استشهد وأصيب 250 مدنياً فلسطينياً أمس الاثنين جراء استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة، حسبما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.
وقال المكتب في بيان الثلاثاء: "في أثناء اقتحام الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي الاثنين، أطلقت القوات النار والقذائف والصواريخ بكثافة تجاه المرضى والنازحين والمدنيين الأمر الذي أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 250 مدنياً، كما أحرقوا بعض المرافق داخل المستشفى".
وأوضح أن عملية اقتحام مجمع الشفاء شارك فيها مئات من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والكلاب البوليسية وعشرات الدبابات والطائرات المُسيّرة والمروحية.
إعدام الأطفال
وتابع: "تلقينا معلومات ميدانية عن إعدام جيش الاحتلال لعدد من الأطفال من بين الذين جرى إعدامهم من المدنيين والمرضى والنازحين (في مجمع الشفاء ومحيطه)".
واعتبر أن اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "مجازر دموية" وإعدام 50 مدنياً واعتقال 200 آخرين في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، "جريمة حرب واضحة وانتهاك فاضح للقانون الدولي".
وحمّل المكتب، إسرائيل والإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي "المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة المُروّعة التي حذَّرنا من ارتكابها في ساعات الاقتحام الأولى".
وطالب المنظمات الأممية والدولية كافة، ودول العالم الحر بـ"التدخل الفوري والعاجل لوقف حرب الإبادة الجماعية ووقف العدوان على غزة الذي يستهدف المدنيين والأطفال والنساء تحديداً".
ودعا المؤسسات الصحية حول العالم إلى إدانة هذه "الجرائم المتسلسلة" التي ترتكبها إسرائيل بحق المستشفيات والمؤسسات الصحية والرامية إلى القضاء تماماً على القطاع الصحي.
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة الثلاثاء أن المرضى والطواقم الطبية المحتجزين في مجمع الشفاء الطبي يواصلون صيامهم لليوم الثاني على التوالي، كونهم لم يتمكنوا من تناول الإفطار أمس نتيجة عدم توفر الماء والطعام بسبب الحصار الإسرائيلي.
وناشدت الوزارة في بيان المؤسسات الأممية "وقف هذه الجرائم ضد المرضى والجرحى والطواقم الطبية داخل المستشفى".
شهادات ميدانية مروعة
من جهته، قال مؤمن بلبل (24 عاماً)، وهو متطوع في قسم الاستقبال بالمستشفى، إن "الجيش الإسرائيلي اقتحم أمس (الاثنين) المستشفى بالآليات بشكل مفاجئ، وأطلق النيران وقصف المباني، واعتقل النساء والرجال".
وأوضح أن خلال الاعتقال، أجبر الاحتلال المحتجزين على خلع ملابسهم وجرى التحقيق معهم، وأخذوا البعض إلى جهة مجهولة.
وأردف بلبل أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أجبرت عشرات من الفلسطينيين على النزوح نحو جنوب مدينة غزة وهم عراة ومكبلو اليدين.
وأفاد بأنه تعرض لشظايا الرصاص، عندما أطلق جنود إسرائيليون النار عليه هو وشقيقه داخل المستشفى، وتمكنا من النزوح نحو المناطق الجنوبية لقطاع غزة.
حصار المنازل وقطع الاتصالات
وفال شهود عيان آخرون إن قوات الجيش تتمركز قرب "برج الشفاء" في شارع عز الدين القسام شمال المستشفى، وعند مفترقي طرق العباس ورشاد الشوا من جهة الجنوب، بالإضافة إلى منطقة "أرض بكر" من الغرب إلى نهاية "شارع أبو حصيرة".
وأشار الشهود إلى أن طائرات "كواد كابتر" تنتشر في شوارع المدينة ومحيط المستشفى، وتطلق النار على أي جسم يتحرك، فيما يعتلي قوات من جيش الاحتلال بنايات مرتفعة.
ومنذ أمس الاثنين، قُطع الاتصال الهاتفي والإنترنت عن مئات النازحين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
وأوضح الشهود أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين محاصرون في منطقة محيط مستشفى الشفاء في منازلهم دون طعام ومياه، ويخشون الخروج خشية إطلاق النار عليهم. ولفتوا إلى أن استمرار الحصار في ظل عدم توفر الطعام والمياه قد يؤدي إلى فقدان حياة السكان في منازلهم.
جثث بالشوارع
من جانبه، أفاد مصدر في الدفاع المدني الفلسطيني بغزة، بأن جيش الاحتلال قتل وأصاب عشرات الفلسطينيين، وما تزال جثث أغلبهم ملقاة في الشوارع والمنازل ولم تُنقل إلى المستشفيات لصعوبة الوصول إليها.
ومنذ أمس الاثنين، تواصل قوة من الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية بمدينة غزة، تتضمن اقتحام مستشفى الشفاء، على الرغم من أن آلاف المرضى والجرحى والنازحين بداخله.
وهذه هي المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات إسرائيلية المجمع، منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ اقتحمته في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد حصاره لمدة أسبوع، ثم انسحبت منه بعد 8 أيام جرى خلالها تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعداته الطبية، بالإضافة إلى مولد الكهرباء.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة وتدهور ملحوظ في البنى التحتية والممتلكات، وفق بيانات فلسطينية وأممية، وهو الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".