، حتى اليسارية منها، مما يبعد إمكانية استخدام أي بروباغندا ضدها.

نتنياهو سيستغل سياق الانتخابات للهرب من ملفات الفساد، ولا يمكن محاكمته مهما كانت الدلائل ضده

إبراهيم الخطيب - مختص في الشأن الإسرائيلي

ويعتقد الخطيب أن نتنياهو سيستغل سياق الانتخابات للهرب من ملفات الفساد، مشدداً على أن محاكمته لا يمكن أن تتمّ مهما كانت الدلائل ضده.

أما زياد بحيص فيرى أن من المتوقع أن تعزز الانتخابات "مكانة الليكود وبنيامين نتنياهو ما لم تعترض ظروف قاهرة طريقه مثل تحويله إلى المحاكمة على خلفية القضايا قيد التحقيق".

ويشير إلى أن المتغير الوحيد الذي قد يغير الموازين هو أن ينجح أحد أحزاب الوسط أو اليسار في اجتذاب شخصية عسكرية كبيرة مثل رئيس الأركان المنتهية خدمته غادي أيزينكوت.

تصعيد الخطاب اليميني قادر على تحويل الحكومة المقبلة إلى حكومة حرب تتشكل مهمتها الأساسية منذ انتخابها بأن تستعيد قدرة الردع في غزة ولبنان

زياد بحيص - باحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية

أما خارجياً فيقول بحيص إن "أهم العوامل المؤثرة على مصير الانتخابات هو مصير الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومدى استقرار حكمه"، معتبراً أن الإنجازات الإسرائيلية الكبرى على مدى العامين الماضيين حققها ترمب، سواء بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو محاولة إنهاء وكالة الأونروا.

ويرى أن تصعيد الخطاب اليميني قادر على تحويل الحكومة المقبلة إلى حكومة حرب، تتشكل مهمتها الأساسية منذ انتخابها في أن تستعيد قدرة الردع.

TRT عربي
الأكثر تداولاً