انتشرت الاضطرابات منذ أسبوع إلى أن عمّت أكثر من مئة مدينة أمريكية، مترافقة مع آلاف التوقيفات وعدد من القتلى (Reuters)
تابعنا

أعلن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الأربعاء، معارضته اللجوء إلى قانون يسمح بنشر قوات الجيش لاحتواء الاحتجاجات المناهضة لاستخدام الشرطة القوة بحق الأمريكيين المنحدرين من أصول إفريقية.

وقال إسبر: "لا أؤيد اللجوء إلى قانون الانتفاضة"، وذلك بعد يومين من قول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه قد يلجأ إلى تفعيله بهدف استدعاء الجيش للسيطرة على الاحتجاجات.

وأضاف: "لطالما اعتقدت وما زلت أعتقد أن الحرس الوطني هو الأنسب لدعم السلطات المدنية محلياً في هذه الحالات".

وتابع أمام الصحفيين في وزارة الدفاع: "على خيار استخدام قوات في الخدمة أن يكون الملاذ الأخير ويقتصر على الحالات الأكثر إلحاحاً والأخطر (...)، لسنا في وضع كهذا الآن".

على الصعيد الميداني وبعد تسعة أيام على مقتل جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض يوقفه، تتواصل موجة الاحتجاجات التاريخية من غير أن تتراجع.

وتحدى المتظاهرون في نيويورك وفي لوس أنجلوس حظر التجول حتى وقت متأخر من الليل، مع تسجيل عدد أقلّ من أعمال النهب والتخريب من الليالي السابقة.

وتظاهر ما لا يقل عن ستين ألف شخص سلمياً الثلاثاء تكريماً لذكرى جورج فلويد في هيوستن، المدينة التي نشأ فيها في ولاية تكساس، وحيث سيواريه الثرى الأسبوع المقبل، وقال رئيس بلدية المدينة سيلفستر تيرنر: "نريد أن يعرفوا أن جورج لم يمت سدى".

وفي نيويورك، بعد تعرُّض عديد من المتاجر الفاخرة على الجادة الخامسة الشهيرة، للنهب مساء الاثنين، قُدمت ساعة بداية حظر التجول الليلي إلى الثامنة مساء ومُدّد حتى الأحد.

وبعد تجاوز الوقت استمر مئات المتظاهرين من السود والبيض على السواء في الاحتجاج سلمياً هاتفين: "جورج فلويد، جورج فلويد" و"بلاك لايفز ماتر" (حياة السود تهمّ).

وكتب رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو في تغريدة على تويتر: "الوضع هادئ جداً"، مضيفاً أن "حظر التجول مفيد بالتأكيد حتى الآن، وفق ما شاهدتُه في بروكلين ومانهاتن في الساعات الثلاث الماضية".

أما في مينيابوليس، مركز حركة الغضب حيث قُتل فلويد، فكان الهدوء مخيماً. وقالت روكسي واشنطن، والدة ابنة جورج فلويد التي تبلغ ستة أعوام، باكيةً: "أريد العدالة من أجله لأنه كان طيباً، مهما ظن الناس، كان شخصاً طيباً".

وأعلنت ولاية مينيسوتا أولى الخطوات العملية استجابةً لطلبات المحتجين مع فتح تحقيق حول شرطة مينيابوليس، وسينظر التحقيق في احتمال حصول "ممارسات تمييزية منتظمة" على مدى السنوات العشر الماضية، وفق تغريدة كتبها الحاكم تيم والتز.

تضامن الشرطة وتهديدات الرئيس

في لوس أنجلوس، ركع رئيس بلدية المدينة إريك غارسيتي مع شرطيين على ركبة واحدة، في الوضعية التي ترمز منذ 2016 إلى التنديد بعنف الشرطة ضد السود، وتذكّر بالشرطي الذي قتل فلويد ضاغطاً بركبته على عنقه لنحو تسع دقائق.

وفي المساء تَجمَّع المتظاهرون خارج مقر إقامته حيث وُقف نحو 200 شخص بعد رفضهم أوامر التفريق، حسب مراسل وكالة فرانس برس.

وفي واشنطن تظاهر آلاف بينهم السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن، سلمياً إلى ما بعد بدء حظر التجول عند الساعة 19:00. وبثّ التليفزيون صوراً أظهرت إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع، لكن الوضع بدا هادئاً بشكل عامّ.

واستخدمت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين قرب البيت الأبيض، حتى يتمكن ترامب من التوجه مشياً إلى كنيسة عريقة قريبة من البيت الأبيض تعرضت لأعمال تخريب في اليوم السابق والتقاط صورة أمامها رافعاً كتاباً مقدساً، في خطوة ندّد بها قادة روحيون من البروتستانت والكاثوليك باعتبارها عملية إعلانية "بغيضة أخلاقياً".

وانتشرت الاضطرابات منذ أسبوع إلى أن عمّت أكثر من مئة مدينة أمريكية، مترافقة مع آلاف التوقيفات وسقوط عدد من القتلى. وكرّم ترامب مساء الثلاثاء شرطياً سابقاً قُتل في موقع كانت تجري فيه أعمال نهب في سانت لويس بولاية ميزوري.

وكتب ترمب على تويتر أن العاصمة الأمريكية حيث وُقف أكثر من 300 متظاهر مساء الاثنين، "كانت المكان الأكثر أماناً في العالم الليل الماضي"، ماضياً في الخطّ الذي اعتمده منذ بداية الأزمة إذ يطرح نفسه رئيساً "للنظام والقانون".

ومساء الاثنين أعلن ترمب عن أنه أمر بنشر "آلاف الجنود المدججين بالسلاح" والشرطيين في واشنطن لوقف "أعمال الشغب والنهب"، كما دعا حكام الولايات إلى "السيطرة على الشوارع"، مهدداً في حال عدم حدوث ذلك بإرسال الجيش.

"خطيئة العنصرية"

من جهته اعتبر البابا فرنسيس الأربعاء، أن أي شكل من أشكال العنصرية "غير مقبول"، معلقاً على مقتل جورج فلويد، مندداً في الوقت نفسه بأعمال العنف خلال التظاهرات التي تلت، ودعا إلى "الصلاة لراحة نفس جورج فلويد ولكل الذين قضوا بسبب خطيئة العنصرية".

كما واجهت الولايات المتحدة انتقادات غير معتادة من حلفائها، ومن بينهم ألمانيا وبريطانيا وأستراليا.

من جهتها اعتبرت إيران، على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي، أن وفاة جورج فلويد كشفت عن "طبيعة أمريكا" و"ما فعلته دائما مع العالم بأسره".

وفي مواجهة الاحتجاجات الجارية في ظلّ تفشي وباء كوفيد-19 الذي زاد حدة التباين الاجتماعي والعرقي، بقي ترمب حتى الآن صامتاً حيال المشكلات التي يشكو منها المتظاهرون.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً