ترمب خلال مؤتمر صحفي مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال زيارته للندن (Reuters)
تابعنا

منذ صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى سدة الحكم، شهدت العلاقات الأمريكية البريطانية تحسناً كبيراً بعد بعض التوترات، إذ كانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من أوائل الذين دخلوا البيت الأبيض لتهنئة ترمب بفوزه.

لم يكن ذلك سوى مقدمة لعلاقات متينة بين ترمب وماي، إذ كان الرئيس الأمريكي أول الداعمين لها بشأن خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم "بريكست"، بل وأكد أنه بمجرد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي بشكل كامل سوف يفتح مجالاً واسعاً للتجارة مع بريطانيا.

كان ذلك بمثابة الدعم المطلق لتفكيك الاتحاد الأوروبي حسب واشنطن بوست، والذي يعتبر القوة الاقتصادية الأولى التي تنافس الولايات المتحدة، إلا أن هذا الدعم لم يفد ماي في خطتها إذ إنها من المنتظر أن تستقيل الجمعة من منصبها بسبب عدم نجاحها في تمرير بريكست، ومن هذه النقطة تأتي زيارة ترمب لبريطانيا في آخر أيامها في الحكم من أجل البحث عن بديل يدعم هذه الخطة.

البحث عن البديل

لم يأت الرئيس الأمريكي للندن من أجل وداع تيريزا ماي وشكرها على مساهمتها في البلاد، بل يبدو أن ترمب جاء من أجل تأمين مواصلة طريق الخروج عن الاتحاد الأوروبي.

فمنذ وصوله إلى بريطانيا، سعى ترمب الثلاثاء إلى التقرّب من المرشّحين لخلافة ماي، إذ اتّصل ببوريس جونسون، وزير الخارجية السابق والذي يعد أبرز اسم مرشح لرئاسة الوزراء، بحسب مصادر سياسية بريطانية.

وأجرى الرئيس الأمريكي محادثة هاتفية لمدة 20 دقيقة مع جونسون الذي وصفه قبل أسبوع بأنه "سيكون رئيس حكومة ممتازاً"، حسبما أفاد مصدر مقرّب من رئيس بلدية لندن السابق لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المصدر ذاته، إن المحادثة كانت "ودية وبناءة" مؤكداً أن جونسون اعتذر عن قبول عرض قدّمه الرئيس الأمريكي لعقد لقاء ثنائي معه، ورجح المصدر أن سبب الاعتذار هو أن الاجتماع يتعارض مع أولى جلسات نقاش مرشّحي حزب المحافظين لخلافة ماي.

في السياق، قال مصدر مقرّب من وزير البيئة مايكل غوف إن عضوا في فريق ترمب طلب عقد لقاء معه، مشيراً إلى أنه وافق على ذلك دون تحديد الموعد.

في المقابل، أعلن ترمب خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بتيريزا ماي، أنه رفض طلب زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين عقد لقاء معه، نافياً قيام تظاهرات حاشدة ضدّه ومنتقداً كوربين الذي دعا لاحتجاجات ضد زيارة الرئيس الأمريكي لبريطانيا.

وكان كوربين قد انتقد "محاولة ترمب للبت في من سيكون رئيس وزراء جديداً لبريطانيا"، معتبراً دعمه لجونسون "تدخلاً غير مقبول على الإطلاق في ديمقراطية البلاد".

وأضاف كوربين، الذي رفض دعوة لحضور المأدبة الرسمية التي ستقام على شرف الرئيس الأمريكي أن "رئيس الوزراء الجديد لن يختاره رئيس الولايات المتحدة ولا المئة ألف عضو في حزب المحافظين ضعيف التمثيل، بل سيختاره الشعب البريطاني في انتخابات عامة".

صفقة مقابل الانفصال؟

لم يتوقف الرئيس الأمريكي خلال زيارته لبريطانيا عند التواصل مع المرشحين لخلافة ماي وحثهم على الانفصال من الاتحاد الأوروبي، بل دعم موقفه بوعود اقتصادية مشتركة بين واشنطن ولندن.

وقال ترمب إنه يتوقع أن تتوصل الولايات المتحدة إلى "اتفاق تجاري مهم للغاية" مع بريطانيا بعد بريكست واصفاً إياه بأنه "منصف جداً".

ولم يكن مزاحه مع تيريزا ماي خالياً من الجدية عندما طلب منها البقاء وإقامة تحالف اقتصادي أقوى مع الولايات المتحدة عندما تغادر بلادها الاتحاد الأوروبي، إذ يحمل في طياته مستقبلاً جديداً للعلاقة التجارية بين البلدين بعد تحقيق شرط الانفصال.

وفي هذا الإطار تناول ترمب وجبة الفطور مع مسؤولي 5 شركات بريطانية عملاقة، أفاد خلاله بأن البلدين أكبر شريكين تجاريين، مشيراً إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يشكل فرصة كبيرة لتوثيق العلاقات التجارية بين البلدين.

وأضاف ترمب خلال هذه الجلسة "أعتقد أننا سنعقد اتفاقية كبيرة جدا، وستكون اتفاقية عادلة إلى حد كبير"، معبراً عن شكره لتيريزا ماي على "أعمالها الرائعة" حيال قيادتها لمسيرة الخروج من الاتحاد الأوروبي.

بدورها أكدت رئيسة الوزراء البريطانية أن البلدين يمتلكان قدرات كبيرة من ناحية العمل المشترك في المستقبل، مضيفة أن هناك شراكة هائلة يمكن أن نتوّجها بإبرام معاهدة تجارية جيدة.

وبدت أول بوادر هذه الصفقة حسب رويترز باالتوصل لاتفاق بشأن شركة هواوي الصينية، التي تفرض عليها واشنطن عقوبات صارمة، إذ أفادت تقارير استخباراتية باستخدام بريطانيا تكنولوجيا مجموعة الشركة الصينية لتأسيس شبكات الإنترنت من الجيل الخامس، في ما يُعتبر تجاهلاً للقرار الأمريكي.

إلا أن ترمب أكد أنه توصل لحل مع بريطانيا في هذا الخصوص وأن العلاقات بين البلدين كبيرة جداً ومتناسقة لحد كبير.

TRT عربي
الأكثر تداولاً