تركيا سبقت عديداً من الدول الأوروبية من بينها فرنسا واليونان في منح المرأة حق التصويت والمشاركة السياسية عام 1934  (AA)
تابعنا
تحتفل تركيا يوم 5 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، بذكرى حصول المرأة التركية، بعد نضال مكثف، على الحق الدستوري الكامل في التصويت والمشاركة السياسية عام 1934، بعد أن كانت مُنحت ذلك الحق جزئياً عام 1930، بالحصول على حق الاقتراع في الانتخابات المحلية.

بإقرار مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديثة حق المرأة في الاقتراع في ثلاثينيات القرن الماضي، أصبحت تركيا من أوائل الدول في أوروبا التي تمنح المرأة هذا الحق، وسبقت حينها دولاً غربية كثيرة، وهو الأمر الذي تعود جذوره إلى زمن بعيد، يعيد إلى الأذهان عصر "سلطنة النساء" في الدولة العثمانية.

التفوق التركي على أوروبا

تفوقت تركيا على عديد من الدول الأوروبية بأسبقية تشريع قانون حق المرأة في الاقتراع عام 1934، فمثلاً تأخرت فرنسا لأكثر من عقد كامل في منح المرأة ذلك الحق، إذ لم تسمح به إلا عام 1944 بعد معركة نضالية طويلة، في الوقت الذي كانت فيه المرأة التركية تتمتع بهذا الحق منذ عشر سنوات.

لم تكن فرنسا الدولة الوحيدة التي تأخرت في الاعتراف بمشاركة المرأة سياسياً، فقد منحت إيطاليا نساءها حق الاقتراع عام 1945، واليونان منعت النساء طويلاً من أي مشاركة سياسية حتى عام 1952، في حين لم تشرّع سويسرا هذا القانون إلا عام 1971 بعد معركة شرسة استمرّت نحو 12 عاماً.

في عام 1948 تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنّته الأمم المتحدة حق المرأة في التصويت، وأقرّه القانون الدولي موصياً بتعميمه على جميع الدول.

معركة أخرى لإنفاذ القانون

بعد عام واحد من إقرار القانون في تركيا تمكنت 17 نائبة من دخول البرلمان التركي في 1935، وبعدها بسنوات قليلة انتُخبت مفيدة إلهان أول رئيسة بلدية في تركيا عن مدينة مرسين عام 1950.

اعتُبرت هذه الخطوات إنجازات ضخمة للمرأة التركية حينها، إلا أن اصطدام تنفيذ القانون بعوائق اجتماعية وسياسية حال دون اتساع أثره ليشمل عدداً أكبر من النساء التركيات.

فالنظام الذي حكم تركيا لسنوات طويلة في تلك الحقبة، منع المحجبات من الترشُّح في الانتخابات، على الرغم من أنهن يشكّلن نسبة كبيرة من النساء في البلاد، كما وضع ذلك النظام كثيراً من العوائق على مشاركة المرأة التركية المحجبة السياسية.

ووقعت حادثة شهيرة في تلك الحقبة، حين طرد البرلمان التركي النائبة مروة قاوكشي من جلسة حلف اليمين عام 1999، وسُحبت عضويتها في البرلمان ورُفعت عنها الحصانة.

لم يشهد البرلمان التركي منذ إقرار القانون عام 1934 دخول نائبات محجبات إلى البرلمان على الإطلاق حتى عام 2013، بعد رفع القيود عن المرأة المحجبة تدريجياً عقب وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم. حينها دخلت 4 نائبات محجبات إلى البرلمان لأول مرة منذ تأسيس الجمهورية التركية في 31 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

وتمكن حزب العدالة والتنمية بمرور السنوات من إيصال 52 امرأة إلى البرلمان، من أصل 295 نائباً محسوباً على الحزب، آخرهم روميساء كاداك التي تُعَدّ أيضاً أصغر نائبة في البرلمان التركي عن دائرة إسطنبول، إذ كانت سنّها لا تتجاوز 22 عاماً حين دخلت البرلمان عام 2018.

زمن "السلطانات"

ليس غريباً أن تسبق تركيا عديداً من الدول الأخرى في منح المرأة حق التصويت، بالنظر إلى تاريخها الممتد وانتزاع نسائها حقوقاً واسعة فيه تعود جذورها إلى الدولة العثمانية، مما جعلها حينها محط إعجاب وانبهار الدول الأوروبية.

فقد شهد التاريخ العثماني فترة زمنية عُرفت باسم "سلطنة النساء" أو "حُكم النساء"، وهي الفترة التي امتدّت منذ أواخر حكم سليمان القانوني حتى السلطان إبراهيم الأول، وشهدت عدداً من الشخصيات النسائية القوية التي لعبت دوراً غير مسبوق في المجال العام.

من بين هذه الشخصيات السلطانة "عائشة حفصة" زوجة سليم الأول ووالدة سليمان القانوني، وهي أول شخصية حملت لقب "الوالدة السلطانة"، واشتُهرت بذكائها ودبلوماسيتها وقدرتها الإدارية العالية التي وظّفتها لتنظيم أمور القصر والشؤون الخارجية.

وأيضاً السلطانة "هرّم" أو "حرّم" زوجة سليمان القانوني ووالدة السلطان سليم الثاني، التي كان لها علاقات واسعة، مما ساعد زوجها في السياسة الخارجية في أثناء حكمه، كما أنها أسّست عديداً من المشروعات الخيرية والمساجد في أنحاء الدولة العثمانية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً