الصين ومنظمة الصحة العالمية ترفضان حملة الاتهامات التي تقودها إدارة ترمب بتحميلهما مسؤولية انتشار وباء كورونا (Reuters)
تابعنا

فيما يواصل فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) انتشاره في معظم دول العالم، تزداد حدة التوتر بين واشنطن وبكين، مع إصرار الإدارة الأمريكية على تحميل الصين مسؤولية تفشي الوباء بهذه الصورة، واتهام منظمة الصحة العالمية بالانحياز إلى الموقف الرسمي الصيني.

وقالت الولايات المتحدة الاثنين، إن جزءاً كبيراً من خروج وباء كورونا عن السيطرة يرجع إلى "الفشل" المكلف لمنظمة الصحة العالمية، ودعت إلى تحلي المنظمة بمزيد من الكفاءة.

وقال وزير الصحة الأمريكي أليكس أزار للاجتماع السنوي للمنظمة الذي عقد عبر الإنترنت: "حدث فشل من جانب هذه المنظمة في الحصول على المعلومات التي احتاج إليها العالم وتسبب هذا الفشل في خسارة العديد من الأرواح".

وأضاف من دون أن يذكر الصين بالاسم: "استخفت دولة عضو واحدة على الأقل بالتزاماتها المعنية بالتحلي بالشفافية في محاولة لإخفاء تفشي الوباء على ما يبدو وعاد ذلك بتكلفة هائلة على العالم أجمع".

وقال الوزير الأمريكي: "نرى أن منظمة الصحة العالمية فشلت في مهمتها الأساسية وهي مشاركة المعلومات والشفافية عندما لا تتصرف دول أعضاء بحسن نية. لا يمكن أن يحدث ذلك مجدداً".

وفي وقت سابق، ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى مزيد من التدهور في علاقته مع الصين بسبب فيروس كورونا المستجد، قائلاً إنه لا يريد التحدث إلى الرئيس شي جين بينغ في الوقت الحالي بل ذهب إلى حد الإشارة إلى أنه قد يقطع العلاقات معها.

وقال ترمب إنه يشعر بخيبة أمل كبيرة من تقاعس الصين عن احتواء المرض، وإن الجائحة ألقت بظلالها على الاتفاق التجاري الذي أبرمه معها في يناير/كانون الثاني، وسبق أن أشاد به واعتبره إنجازاً كبيراً.

“الصحة العالمية" تتعهد بالتحقيق

تعهّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم غيبريسوس بإجراء "تحقيق مستقل" حول أداء المنظمة في مواجهة جائحة كورونا، في أقرب وقت ممكن.

وقال غيبريسوس في كلمة ألقاها الاثنين، خلال الدورة الـ73 من أعمال الجمعية السنوية للمنظمة عبر تقنية فيديو كونفرانس، إنه سيبذل جهوداً من أجل "إجراء تقييم مستقل في أقرب وقت مناسب لمراجعة الخبرة التي اكتُسِبت والدروس التي استُخلِصت، وإصدار توصيات لتحسين الجاهزية والاستجابة على المستويين الوطني والعالمي".

ولفت إلى أن "الطريق لا يزال طويلاً للقضاء على الجائحة"، مشدداً على أن المنظمة "حريصة على الشفافية والخضوع للمساءلة وتطوير نفسها باستمرار".

ودعا غيبريسوس دول العالم إلى "زيادة إسهاماتها في تمويل المنظمة".

وتأتي تلك الدعوة بعد نحو شهر من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في منتصف أبريل/نيسان الماضي، إصداره أوامر بتجميد التمويل الأمريكي للمنظمة، بعد اتهامها بـ"ارتكاب أخطاء" خلال الأزمة، مما تسبب في فقدان الآلاف حياتهم.

وقال الرئيس الأمريكي في تصريحات صحفية، إن "منظمة الصحة العالمية قدّمت معلومات خاطئة حصلت عليها من الصين التي انتشر الفيروس من أراضيها"، مضيفاً أن المنظمة الدولية "تأخّرت في التحذير من خطر فيروس كورونا، وفشلت في الحصول على المعلومات الكافية، بشأنه، ونشرها بشفافية".

ويشكل قرار ترمب أهمية كبيرة للمنظمة التي تحصل على معظم تمويلها من الولايات المتحدة. كما تأتي تصريحات الرئيس الأمريكي في سياق مطالباته المستمرة برفع إجراءات الغلق التي تفرضها معظم الولايات الأمريكية، في بلد هي الأكثر تضرراً من انتشار الوباء سواءً في عدد الإصابات أو عدد الوفيات الذي تجاوز 91 ألف حالة وفاة.

الصين توافق على إجراء تحقيق بعد انتهاء الوباء

في 7 مايو/أيار الجاري، أعلنت الصين أنها توافق على تشكيل لجنة تشكلها منظمة الصحة العالمية لمراجعة استجابة العالم لتفشي كورونا، لكن "بعد انتهاء الوباء".

تلك التصريحات التي صدرت عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ جاءت بينما تواجه الصين ضغوطاً عالمية متزايدة منذ أسابيع للسماح بتحقيق دولي بشأن مصدر الوباء.

وقالت هوا للصحفيين إن عملية المراجعة يجب أن تجري "بشكل منفتح وشفاف وشامل للجميع" وتحت إشراف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم غبريسوس.

لكنها أضافت كذلك أنها يجب أن تجري "في وقت مناسب بعد انتهاء الوباء".

وشددت الصين كذلك على أن أي تحقيق يجب أن يستند إلى قواعد الصحة الدولية وأن يُنفّذ بإذن من جمعية الصحة العالمية أو المجلس التنفيذي، وهما الهيئتان اللتان تديران منظمة الصحة العالمية.

وكانت دول عدة بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، دعت الصين إلى مزيد من الشفافية بشأن تعاطيها مع أزمة كورونا، بينما قادت الولايات المتحدة وأستراليا الدعوات لفتح تحقيق دولي بشأن مصدر الوباء.

وسبق أن رفضت الصين دعوات فتح التحقيق، متهمة الولايات المتحدة بـ"تسييس القضية"، نافية بشدّة التهم الموجهة إليها بأنها أخفت معلومات على صلة ببداية تفشي الوباء.

الصحة العالمية تنتقد

انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال افتتاح أعمال الجمعية العالمية للصحة الاثنين، الدول التي "تجاهلت توصيات" منظمة الصحة العالمية بشأن التعامل مع وباء كورونا، مشيراً إلى أن العالم يدفع اليوم "ثمناً باهظاً" بسبب تباين الاستراتيجيات.

وتجتمع الدول الـ194 الأعضاء في منظمة الصحة العالمية في مباحثات افتراضية للمرة الأولى في تاريخها لبحث الاستجابة الدولية للوباء وسط توتر صيني-أمريكي، ومحاولات بحثية لإيجاد لقاح.

وجاءت تلك التصريحات بالتزامن مع تأكيدات الرئيس الصيني أن أي لقاح تطوره بلاده ضد كورونا سيكون "للمصلحة العالمية العامة" فور بدء استخدامه.

وأشار الرئيس الصيني إلى أن بلاده مستعدة لإجراء "تقييم شامل" للاستجابة العالمية للوباء "بعد السيطرة عليه"، مشدداً على أن بلاده "طالما كان لديها موقف منفتح وشفاف ومسؤول" وشاركت المعلومات بشأن الفيروس في وقتها.

وحتى مساء الجمعة، تجاوز عدد الإصابات بكورونا 4 ملايين و859 ألف إصابة، فيما تخطت الوفيات عتبة الـ318 ألفاً، وتعافى أكثر من مليون و888 ألف شخص من المرض.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً