الحكومة اليمنية الجديدة مكونة من 24 وزيراً من مختلف الأحزاب السياسية ومناصفة بين الشمال والجنوب (AA)
تابعنا

أعلنت الرئاسة اليمنية، الجمعة، بقرار جمهوري تشكيل حكومة يمنية جديدة مكونة من 24 وزيراً من مختلف الأحزاب السياسية ومناصفة بين الشمال والجنوب، بناء على اتفاق الرياض الموقع العام الماضي.

وبينما خلا الإعلان عن تشكيلة الحكومة من أي صورة تذكارية أو بيان مصور، نص الإعلان الرئاسي، على منح المحافظات الشمالية 12 حقيبة وزارية، بينها الدفاع، كما حصل الجنوب على 12 حقيبة، بينها 5 للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وللمرة الأولى يحصل "الانتقالي" المدعوم إماراتياً على حقائب وزارية في الحكومة، بعد تأسيسه عام 2017، ويعرف عن المجلس مطالبته بانفصال جنوب اليمن عن شماله.

وفي أول تعليق لرئيس الحكومة معين عبد الملك، قال: "إن إعلان حكومة الكفاءات الجديدة، سيعيد وضع الدولة والحكومة وتحالف دعم الشرعية (التحالف العربي) إلى المهام الحقيقية، وعلى رأسها إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة.

وكافحت السعودية منذ أكثر من عام لتشكيل حكومة جديدة في اليمن من أجل إنهاء الخلاف بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، حتى يتم التفرغ لمواجهة الحوثيين الذين اقتربوا من السيطرة على مأرب، آخر معاقل السلطة الشرعية في شمال اليمن.

والأسبوع الماضي، أعلن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ مارس/آذار 2015، عن تنفيذ عملية فصل بين قوات السلطة وقوات الانفصاليين في العديد من المدن الجنوبية، وإعادة نشرها، لتعود إلى جبهات القتال ضد الحوثيين في الشمال وخارج عدن.

وأجرت القوات الحكومية وقوات "الانتقالي" انسحاباً متبادلاً من خطوط التماس في أبين، تنفيذاً للشق العسكري من اتفاق الرياض الموقّع بين الجانبين في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

ترحيب دولي

وبينما حظي إعلان الحكومة باحتفاء رسمي وترحيب عدد من الدول العربية والإقليمية، رحبت السعودية والولايات المتحدة ومصر والأردن والصين ومنظمة التعاون الإسلامي، بتشكيل الحكومة الجديدة.

وهنأت السعودية في بيان صدر من وزارة خارجيتها بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة بعد الانتهاء من تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض.

من جانبه عبر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، عن أمله بنجاح جهود الحكومة الجديدة ورئيس الوزراء لمواجهة التحديات العديدة التي تواجهها البلاد وتحسين حياة الشعب اليمني، واعتبر تشكيل الحكومة خطوة محورية نحو حل سياسي دائم للصراع في اليمن".

وتعد الحكومة الجديدة هي الأولى منذ نحو عشرين عاماً التي تخلو من مشاركة المرأة. وتقلدت المرأة في الحكومات السابقة حقائب وزارية عدة منها حقوق الإنسان والإعلام والثقافة.

تحديات كبيرة

وعلى الرغم من الآمال المعلقة على الحكومة الجديدة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة، أبرزها أزمة انهيار العملة، إضافة إلى الصراع السياسي القائم، وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وغالبية محافظات الشمال.

وبرزت مخاوف من أن تلحق الحكومة الجديدة بسابقاتها التي لم يكتب لها الاستمرار، بعد تشكلها عقب اتفاقات هشة، وانتهت بتفجر الأوضاع مرة أخرى.

ونهاية 2014 تم تشكيل حكومة برئاسة خالد بحاح، قبل أن تتم إقالته وتعيين أحمد عبيد بن دغر رئيساً للوزراء في أبريل/نيسان 2016، والذي تمت إقالته منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتعيين معين عبدالملك رئيساً للوزراء.

وفشلت جميع هذه التشكيلات في تحسين الوضع المعيشي وإيقاف تدهور العملة، كما لحق بها إخفاقات عسكرية مستمرة، آخرها منذ أشهر عندما سيطر الحوثيون على مديرية نهم (البوابة الشرقية لصنعاء)، ومدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف (شمال).‎

توزيع مصالح

وفي مقابل التفاؤل الرسمي بإعلان تشكيل الحكومة، ثمة من يرى أن هذا التطور يهدف لتحقيق مصالح سعودية إماراتية في اليمن.

الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب، قال: "الحكومة المشكلة تعبر عن توزيع مصالح ومكاسب بين الإمارات والسعودية، تحت غطاء الحكومة الجديدة".

ولفت إلى أنه من المفترض بناء على مخرجات اتفاق الرياض، أن تكون حقيبتي الدفاع والداخلية مناصفة بين الشمال والجنوب، باختيار رئيس الجمهورية، لكنها لا تعبر عن تقاسم (سياسي) بين المجلس الانتقالي والمكونات الأخرى المناوئة له.

وتابع موضحاً: "لهذا منحت وزارة الداخلية اللواء إبراهيم حيدان، وهو شخصية جنوبية معروفة بقربها من الرئيس وليست من مؤيدي الانفصال، وهو في تقديري واجهة أمنية بخلفية عسكرية، حيث إنه رجل عسكري تخرج في الكلية البحرية".

ومضى قائلاً: "الرئيس هادي يتحسب لأي أعمال عنف قد يواجهها، لذلك اختار لمنصب وزير الداخلية رجلاً عسكرياً، ولم يختر رجلاً أمنياً".

وذهب الباحث اليمني إلى أن "الإمارات والسعودية تحاولان صنع حالة اتزان استراتيجي بينهما"، لكنه يرى أن السعودية باتت "المتحكم الأبرز في المشهد السياسي والعسكري باليمن".

ولا يتوقع الذهب أن تساعد هذه الحكومة في تحقيق "انسجام بعيد المدى" بين طرفي اتفاق الرياض، وأنه من المرجح حدوث توترات بينهما، لحرص كلّ منهما على رؤاه وعدم الخضوع للآخر.

خليط غير متجانس

ومتفقاً مع ذلك، يرى الصحفي والكاتب السياسي حسن الفقيه، أن هذه الحكومة هي "خليط غير متجانس"، وأنها ولدت "بعد مخاض عسير، رغم عدم التأكد الكلي من الترتيبات السابق إعلانها".

ويرى أن هذه الحكومة "ستعترضها جملة من العقبات والصعوبات، ابتداء بعودتها واستقرارها والقيام بواجبها"، ولم يستبعد أن يكون مصيرها الفشل كسابقاتها من الحكومات.

ومن ثم فهو يعتبر أن إعلان تنفيذ الشق العسكري وتشكيل الحكومة، هو أشبه بـ"محاولة إثبات إنجاز للرعاة (السعودية والإمارات) على ما يبدو".

ولفت الفقيه في هذا السياق، إلى أن التشكيل الجديد للحكومة منح "طابع الشرعنة" للنفوذ الإماراتي من خلال منح وكلائها وزارات، أبرزها النقل، وهو ما يعني استمرار إغلاق الموانئ وتعطيل الموارد.

وتابع: "أتوقع استمرار النفوذ الإماراتي حتى تأتي تغيرات تعيد ترتيب المشهد من جديد".

وحول مدى تأثير هذا التطور السياسي على مستقبل اليمن، أوضح الفقيه أن ذلك "مرتبط برغبة الرعاة والحلفاء بعد أن أصبحت مؤسسات البلاد مقيدة أو ارتضت لنفسها أن تكون كذلك".

وإضافة إلى لصراع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، يشهد اليمن منذ ست سنوات حرباً بين القوات الحكومية المدعومة سعودياً، وجماعة الحوثي المدعومة إيرانياً.

وأودت الحرب بحياة 233 ألف شخص، وبات 80%من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.



TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً