جددت القوات الإسرائيلية اقتحامها للمسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، مساء الأربعاء، وفق شهود عيان.
وذكر الشهود لوسائل إعلام فلسطينية، أن القوات الإسرائيلية حاصرت المصلين داخل المسجد القبلي ثم اقتحمته وبدأت بإطلاق الرصاص المطاطي ما أدى إلى إصابة عدد منهم، ثم اعتدت على آخرين بالهراوات ولاحقتهم عند أبواب المسجد الأقصى.
كما تمركزت القوات الإسرائيلية عند باب السلسلة ومنعت الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى، وهو ما رفع حدة التوتر في المكان.
في السياق، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن "الطواقم الطبية تعاملت مع 6 إصابات خلال اقتحام قوات الاحتلال للأقصى، منها 4 عولجت ميدانياً، فيما تم نقل إصابتين للمستشفى".
وفي وقت سابق، اقتحمت قوات الاحتلال المسجد فجر الأربعاء، واعتقلت المئات من المصلين بعد الاعتداء عليهم وجرح العشرات وهو ما أثار ردود فعل دولية.
إدانات عربية
وأدانت السعودية ومصر وقطر والأردن اقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى فجر الأربعاء واعتداءها على المصلين، وحمّلت تل أبيب مسؤولية تصاعد العنف وتقويض جهود التهدئة.
جاء ذلك في بيانات منفصلة صدرت عن وزارات خارجية البلدان الأربعة، بعد ليلة شهدت توتراً شديداً في المصلى القبلي، حيث اعتدت الشرطة الإسرائيلية بالضرب على المصلين والمعتكفين واعتقلت 350 منهم.
وقالت الخارجية السعودية إن "المملكة تتابع بقلق بالغ اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين، واعتقالها عدداً من المواطنين الفلسطينيين".
وأضافت: "المملكة إذ تدين هذا الاقتحام السافر، تعبّر عن رفضها القاطع لهذه الممارسات التي تقوّض جهود السلام وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية".
من جانبها، أدانت الخارجية المصرية بأشد العبارات الاقتحام وما صاحبه من "اعتداءات سافرة أدّت إلى وقوع إصابات عديدة بين المصلين والمعتكفين بمن فيهم النساء، في انتهاك لجميع القوانين والأعراف الدولية".
وحمّلت مصر في بيان خارجيتها إسرائيل "مسؤولية هذا التصعيد الخطير الذي من شأنه أن يقوّض جهود التهدئة التي تنخرط فيها مصر مع شركائها الإقليميين والدوليين".

بدورها، أدانت الخارجية القطرية بأشدّ العبارات اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى وتخريبه والاعتداء على المصلين ومنع سيارات الإسعاف الوصول إلى المصابين.
وأضافت أنها "تعتبر هذه الممارسات الإجرامية الوحشية تصعيداً خطيراً وتعدياً سافراً على الأماكن المقدسة وامتداداً لسياسة تهويد القدس، واستفزازاً لمشاعر أكثر من مليارَي مسلم في العالم، لا سيّما في شهر رمضان".
من جانبها، أدانت تونس بشدة اقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى فجر الأربعاء والاعتداء على المصلين، داعية المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته تجاه الشعب الفلسطيني.
وحمّلت تونس "الكيان المُحتلّ مسؤولية ما قد تؤول إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المُحتلة جرّاء تكرّر الاعتداءات على الأماكن المُقدّسة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
كما نددت المملكة المغربية أيضاً بالاقتحام، ودعت لاحترام الوضع القانوني والديني في الأماكن المقدسة. وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان إن المملكة "تؤكد ضرورة احترام الوضع القانوني والديني والتاريخي في القدس والأماكن المقدسة والابتعاد عن الممارسات والانتهاكات التي من شأنها أن تقضي على كل فرص السلام بالمنطقة".
اجتماع "طارئ" لجامعة الدول العربية
دعا اجتماع طارئ للجامعة العربية، الأربعاء، مجلس الأمن الدولي، لوقف "جرائم" إسرائيل بحق المسجد الأقصى، مؤكداً استمرار انعقاده بهدف "متابعة تطورات المخططات العدوانية الإسرائيلية".
جاء ذلك في بيان صادر عن المجلس الذي انعقد على مستوى المندوبين الدائمين (21 دولة) بالتنسيق بين مصر رئيس الدورة العادية 159، والأردن وفلسطين، بعد ليلة شهدت توتراً شديداً في المصلى القبلي، حيث اعتدت الشرطة الإسرائيلية بالضرب على المصلين والمعتكفين واعتقلت مئات منهم.
وانتهى المجلس إلى "الإدانة الشديدة للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المصلين المسلمين العُزل في المسجد الأقصى المبارك"، وفق البيان.
وفي السياق ذاته، أدانت الخارجية الأردنية اقتحام الأقصى والاعتداء عليه وعلى من فيه، وطالبت إسرائيل بـ"إخراج الشرطة والقوات الخاصة من الحرم القدسي الشريف فوراً".
ونقلت الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها السفير سنان المجالي قوله، إن الاقتحام "يعدّ انتهاكاً صارخاً وتصرّفاً مداناً ومرفوضاً".
ودعا الأردن الأربعاء، إلى اجتماع "طارئ" لجامعة الدول العربية، على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث الاقتحام الإسرائيلي للمسجد الأقصى.
وحسب بيان لوزارة الخارجية، يأتي الاجتماع "في ضوء التطورات التي يشهدها المسجد الأقصى المبارك، جراء اقتحام شرطة الاحتلال الإسرائيلية للحرم القدسي الشريف، والاعتداء عليه وعلى الموجودين فيه".
ولفت البيان إلى أن المملكة ستستمر، وبالتنسيق مع العرب، على اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات التي من شأنها "وقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير، والتحذير من مغبته، وتحميل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن تبعاته، التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة".
إدانة تركية
في تركيا، أدان مسؤولون بدورهم أيضاً اقتحام الأقصى والاعتداء على المصلين. وأعرب نائب الرئيس فؤاد أوقطاي، ورئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون، ورئيس الشؤون الدينية علي أرباش ووزير الخارجية مولود جاوش أوغلو، عن إداناتهم لعملية الاقتحام والاعتداء على المصلين.
وقال أوقطاي في تغريدة عبر تويتر، إن بلاده تقف بجانب الشعب الفلسطيني أمام المساعي الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي للمسجد الأقصى.
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد علق الاقتحام الإسرائيلي للمسجد الأقصى قائلاً: “ندين الأعمال الدنيئة ضد القبلة الأولى للمسلمين“، داعياً لوقف الهجمات في أسرع وقت.
وأضاف أردوغان: “من الواضح أن موجة العنف التي تشنها الإدارة الإسرائيلية رغم كل التحذيرات وراءها مأزق الداخل. هذه تسمى (سياسة الظلم)“.
وتابع: "لا يمكن لتركيا أن تبقى صامتة حيال هذه الاعتداءات، التطاول على المسجد الأقصى ودوس حرمة الحرم الشريف خط أحمر بالنسبة إلينا".
بدوره، أدان ألطون في تغريدة الاعتداءات الإسرائيلية في شهر رمضان المبارك، مجدداً وقوف تركيا إلى جانب الشعب الفلسطيني واستمرار مساعيها لحماية حقوقه.
من جانبه، دعا أرباش إسرائيل للتوقف عن هذه العقلية التي تتجاهل حرمة المسجد الأقصى وتستهدف المسلمين.
وأدان نواب حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، اقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين.
وقال رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية التركية-الفلسطينية والنائب عن حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، حسن توران في مؤتمر صحفي في أنقرة: "إن الحكومة الإسرائيلية استهدفت مجدداً الشعب الفلسطيني المظلوم من أجل تجاوز الأزمة السياسية التي تمر بها".
وأدان توران اقتحام قوات الأمن الإسرائيلية وانتهاكها حرمة المسجد الأقصى ومكانته التاريخية، وممارساتها "الوحشية" ضد المصلين في المسجد.
وأضاف: "من غير المقبول أن يرافق النظام الصهيوني المحتل الأعمال اليهودية المتطرفة في الأماكن المقدسة للمسلمين من خلال استفزازات مختلفة حول المسجد الأقصى والقدس كل رمضان".
وأوضح جاوش أوغلو في كلمة على هامش مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول الناتو بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أن إسرائيل تجاوزت حدودها من خلال الاعتداء على المسجد الأقصى واعتقال الفلسطينيين.
وقال "لا يمكننا قبول الهجمات المتواصلة على المسجد الأقصى، ونطالب إسرائيل بوقف الاستفزازات فوراً".
بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن إن بلاده تتطلع إلى توقف حكومة إسرائيل عن استخدام المسجد الأقصى “للهروب من التأزم السياسي الداخلي“. وتحدث قالن عن المستجدات الإقليمية والدولية، ومنها اقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى فجر الأربعاء، في تصريحات لوكالة الأناضول، وشدد قالن على أنه “ما دام تنفيذ سياسات الاحتلال الإسرائيلية يتواصل، فإن إحلال السلام لن يكون ممكناً في المنطقة“.
ومؤكداً أن من مهام الحكومة الإسرائيلية “منع اليهود المتطرفين من دخول المسجد الأقصى“، قال قالن: “عدم أداء ذلك يعد إهمالاً وجريمة“. وتابع: “نطالب المجتمع الدولي بإبداء الاحتجاج بنفس الحزم، وأن يمارس الضغوط على الحكومة الإسرائيلية“.
وأعرب قالن عن تطلع تركيا لوضع الحكومة الإسرائيلية حداً لاستخدام المسجد الأقصى والقدس والأراضي المقدسة “أداة للهروب من التأزم السياسي الداخلي” في بلادها. متحدث الرئاسة التركية أكد أن بلاده ستواصل الوقوف إلى جانب قضية الفلسطينيين العادلة، وقال عن التطورات الأخيرة في القدس: “نواجه وضعاً عبثياً جداً يتمثل بوضع مقدسات مجموعة في موقع أجلّ من مقدسات مجموعة أخرى“.
وأضاف: “بالطبع لا تنطبق (ممارسات) مجموعة يهودية متطرفة على سائر اليهود، وليس من الصواب التعميم بهذا الشكل، فلدينا (في تركيا) مواطنون موسويون محترمون للغاية، كما تعارض مجتمعات أخرى في إسرائيل مثل هذه التصرفات المتطرفة“. وأكد قالن أنه “بعدما اقتحمت القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى بهذه الطريقة المستهترة، لم يكن من الممكن ألا يبدي المصلون بالمسجد والفلسطينيون والمسلمون رداً على هذا التصرف“.
فصائل فلسطينية: عدوان همجي
وصفت فصائل فلسطينية، الأربعاء، اقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى فجراً واعتداءها على المصلين، بأنه "عدوان همجي ونقلة خطيرة في استباحته".
جاء ذلك في تصريحات وبيانات للفصائل الفلسطينية.
وقال رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل في تصريحات نشرها الموقع الرسمي للحركة، إن "ما يجري في المسجد الأقصى المبارك نقلة خطيرة في العدوان عليه واستباحته".
وطالب مشعل بالتحرك والتفاعل والتحشيد والنصرة والعمل الاختصاصي والميداني والشعبي، كلٌّ في مجاله ومسؤوليته لنصرة المسجد الأقصى.
بدوره قال الأمين العام لحركة "المجاهدين"، أسعد أبو شريعة إن ما يحدث "جريمة بحق أقصى المسلمين، تستوجب على الأنظمة العربية التراجع عن مواقفها المتخاذلة تجاه القدس والأقصى"، وفق تعبيره.

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد اعتقلت بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء عشرات الفلسطينيين من المصلى القبلي في المسجد الأقصى، بعد اقتحامه والاعتداء على عدد كبير منهم بالضرب.
وتصاعد التوتر في مدينة القدس الشرقية وضواحيها، منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو أواخر العام الماضي والتي يصفها إعلام عبري بأنها "الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل".