الحوثيون يستخدمون صواريخ باليستية لقصف منشآت في السعودية (AFP)
تابعنا

منذ عام 2015، عندما قررت السعودية خوض معركتها في اليمن مع حلفائها من أجل ما تصفه بـ"الدفاع عن الشرعية" والدخول في حملة "عاصفة الحزم"، أصبحت المملكة هدفاً رئيسياً لصواريخ الحوثيين، التي تتهمهم بارتباطهم مع إيران.

وعلى الرغم من توقف العمليات العسكرية لفترة طويلة دامت لأكثر من ستة أشهر، بسبب اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة بين الطرفين، والذي خفف من حدة التوتر في مدينة الحديدة الساحلية، فإن الصواريخ الحوثية عادت من جديدة لاستهداف الأراضي السعودية بقوة أكبر وبأهداف أخطر.

تزامنت هذه العودة مع تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن والذي تعتبر الرياض طرفاً مركزياً فيه، بسبب تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، كما شكل استهداف منشآت حيوية مثل المصافي النفطية والمطارات تهديداً حقيقياً للمملكة.

عملية استهداف الحوثيين محطتي خط أنابيب نفطية تابعتين لشركة أرامكو، ما أدى إلى توقف أنبوب التصدير، أعادت الأنظار مجدداً إلى أبرز الهجمات النوعية التي نفذها الحوثيون ضد أهداف في السعودية خلال السنوات الأربع الماضية.

مسلسل الهجمات الحوثية

بدأت الهجمات الحوثية اعتباراً من مايو/أيار ويونيو/حزيران 2015، عندما أعلن التحالف أن القوات الجوية السعودية اعترضت صواريخ باليستية داخل أراضيها، من خلال إطلاق صاروخ "سكود" تجاه القاعدة الجوية في مدينة خميس مشيط، وقبله أعلن التحالف سقوط صاروخ بمنطقة زراعية في جازان دون أن ينفجر، وتضم المناطق الحدودية نجران وجازان وعسير.

شهد عام 2017 تطوراً نوعياً بإعلان الحوثيين عن صاروخ باليستي طراز "بركان2"، وهو الصاروخ الذي بدأت من خلاله الجماعة بقصف أهداف في الرياض.

وكان من بين أبرز الصواريخ التي جرى إطلاقها صاروخ باليستي باتجاه الرياض في 20 مايو/أيار 2017، قبل ساعات من زيارة قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية.

وفي يوليو/تموز من العام نفسه، أعلن الحوثيون إطلاق صاروخ باليستي بعيد المدى لأول مرة على منشآت نفطية في محافظة ينبع، غربي البلاد.

وعلى الرغم من أن التحالف نفى إصابة مصافي النفط، ولم يؤكد اعتراض الصاروخ، فإن تقريراً أمريكياً سلط الضوء، في وقتٍ لاحق، على الهجوم باعتباره تطوراً نوعياً غير مسبوق آنذاك، إذ طار الصاروخ مسافة تقارب 1000 كيلومتر في سماء السعودية.

إلى جانب ذلك، كان الهجوم الصاروخي الأشهر للحوثيين تجاه الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عندما أعلنت الجماعة إطلاق صاروخ "بركان2" في اتجاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض، ووصلت شظايا الصاروخ فعلاً إلى أجزاء من المطار.

وعقب الهجوم، أعلن التحالف إغلاق كل المنافذ إلى اليمن لما يقرب من أسبوعين، ونفذ سلسلة عنيفة من الضربات، ومع ذلك استمر الحوثيون في إطلاق صواريخهم.

شكّل العام ذاته، لحظة فارقة أخرى في التصعيد الحوثي، عندما أعلن الحوثيون عن بدء تصنيع طائرة مسيرة بدون طيار، وعرضوا طرزاً مختلفة، هجومية وتجسسية، استُخدمت في هجمات بمناطق قريبة من الحدود بشكل محدود.

وفيما قال التحالف الذي تقوده السعودية إنه أحبطها، أعلن الحوثيون خلال عام 2018 أنهم استهدفوا مطارَي أبوظبي ودبي في الإمارات، وسط نفي للأخيرة.

لكن مع بدء عام 2019، بدا واضحاً أن هذه الطائرات باتت على درجة من الخطورة باستهداف قاعدة العند الجوية في محافظة لحج جنوبي اليمن، ومحاولة استهداف سيئون في إبريل/نيسان المنصرم، لكن الهجوم الذي استهدف محطتي خط أنابيب في السعودية، أو ما سماه الحوثيون "عملية التاسع من رمضان"، يعد الأقوى وغير المسبوق في تاريخ الهجمات الحوثية باتجاه الأراضي السعودية، كما يعد مؤشراً على إخفاق التحالف في منع الحوثيين من تطوير قوتهم العسكرية، وفشل منظومة الدفاع الجوي في التصدي لهذه الهجمات بشكل كامل.

سياق مشتعل

لم يتوقف الاستهداف الحوثي للمنشآت الحيوية السعودية عند المصافي النفطية بل عاود الكرّة مرة أخرى خلال يومين عندما حاول الوصول إلى مطار نجران، مع تهديد شديد اللهجة من زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، بأن أكثر من 300 هدف داخل السعودية صوب مرماهم.

التحالف بقيادة السعودية في اليمن، اتهم مباشرة الحرس الثوري الإيراني بتزويد جماعة الحوثي اليمنية بـ"قدرات نوعية" من صواريخ بالستية وطائرات من دون طيار تمكنّهم من استهداف أماكن داخل السعودية.

وعلى إثر التصعيد الأخير، قال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إنّ "المليشيات الحوثية حصلت على قدرات نوعية لا يمكن لأي مليشيا في العالم أن تحصل عليها"، في إشارة إلى الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.

في جانب آخر، أكدت السفارة السعودية في واشنطن، عبر تغريدة، اعتراض الدفاع الجوي صاروخين، باتجاه منطقة مكة، متهمة الحوثيين في اليمن بإطلاقهما.

الأمر الذي نفاه زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، مجدداً، واصفاً هذا الحديث بأنه "افتراء"، وذلك في ثاني نفي للجماعة خلال يومين. وقال الحوثي إن "ضربات الجيش واللجان التابعة لجماعته يتم الإعلان عنها أولًا بأول وبكل شجاعة ووضوح وتحدٍّ وهي دائماً ضمن المبادئ الأخلاقية والشرعية للشعب اليمني".

ليتواصل بذلك مسلسل الاستهدافات الحوثية للسعودية بعد شبه سقوط لاتفاق السويد وعودة الحوثيين إلى الانتشار في مدينة الحديدة الساحلية، ومع قرع طبول الحرب بين واشنطن وطهران، تبقى الرياض في جوهر المعركة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً