أبرزت الأزمة اليمنية الوجه القبيح للسعودية والإمارات من خلال الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الدولتان (Reuters)
تابعنا

لا يبدو أن ثمة من يهتم بانتشار فيروس كورونا في اليمن، فما زالت الخروقات لاتفاق ستوكهولم مستمرة من قبل الأطراف المتحاربة خاصة في الحديدة غربي اليمن، بالإضافة إلى هجمات وجرائم التحالف بقيادة السعودية، المستمرة منذ خمس سنوات، والتي خلفت أزمة إنسانية في اليمن تعتبر الأسوأ عالمياً.

وتخلل سنوات الحرب التي قادتها السعودية والإمارات سلسلة طويلة من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الدولتان، والتي ساهمت بشكل كبير في جعل 80% من سكان اليمن على حافة المجاعة.

ويتحمل التحالف المسؤولية الكاملة في تغييب دور الحكومة الشرعية التي ما زالت تقاتل، فهو لم يعطها الاستقلالية الكاملة في إدارة المعارك أو المفاوضات السياسية أو العودة إلى الأراضي اليمنية التي حررها من الحوثيين، بل أنشأ احتلالاً آخر بابتكاره للمليشيات وتكوينه دولة أمنية مصغرة بسجون ومسلحين.

وأعلن التحالف السعودي الإماراتي عن تدخله العسكري في 25 مارس/آذار 2015 باليمن، وهو القرار الذي جاء بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي لإنهاء الانقلاب الذي قادته جماعة الحوثي، لكنه خلف دماراً وتغيرت أهدافه وواصل حرباً دموية يستطيع ايقافها لو أراد.

وقف الحرب بيد التحالف

ولا نستطيع القول إن المعارك الدائرة الآن في اليمن تدار من قبل الحكومة اليمنية، بل تسيرها دول التحالف، فوقف الحرب أو استمرارها مرهون بقرار دولة الإمارات بالدرجة الأولى في بعض المناطق، فيما تدير السعودية معارك أخرى، حسب ما صرح به الباحث السياسي اليمني توفيق الحميدي لـTRTعربي.

وقال الحميدي إن السعودية أثبتت أنها غير جادة بوقف الاقتتال وهو ما يصب في صالح جماعة الحوثي التي حققت انتصارات ميدانية كبيرة.

وبعد خمس سنوات من عمليات التحالف، يمكن القول إن الهدف من تدخل التحالف تغير، فقد كان في البداية استعادة الشرعية، لكن ما يحدث الآن، أنه استطاع "إنقاذ" بعض المناطق من جماعة الحوثي لكنه لم يعدها إلى الحكومة الشرعية، بل سلمها إلى المجلس الانتقالي كانقلاب آخر، حسب حميدي.

الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها القوات السعودية وحلفاؤها اليمنيون ضد سكان المهرة المحليين، أمر مرعب آخر يُضاف إلى قائمة الأعمال غير القانونية للتحالف

مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش

وأضاف الباحث السياسي "بعد خمس سنوات، أضعف التحالف الحكومة الشرعية وأصبحت مهددة، من خلال مجموعة من الممارسات الاحتلالية، مثل إنشاء مليشيات مسلحة وعسكرية في اليمن يصل قوامها إلى أكثر من 200 ألف باعتراف الإمارات، وإنشاء أكثر من 20 سجناً سرياً".

وتابع "والآن وبعد تلك السنوات نجد زيادة في عدد القتلى المدنيين اليمنيين، وتسجيل أكثر من ألف غارة خاطئة أودت بحياة أكثر من 4 آلاف مدني، وتدمير شامل للبنية التحتية والمستشفيات والمراكز الصحية".

ولا تقر السعودية بفشل التحالف وتذهب لحوار شامل يجمع اليمنيين بدلاً من استمرار الحرب والخسائر لجميع الأطراف، رغم أنها الخاسر الأكبر في الحرب، وخاصة اقتصادياً، ويرجح الكاتب سبب عدم اعترافها رغم دخولها في مفاوضات مع جماعة الحوثي، إلى الحسابات السياسية للرياض، موضحاً أنها تريد البقاء على الأراضي اليمنية، بالإضافة إلى الأطماع السعودية المتعلقة بمد أنبوب نفطي إلى المحافظات الجنوبية.

وتجعل هذه الحسابات الدخول في مفاوضات مع الحوثيين بحاجة إلى وقت طويل، فالتنازع مستمر في الشمال الذي تسيطر عليه وعلى آبار النفط الحكومة الشرعية والتي يطمع الحوثيون بالسيطرة عليه، والجنوب الذي تحت سيطرة الشرعية أيضاً، لكن يطمع الانتقالي بالاستيلاء عليه.

معارك مستمرة وخسائر

وتستمر المعارك في اليمن، إذ نزح في اليمن أكثر من 10 آلاف أسرة جراء مواجهات شمالي البلاد نتيجة التصعيد العسكري الأخير في تلك المناطق، وسط مطالبات بتوفير أماكن إيواء ومواد غذائية ومياه.

والأحد، ذكر الجيش اليمني في بيان أن مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي استهدفت جماعة الحوثي بغارات في مناطق متفرقة من محافظة الجوف، غير أن الحوثيين أفادوا بأن التحالف نفذ السبت 14 غارة في الجوف، منها 10 غارات على مديرية خب الشغف المحاذية للحدود السعودية، و4 على مدينة الحزم مركز المحافظة، حسب ما نشره الموقع التابع للجماعة.

من جانبه أعلن الجيش اليمني الأحد، مقتل وجرح عشرات من مسلحي جماعة الحوثي، خلال مواجهات مع القوات الحكومية بمحافظة الحديدة، وقال المركز الإعلامي لـ"ألوية العمالقة" التابعة للجيش في بيان، إن "مستشفيات محافظة الحديدة استقبلت خلال الـ48 ساعة الماضية 18 قتيلاً و 28 جريحاً، حسب مصادر طبية من داخل المدينة، وفق وكالة الأناضول.

أما انتهاكات السعودية، فقد استمرت منظمات حقوق الإنسان في فضحها، إذ كشف تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" عن أن قوات سعودية ارتكبت انتهاكات خطيرة في حق المدنيين في محافظة المهرة اليمنية، شملت "اعتقالات تعسفية وتعذيباً وإخفاء قسرياً ونقل المحتجزين بشكل غير قانوني إلى السعودية".

ومن الممكن أن يوحد فيروس كورونا الأطراف المتحاربة في اليمن، خاصة بعد ترحيب جماعة الحوثي في اليمن الثلاثاء، بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لوقف إطلاق النار بين أطراف النزاع في جميع أنحاء العالم، من أجل مواجهة جائحة كورونا.

كما أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن تركي المالكي، أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تؤيد وتدعم قرار الحكومة اليمنية بقبول دعوة الأمين العام للأمم المتحدة.

وللعام السادس على التوالي يشهد اليمن قتالاً عنيفاً بين القوات الحكومية التي يدعمها منذ مارس/آذار 2015، تحالف عربي بقيادة السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة إيرانياً والمسيطرة على محافظات يمنية عديدة بينها العاصمة صنعاء.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً