رجح الأمن اللبناني أن يكون الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت ناجماً عن مواد "مصادرة وشديدة الانفجار" (AFP)
تابعنا

سقط قتلى ومئات الجرحى، الثلاثاء، في انفجار ضخم في مرفأ بيروت تسبّب أيضاً في موجة ذعر بين السكان، وفي دمار بكل أنحاء العاصمة. وهزّ الانفجار كل أنحاء العاصمة وطالت أضراره كل الأحياء وصولاً إلى الضواحي، وتساقط زجاج عدد كبير من المباني والمحال والسيارات. وأفاد أشخاص في جزيرة قبرص المواجهة للبنان بسماع صوت الانفجار أيضاً.

وبعد قرابة ساعة من الانفجار المجهول رجح المدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم أن يكون الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت ناجماً عن مواد "مصادرة وشديدة الانفجار"، وهو الأمر الذي أكده مكتب وزير الداخلية اللبناني، الذي أشار إلى أن مواد مصادرة شديدة الانفجار انفجرت في مرفأ بيروت.

ليخرج رئيس الوزراء اللبناني متعهداً بمحاسبة المسؤولين عن كارثة انفجار "مستودع خطير" في مرفأ بيروت، ويقول: "سنكشف الحقائق بخصوص هذا المستودع الخطر الموجود هناك منذ 2014".

ونقل الحساب الرسمي للرئاسة اللبنانية عن رئيس الحكومة أنه كانت هناك شحنة ضخمة جداً من الأمونيوم في مستودع منذ 6 سنوات من دون إجراءات وقائية.

ووفق وسائل إعلام لبنانية محلية فإن هناك تقريراً قدّمه رئيس جهاز أمن الدولة طوني صليبا إلى المجلس الأعلى للدفاع، يروي فيه أنّ 2750 طناً من "نيترات الأمونيوم" صودرت عام 2014 من باخرة تحمل العلم المولدوفي كانت تتّجه إلى موزمبيق، وتعرّضت لعطل في هيكلها. وفي أثناء تعويمها عُثر على البضاعة وهي مواد شديدة الانفجار، ونقلت إلى العنبر رقم 12 حيث خُزنت وحفظت إلى أن يبتّ بها القضاء لكونها بضاعة محجوزة.

ومنذ فترة، وفي أثناء الكشف على العنبر، تبيّن أنه يحتاج إلى صيانة وقفل للباب الذي كان مخلوعاً، إضافة إلى فجوة في الحائط الجنوبي للعنبر يمكن من خلالها الدخول والخروج بسهولة، وطلب من إدارة مرفأ بيروت تأمين حراسة للعنبر، وتعيين رئيس مستودع له، وصيانة كل أبوابه ومعالجة الفجوة الموجودة في حائطه.

ومن الروايات الأمنيّة التي عُرضت على مجلس الدفاع، أنّ الانفجار وقع في أثناء عملية تلحيم لباب العنبر 12، وتطايرت منه شرارة أدّت الى اشتعال مفرقعات كانت موجودة في العنبر نفسه، أدّت بدورها الى انفجار كمّيات الأمونيوم الموجودة في محتوى مجاور.

فما هذه المادة التي تسببت في "نكبة بيروت"؟

تعد نترات الأمونيوم (Ammonium nitrate) مادة كيميائية متاحة تجارياً بشكل مادة صلبة بلورية عديمة اللون، تستخدم في عدة أغراض، وذلك وفقاً للمكتبة الوطنية للطب بالولايات المتحدة، والمركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية.

هذه المادة عبارة عن المركب الكيميائي "NH4NO3"، وتكون على شكل بلورات لا لون لها، وتتميز بأنها تتحول إلى سائل عند ملامستها الهواء، كما أنها تذوب بشكل جيد في الماء، وينحل المركب إلى الميثانول والإيثانول.

وتتميز نترات الأمونيوم بقابليتها للتكتل، ولذلك توجد على الدوام في شكل خليط أو مزيج مع كبريتات الأمونيوم أو أملاح الكالسيوم.

والأمر الأخطر أن نترات الأمونيوم مادة قابلة للاشتعال وللانفجار، وتبلغ سرعتها الانفجارية 2500 متر في الثانية.

وما يزيد هذا المركب خطورة أن احتراقه تنجم عنه أكاسيد النيتروجين السامة، وقد يفسر هذا الأمر تصريح السفارة الأمريكية في العاصمة اللبنانية عن وجود تقارير تحدثت عن "انبعاث غازات سامة إثر انفجار مرفأ بيروت".

ولهذه الأسباب تفرض جهات عدة قواعد شديدة الصرامة لتخزين المادة، تشمل أن تبقى بعيدة عن الوقود ومصادر الحرارة.

إقرأ المزيد:

- انفجار مرفأ بيروت الضخم.. مَن المستفيد ومَن المتضرر؟

وتطلب عديد من دول الاتحاد الأوروبي أحياناً إضافة كربونات الكالسيوم إلى نترات الأمونيوم، لتشكل نترات أمونيوم الكالسيوم، وهي مادة أكثر أماناً.

ويستخدم هذا المركب الكيميائي الخطر والمتفجر في صناعة الأسمدة، وذلك لأنه يحتوي على نسبة عالية من الآزوت، فضلاً عن ذلك يدخل هذا المركب الخطير في تصنيع القنابل والمتفجرات، ويستخدم في المناجم، وذلك لسهولة اشتعال هذا المركب لوجود أوكسجين وفير في جزيئاته.

وتستخدم نترات الأمونيوم كذلك في إنتاج المضادات الحيوية والخميرة، كما تستعمل بسبب خصائصها في صناعة أعواد الثقاب والألعاب النارية.

تاريخ تدميري من الحوادث

وتسجل لنترات الأمونيوم عدة حوادث بعواقب مأساوية، يعود أولها إلى عام 1921في مدينة لودفيغسهافن الألمانية.

تلت ذلك كارثة وقعت في ميناء تكساس في 16 أبريل/نيسان عام 1947، حيث اندلع حريق في سفينة كانت تحمل 2300 طن من مادة نترات الأمونيوم، ما أدى إلى انفجار أودى بحياة المئات وأصاب آلافاً بجروح حرجة، ما دفع إلى وصفها بأنها من كبرى الكوارث "غير النووية" في العالم.

وتكررت مثل هذه الحواث لاحقاً بانفجار معمل للأسمدة الزراعية في مدينة تولوز الفرنسية عام 2001، ما تسبب في مقتل 15 شخصاً وإصابة نحو 200 آخرين.

وبسبب أن نترات الأمونيوم مادة قابلة للاشتعال في ظروف معينة، كانت إحدى المواد التي استخدمت في تفجير وقع في أوكلاهوما سيتي عام 1995 وتسبب في سقوط 168 قتيلاً، وفقاً لرويترز.

وشددت الولايات المتحدة الإجراءات المفروضة بشأن المادة بعد الهجوم الذي تعرضت له أوكلاهوما.

ودوى انفجار في مصنع آخر للأسمدة في الولايات المتحدة عام 2013، وحدث ذلك في منطقة وست بولاية تكساس، ما تسبب في مقتل 14 شخصاً وإصابة نحو 200 آخرين، وتوصل المحققون إلى أن نترات الأمونيوم كانت سبب الكارثة.

وبموجب معايير مكافحة الإرهاب في المنشآت الكيميائية، تخضع المنشآت التي تخزن أكثر من 900 كيلوغرام من نترات الأمونيوم لعمليات التفتيش.

    وعلى الصعيد الصحي قد يسبب استنشاق هذه المادة تهيج الجهاز التنفسي وأعراضاً مثل السعال، والتهاب الحلق، وضيق التنفس، وغيرها من الأعراض الجلدية في حال لمس الجلد، أو أعراضاً أشد عند ابتلاع المادة، وهو ما يستوجب تدخلاً طبياً فورياً.

    TRT عربي - وكالات
    الأكثر تداولاً