قوات التحالف بقيادة السعودية أعلنت بشكل شبه يومي اعتراض هجمات حوثية في الأيام القلية الماضية (Reuters)
تابعنا

يشهد اليمن منذ 7 سنوات حرباً مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، ومسلحي "الحوثي" المدعومين من إيران المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ عام 2014.​​​​​​​

بالتوازي لم تتوقف من حينها الهجمات الحوثية على الداخل السعودي بالصواريخ البالستية والمسيرات الانتحارية.

كان آخر هذه الاستهدافات ما أعلنه التحالف العربي الثلاثاء تدمير طائرة مسيرة مفخخة أطلقتها جماعة الحوثي باتجاه المملكة، وخلَّف بعضها خسائر بشرية ومادية.

وتقول الجماعة إن هذه الهجمات ردٌّ على غارات التحالف المستمرة ضدها في مناطق متفرقة من اليمن.

وقال التحالف في بيان مقتضب إن "قواته اعترضت ودمرت طائرة مفخخة من دون طيار أطلقتها مليشيا الحوثي باتجاه (منطقة) خميس مشيط (جنوبي السعودية)"، وفق ما نقلت قناة "الإخبارية" السعودية الرسمية.

ومنذ نحو أسبوع صعَّد الحوثيون هجماتهم على السعودية، خصوصاً الأحد الماضي الذي أعلن فيه التحالف العربي اعتراض 12 طائرة مسيرة وصاروخين باليستيين وتدميرها.

الإضرار بالاقتصاد

وبينما لا تخلف هجمات الحوثيين أضراراً أو إصابات إلا فيما ندر، فإن الضربات التي استهدفت منشآت نفطية رئيسية في السعودية -أكبر مُصدّر للنفط في العالم- هزت أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.

وكان الحوثيون قد أعلنوا الخميس الماضي شن هجوم بطائرة مُسيَّرة على منشأة نفطية في مدينة جدة الساحلية. ووصل هجوم صاروخي باليستي آخر إلى العاصمة الرياض جرى اعتراضه وتفجيره في السماء وتناثرت شظاياه في سماء المدينة.

وفي وقت لاحق استأنفت سلطات الطيران السعودي حركة الطيران بمطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، بعد تعليقها تسع ساعات بسبب هجمات صاروخية وبطائرات مُسيرة افترض أنها من الحوثيين على المنطقة.

وأدانت عدة دول ومنظمات عربية الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على منشآت حيوية في السعودية، وتتهم السعودية إيران بدعم الحوثيين وأن صواريخ ومسيّرات الجماعة "إيرانية الصنع".

ليست هجمات حوثية خالصة

لم يرتبط الأمر فقط بالدعم الإيراني للتصنيع الحوثي، وإنما كشفت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عن وجود أطراف أخرى تستهدف السعودية ومنشآتها، إذ تقول الوكالة إن "الهجوم الذي استهدف في يناير/كانون الثاني الماضي القصر الملكي السعودي في العاصمة الرياض بطائرات مسيرة، انطلق من داخل العراق".

ونقلت الوكالة عن مسؤول "كبير" في مليشيا مدعومة من إيران في بغداد (لم تسمّه) قوله إن "3 طائرات مسيرة انطلقت من مناطق حدودية عراقية-سعودية من قبل فصيل غير معروف نسبياً تدعمه إيران في العراق، وانفجرت في المجمع الملكي بالرياض في 23 يناير/كانون الثاني الماضي".

​​​​​​​وأضافت أن تصريحات المسؤول تمثل أول اعتراف من جماعة مدعومة من إيران بأن "العراق كان مصدر الهجوم".

وأوضح المسؤول وفق الوكالة أن "أجزاء الطائرات المسيرة جاءت من إيران، وجرى تجميعها وإطلاقها من العراق".

ولم يكشف المسؤول عن مكان إطلاق الطائرات المُسيَّرة على طول الحدود، كما لم يقدم مزيداً من التفاصيل حول المجموعة التي تبنت الهجوم".

في السياق نقلت الوكالة عن مسؤول أمريكي لم تُسمِّه أن "واشنطن تعتقد أن هجوم 23 يناير/كانون الثاني على قصر اليمامة انطلق من داخل العراق"، من دون مزيد من التوضيح عن كيفية التوصل إلى هذا الاستنتاج.

كما نقلت عن مسؤول عراقي تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هويته تماشياً مع القوانين قوله إن "المعلومات الاستخباراتية الأمريكية جرى تبادلها مع الحكومة العراقية".

لم تُخفِ السعودية تخوُّفاتها من هذا الأمر، فقد كشف مصدر عراقي بعض تفاصيل زيارة رئيس هيئة الأركان السعودية الفريق أول الركن فياض الرويلي إلى العراق الأسبوع الماضي.

وقال المصدر في تصريحات صحفية إن "الرويلي بحث مع رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن عبد الأمير يار الله ملفات مشتركة حول العلاقات العسكرية بين البلدين وتأمين الحدود".

وأضاف أن "السعودية أكدت امتلاكها معلومات عن وجود تهديدات تمسها من داخل الأراضي العراقية، بخاصة في ما يتعلق بوجود طائرات مُسيَّرة وصواريخ قد تستهدف الأراضي السعودية".

تجاوز لقدرات الحوثيين

وكان تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في وقت سابق أشار إلى أن حجم الهجمات التي أطلقت على المنشآت السعودية في 2019 وتعقيدها يتخطى أي قدرات عسكرية أظهرها الحوثيون في اليمن سابقاً، كما يرى محللون عسكريون درسوا حرب اليمن.

وأضاف تقرير الصحيفة الأمريكية أن حجم الهجمات الأخيرة ودقتها ومداها بما في ذلك القدرة على اختراق الدفاعات الجوية السعودية وتفادي العقبات الممثلة في خطوط الطاقة وأبراج الاتصالات تتخطى بكثير أي عمل عسكري نفذه الحوثيون من قبل.

وعلى الرغم من عدم تصريح المسؤولين الأمريكيين بموقع انطلاق الهجمات، فإن صور الأقمار الصناعية تُظهر أن الهجمات كانت قادمة من الشمال أو الشمال الغربي، أي من اتجاه إيران والعراق لا اليمن.

وقد قدم حينها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أوضح اتهامات حتى الآن في شأن تورُّط إيران بالهجمات التي استهدفت المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي، كاشفاً أن الأسلحة التي استخدمت في أبرز هذه الاعتداءات "إيرانية الأصل".

السعودية تكافح لصد الهجمات

يجد السعوديون أنفسهم الآن في موقف لا يحسدون عليه، فبعد عقود من الاعتماد على الشركاء المحليين والأجانب لتوفير الأمن السياسي والإقليمي، يتعين عليهم الآن استخدام مواردهم الخاصة لدرء التهديدات المتزايدة التي يواجهونها بخاصة من جهة اليمن.

وإلى جانب لجوء المملكة إلى مجلس الأمن للتدخل لحمايتها ومنع الهجمات اضطرت السعودية مؤخراً إلى استقدام قوّات وخبرات خارجية بريطانية على وجه التحديد، لتعزز من قدراتها الدفاعية للتصدي لهجمات الطائرات المسيرة والصاروخية المتكررة التي تستهدف أراضيها.

وفي سياق متصل قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي إن السعودية شريك استراتيجي لبلاده في المنطقة، وإن بلاده ستواصل الوفاء بالتزاماتها في مساعدة المملكة ضد الهجمات في حدودها مع اليمن.

وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الهجمات الصاروخية الأخيرة للحوثيين في اليمن على السعودية كشفت عن ضعف وثغرات كبيرة في النظام العسكري الدفاعي للسعودية.

وترى الصحيفة أن قدرة الحوثيين الصاروخية تسلط الضوء على المخاطر التي تواجهها السعودية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، بعد أربع سنوات من انطلاق حربها على الحوثيين من دون أن تتمكن من تحقيق شيء.

وقالت الحكومة السعودية إن دفاعاتها كانت ناجحة في الماضي مثل مارس/آذار 2018 عندما قالت إن صواريخ باتريوت اعترضت بنجاح سبعة صواريخ سكود أطلقها الحوثيون.

ولم تنجح صفقة الدفاعات الجوية السعودية الجديدة مع اليونان في حماية مدنها ومنشآتها الحيوية من تساقط الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون بين حين وآخر.

وبعد أيام من لجوء السعودية إلى أثينا لنشر صواريخ باتريوت المضادة للطائرات التابعة للقوات اليونانية في المملكة عام 2020 لتأمين أجوائها بعد فشل الدفاعات الجوية الأمريكية في ذلك، قصف الحوثيون منشآت لشركة أرامكو بمدينة ينبع بصواريخ وطائرات مسيرة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً