طواقم الخوذ البيضاء أثناء عمليات إنقاذ المدنيين في إدلب  (AA)
تابعنا

من جديد، عاد النظام السوري وروسيا بمسلسل دموي جديد قُتل فيه أكثر من 21 مدنياً السبت، وهُجّر عشرات الآلاف جرّاء قصف جوي على أماكن سكنية في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب السورية.

هذه الهجمات تضرب عرض الحائط بالاتفاق الذي كانت تركيا وروسيا وإيران قد أعلنت توصلها إليه في إطار اجتماعات أستانا، في مايو/أيار 2017، ولا تكترث للاتفاق المبرم بين تركيا وروسيا في سبتمبر/أيلول 2018 بمدينة سوتشي الروسية، إذ قُتل أكثر من 1300 مدني على منطقة خفض التصعيد منذ 17 سبتمبر/أيلول 2018، كما أسفرت الهجمات عن نزوح أكثر من مليون مدني إلى مناطق هادئة نسبياً أو قريبة من الحدود التركية.

وشنت مقاتلات روسية غارات جوية على قرى وبلدات تابعة لإدلب شمال غربي سوريا، حسب مرصد الطيران التابع للمعارضة السورية، كما استهدفت قوات النظام عدداً من القرى في ريف إدلب من البر والجو، فيما قالت مصادر من الدفاع المدني بإدلب إن الغارات الجوية الروسية أسفرت عن مقتل 4 مدنيين في قرية البارة.

سقط في غارات النظام السوري وروسيا 21 قتيلاً بينهم 5 نساء و9 أطفال، وأصيب 42 شخصاً بينهم 8 نساء و14 طفلاً

عضو المكتب الإعلامي في منظمة الخوذ البيضاء فراس الخليفة لـTRT

وقال مراسل TRT عربي أبو طالب العبد الله إن عدد القتلى مرشح للزيادة بالنظر إلى وجود حالات حرجة تتعامل معها المراكز الطبية والمشافي الميدانية، فقد طال القصف عدة قرى وبلدات منها معصران ومعرة النعمان وكفرنبل وحاز وجرجاناز، بالإضافة إلى عشرات المناطق والقرى التي استمر فيها القصف على مدار ساعات.

وأشار المراسل إلى أن معظم القتلى سقطوا في منطقة بليون، حيث جرى استهداف مناطق سكنية يقطنها مدنيون كانوا قد نزحوا من مناطق الصراع، نصفهم من الأطفال.

موجات نزوح

أفاد مراسل TRT عربي على الحدود السورية التركية بوجود موجات نزوح متزايدة سُجلت خلال الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحذيرات من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.

المصادر الحقوقية التي ترصد هذه الخروقات حذرت أيضاً من هذا التصعيد وموجة النزوح الكبيرة، إذ أعلن مدير منظمة "منسقو استجابة سوريا" المحلية المدنية محمد الحلاج، أن 25 ألف مدني نزحوا من مناطقهم في منطقة خفض التصعيد بإدلب إلى الحدود التركية خلال آخر أسبوع، جرّاء هجمات النظام السوري وروسيا.

وأضاف الحلاج لوكالة الأناضول، أن الأزمة الإنسانية في منطقة إدلب تتفاقم تدريجياً جرّاء التصعيد العسكري، لافتاً إلى أن نحو 450 ألف مدني يعيشون في مدن معرة النعمان وسراقب وأريحا وريفها، وإذا ما امتدت الهجمات إلى هذه المناطق بالشدة نفسها، فسيزداد عدد المدنيين النازحين.

وثّق مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مقتل ألف شخص ونزوح حوالي 400 ألف آخرين خلال أربعة أشهر من هذا العام

استيفان دوغريك - المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة

وأعلنت الأمم المتحدة الأربعاء، أنها وثقت مقتل ألف شخص وتشريد قرابة 400 ألف آخرين شمالي غربي سوريا، خلال الفترة من أبريل/نيسان إلى أغسطس/آب الماضيين.

وقال استيفان دوغريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، إن العاملين في المجال الإنساني بالأمم المتحدة "لا يزالون يشعرون بقلق عميق على سلامة أكثر من 4 ملايين مدني وحمايتهم شمالي غربي سوريا".

استهداف مناطق حيوية

تعمل طواقم الخوذ البيضاء في إدلب على مدار الساعة من أجل إنقاذ المدنيين من الهجمات المستمرة، وقال عضو المكتب الإعلامي في منظمة الخوذ البيضاء فراس الخليفة لـTRT عربي، إن "الطائرات الحربية الروسية ومروحيات الأسد استهدفت أسواقاً شعبية مكتظة بالمدنيين والمحال التجارية، ما أدى إلى خراب كبير في السوق ومحلات ومدرسة ومنازل مدنيين".

وأضاف: "سقط في الغارات 21 قتيلاً بينهم 5 نساء و9 أطفال، وأصيب 42 شخصاً بينهم 8 نساء و14 طفلاً".

ويرى الصحفي والناشط السوري هادي العبد الله أن الهدف من قصف النظام السوري وروسيا لإدلب هو "القتل والتهجير"، معللاً ذلك في حديثة لـTRT عربي بما شاهده ميدانياً من قصف متعمد للأسواق التجارية والمناطق الحيوية، مثل سوق البارة الشعبي وسوق باليون والأسواق الشعبية بالمعرة وسراقب، وهذا يؤكد أن الهدف هو تهجير الناس وإفراغ المنطقة من سكانها.

منذ بداية الحملة العسكرية الروسية الأخيرة، أي منذ سبعة شهور حتى الآن، نزح أكثر من مليون وثلاثمئة شخص إلى الحدود السورية التركية ويعيشون ظروفاً إنسانية صعبة بعضهم لا يملك خياماً لتؤويه

الصحفي والناشط السوري هادي العبد الله لـTRT عربي

ويقول العبد الله إن كل استهداف يؤدي إلى مجزرة، مشيراً إلى خطورة التهجير المتعمَّد منذ بداية الحملة العسكرية الروسية قبل سبعة شهور، فبالإضافة إلى حوالي مليوني نازح موجودين بالأصل على الحدود السورية التركية، نزح ما يقارب مليون وثلاثمئة مدني، ما تسبب بوجود خزان بشري مرعب في تلك المنطقة.

ويحذر العبد الله من عدم توقف القصف والكارثة التي ستحل إن بقي الوضع على حاله، لأن المدنيين لن يستطيعوا الصبر والمكوث في الخيم بفصل الشتاء، وسيضطرون إلى الهجرة إلى تركيا وبلدان أوروبية، فهم لا يملكون خياراً آخر، وستطال المشكلة في هذه الحالة الجميع.

ويستغرب العبد الله من عدم إيجاد حل لهذه المجازر من قبل الأطراف الدولية حتى الآن، على الرغم من تغطية كل ما يحدث للمدنيين من قصف وتهجير وقتل.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً