شكلت "البوسطة" في لبنان رمزاً لشرارة الحرب الأهلية بالبلاد وتحل اليوم ذكراها السنوية الـ48 / صورة: AA (AA)
تابعنا

في 13 أبريل/نيسان 1975، ورداً على مقتل عنصرَين من حزب "الكتائب"، قتل مسلحوه 27 فلسطينياً بمنطقة "عين رمانة" شرقي العاصمة بيروت، بعد إطلاق نار استهدف حافلتهم، لتدخل البلاد بعدها حرباً استمرت 15 عاماً.

ومع أن الأسباب الفعلية للحرب الداخلية سبقت مقتل الفلسطينيين، إذ إنها كانت متشعبة بين اقتصادية وسياسية وطائفية وعوامل خارجية، فإن الحافلة (البوسطة) بقيت عالقة في الأذهان على أنها السبب المباشر لاندلاع القتال.

لكن رمزية "البوسطة" تحولت بعد كل هذه السنوات إلى منطلق لمشاريع عدة تبعث الأمل والسلام للأجيال الصاعدة، وتحاول كسر الصورة النمطية لهذه الحافلة والتي ترسخت في العقول طيلة السنوات الماضية.

أنشأت جمعية "سعادة السماء" من حافلة قديمة مطعماً مجانياً للفقراء والمحتاجين (AA)

مطعم الفقراء

في منطقة "عين رمانة" حيث انطلقت شرارة الحرب قبل أكثر من 4 عقود، حلت "بوسطة" مشابهة للحافلات القديمة وقت الحرب لكنها ليست مخصصة للنقل، إنما تُستخدم مطعماً مجانياً للفقراء والمحتاجين، أنشأته جمعية "سعادة السماء" (غير حكومية).

وفي حديث للأناضول، قال مؤسس الجمعية الكاهن مجدي علاوي، إن "الهدف من المشروع الإنساني تغيير النظرة للبوسطة وتحويلها إلى رمز للخير والمحبة"، مضيفاً أن "البوسطة التي نريدها هي مكان للتلاقي والحوار بين أبناء الوطن".

وأردف: "من هذا المكان اندلعت الحرب في 13أبريل/نيسان 1975، ومن نفس المكان أردنا أيضا أن نقلب الصورة من خلال جعل البوسطة مكاناً يأكل فيه الفقراء بكرامتهم ويجتمعون معاً".

مع تدهور الأوضاع الاقتصادية بات المطعم يفتح أبوابه بضعة أيام في الشهر (AA)

وأوضح أن "المطعم كان يقدم وجبات مجانية من الهمبرغر والبطاطا يومياً للأطفال والمسنين خاصة، لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية بات المطعم يفتح أبوابه بضعة أيام في الشهر".

ويعتمد تأمين المواد الغذائية بالمطعم على التبرعات العينية، فيما يعد الطعام ويحضّره عدد من المتطوعين الشباب والشابات.

ويعاني لبنان منذ عام 2019 من أزمة اقتصادية حادة هي الأسوأ في تاريخه، أدت إلى انهيار مالي وتدهور معيشي غير مسبوق.

مشروع صديق للبيئة على متن "بوسطة" في بيروت يستهدف إعادة فرز النفايات ونشر ثقافة الحفاظ على البيئة بين الأجيال الصاعدة (AA)

مشروع بيئي

الشاب اللبناني بيار بعقليني، جعل من "البوسطة" مشروعاً صديقاً للبيئة في بيروت، يهدف لإعادة فرز النفايات ونشر الوعي وثقافة الحفاظ على البيئة بين الأجيال الصاعدة.

المشروع هو عبارة عن حافلة من الطراز القديم شبيهة بحافلات فترة الحرب، مجهزة بحاويات لفرز المواد القابلة لإعادة التدوير، بدلاً من مقاعد الركاب.

المشروع عبارة عن حافلة من الطراز القديم شبيهة بحافلات فترة الحرب مجهزة بحاويات لفرز المواد القابلة لإعادة التدوير (AA)

وقال بعقليني وهو مؤسس إحدى الشركات المحلية المتخصصة بإعادة تدوير النفايات، إن "البوسطة من الطراز القديم لها رمزية كبيرة جداً لدى اللبنانيين".

وأضاف في حديث إلى لأناضول: "كلنا نعلم الذكريات الأليمة في تلك الفترة (فترة الحرب)".​​​​​​​

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً