عقب إتمام  تركيا عملية السلام العسكرية بنجاح أُعلن تأسيس جمهورية شمال قبرص عام 1975 (AFP)
تابعنا

قبل 46 عاماً أطلقت الجمهورية التركية العملية العسكرية لإحلال السلام في جزيرة قبرص، بعد انسداد الطرق الدبلوماسية بين الدول الضامنة بموجب القوانين الدولية، وهي تركيا وبريطانيا واليونان.

وعقب إخفاق المساعي الدبلوماسية في حل الأزمة القبرصية آنذاك، بدأت أنقرة عملية عسكرية في الجزيرة بتاريخ 20 يوليو/ تموز عام 1974، بعد أن شهدت الجزيرة انقلاباً عسكرياً قاده نيكوس سامبسون ضد الرئيس القبرصي مكاريوس، وبعد فترة من استهداف المجموعات المسلحة الرومية لسكان الجزيرة من الأتراك.

وانتهت الحملة في 22 يوليو/تموز من العام نفسه بوقف لإطلاق النار، وأطلق الجيش التركي حملة ثانية يوم 14 أغسطس/آب 1974، نجحت في تحقيق أهدافها إذ أبرمت اتفاقية تبادل للأسرى بين الجانبين في 16 سبتمبر/أيلول من العام ذاته.

الوضع في قبرص قبل العملية

حظيت اتفاقيتا زيورخ ولندن بموافقة كل من تركيا واليونان وبريطانيا ورئيسي الجماعتين الرومية والتركية في قبرص بتاريخ 11 فبراير/شباط 1959، حيث نصتا على اعتبار كل من تركيا واليونان وبريطانيا دولاً ضامنة في سبيل إحلال الاستقلال وعلاقات الشراكة بين مجتمعي الجزيرة.

وبموجب القوانين الدولية القائمة على علاقات الشراكة بين الروم والأتراك أُعلن تأسيس "جمهورية قبرص" عام 1960، كما جرى الاعتراف بحقوق سياسية متساوية لكلا الشعبين في الجزيرة وفق الدستور.

لكن على خلاف الدستور بدأ القبارصة الروم بإبعاد نظرائهم الأتراك من المؤسسات الحكومية، والسعي إلى عزلهم، ومحاولة القضاء على وجودهم في الجزيرة، والعمل على الانضمام إلى جمهورية اليونان من خلال مبادرة تُدعى "إينوسيس/Enosis".

وعقب لجوء الروم القبارصة إلى استخدام السلاح من جهة واحدة جرى حل الدستور والقضاء على وجود الجمهورية القبرصية عام 1963.

وفي سبيل تحقيق هدفهم في ضم الجزيرة إلى اليونان بدأ الروم القبارصة بشن هجمات وممارسة ضغوط وظلم ضد الأتراك في الجزيرة حتى عام 1974.

الأسباب التي حتمت تنفيذ العملية العسكرية

أسفرت مساعي إبعاد الأتراك القبارصة عن إدارة الدولة،عن اختلاف وجهات النظر بين الروم أنفسهم، إذ أدت إلى مواجهة بين عناصر تنظيم "إيوكا/ EOKA"، وتحديداً بين الرئيس الرومي ماكاريوس، وتنظيم "إيوكا- بي" الذي كان يتضمن عناصر من الطغمة العسكرية القديمة.

وبدعم من المجلس العسكري اليوناني نفّذ رئيس تنظيم إيوكا، نيكوس سامبسون، انقلاباً عسكرياً على رئيس الروم القبارصة، ماكاريوس، بتاريخ 15 يوليو/تموز عام 1974 بهدف ضم الجزيرة إلى اليونان ليكون بذلك قد قضى على استقلال الجزيرة ووحدة أراضيها.

المبادرات الدبلوماسية التركية قبيل العملية

أطلقت تركيا بداية مبادرة للإيفاء بالمسؤوليات الواقعة على الدول الضامنة بموجب اتفاقية الضمانات المبرمة عام 1960 بين كل من بريطانيا واليونان وتركيا، وتمنحهم بموجبها حق العمل المشترك للحفاظ على استقلال واستقرار قبرص ضد أي طارئ.

وفي هذا الإطار أجرت تركيا وبريطانيا مشاورات في لندن يومي 17-18 يوليو/تموز 1974، للتباحث حول الخطوات التي يمكن اتخاذها إزاء الانقلاب في قبرص، كما تم توجيه دعوة إلى اليونان أيضاً، لكن المجلس العسكري الحاكم رفض المشاركة في الاجتماع.

واقترح رئيس الوزراء التركي آنذاك، بولنت إيجيفيت، على وزير الخارجية البريطانية جيمس كالاغان تنفيذ عملية مشتركة في قبرص.

وعقب رفض الجانب البريطاني للاقتراح التركي، وبموجب الصلاحيات المذكورة في اتفاقية الضمانات، أطلقت تركيا عملية السلام في قبرص بتاريخ 20 يوليو/تموز 1974 بهدف إحلال أمن الأتراك في الجزيرة.

وقطعت تركيا من خلال هذه العملية الطريق على ضم الجزيرة إلى اليونان، وحافظت على أمن المجتمع التركي القبرصي وسلامته.

ومن جهة أخرى أسفرت عملية السلام التركية عن القضاء على المجلس العسكري الحاكم في اليونان، لتفتح بذلك الطريق أمام الديمقراطية بالبلاد.

مساعي تركيا قبيل المرحلة الثانية من العملية

وجّهت تركيا دعوة إلى كل من بريطانيا واليونان للوفاء بمسؤولياتهما بموجب قرار مجلس الأمن رقم 353، الذي ينص على "البدء بمفاوضات بهدف إحلال السلام مجدداً".

وعلى إثر ذلك اجتمعت الدول الضامنة الثلاث في جنيف في الفترة بين (25-30) يوليو/تموز، ووقّعت في ختامها على بيان جنيف عام 1974.

ونصّ البيان على انسحاب اليونانيين والقبارصة الروم من مناطق القبارصة الأتراك على الفور، واستمرار اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث، بهدف إحلال السلام والنظام الدستوري مجدداً في الجزيرة، كما اعترف البيان بمبدأ الإدارة الذاتية لكل من مجتمعي الجزيرة الأتراك والروم.

وخلال الجولة الثانية من مؤتمر جنيف في 9 أغسطس/آب 1974رفض الجانب اليوناني كل المقترحات المقدمة خلال الجولة الثانية من بيان جنيف حول سبل إحلال النظام الدستوري مجدداً في قبرص، واشترط انسحاب تركيا من الجزيرة للبدء بالتفاوض على الدستور الجديد.

وأدى تعنت الطرف اليوناني في المفاوضات إلى انتهاء المؤتمر بتاريخ 14 أغسطس/آب 1974، لتنطلق المرحلة الثانية من عملية السلام التركية.

وعقب إتمام عملية السلام بنجاح تم الإعلان عن تأسيس دولة قبرص التركية الفيدرالية، بتاريخ 13 فبراير/شباط 1975، ومن ثم أصبح اسمها "جمهورية شمال قبرص التركية" اعتباراً من 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1983.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً