التغيّر المناخي والإهمالي الحكومي يهددان آثار العراق ومعالمه التاريخية بالاندثار (Shwan Nawzad/AFP)
تابعنا

العراق.. بلد لا يكاد يخرج من أزمة حتى يدخل في غيرها، كلّ شيء فيه معرّض للضياع، من البشر والحجر، حاضره وماضيه، بسبب عدم الاستقرار والإهمال.

كنيسة الأقيصر التي تعود إلى أكثر من 1500 سنة شاهد على واقع العراق المرير، هي اليوم شبه منهارة، لم يبقَ منها سوى جدران متهاوية، فيما طمرت أرضها رمال الصحراء بسبب التغيّر البيئي وإهمال هذه المعالم من السلطات.

زيارة البابا فرنسيس التاريخية للعراق حملت الأمل في فتح الباب أمام توافد أفواج من السياح لزيارة معالمه الأثرية وبينها الأقيصر التي تقع في صحراء قضاء عين تمر في كربلاء، إلى الجنوب من بغداد، فهي تعتبر من أقدم كنائس العالم.

زيارة بابا الفاتيكان للعراق حملت الأمل في فتح الباب أمام توافد السياح لزيارة معالمه الأثرية (AFP)

منقب الآثار زاهد محمد قال إن "العوامل التي أدت للوصول إلى هذه المرحلة هي الظروف البيئية واتخاذ المنطقة معسكر رماية في عهد نظام صدام حسين" بالإضافة إلى "عدم وجود صيانة دورية للكنيسة".

وأوضح قائمّقام عين تمر رائد فضال أن "الصيانة تحتاج إلى أموال طائلة"، مضيفاً: "مخصصاتنا قليلة ولا نستطيع بالتالي إجراء صيانة أو بحث عن المعالم التاريخية".

وعلى بعد 60 كيلومتراً شمال هذا الموقع تقع مراقد شيعية في كربلاء تجتذب ملايين الزوار سنوياً من مختلف دول العالم.

لكنّ المعالم السياحية الأخرى في المنطقة لا تستقطب هؤلاء بسبب عدم رعايتها والاهتمام بها من المسؤولين. وهو ما دفع السكان والمسؤولين المحليين لمناشدة السلطات للإفادة من المواقع الأثرية مثل الكنائس القديمة والزقورة البابلية، مشددين على أن الحفاظ عليها وتوفير الدعاية لها يساهم في جذب أعداد كبيرة من السياح إليها.

مواطنون ومسؤولون محليون يطالبون السلطات باستثمار المعالم الأثرية (AFP)

دعوات للاستثمار

وبحسرة قال عبد الله الجليحاوي الذي يسكن في محافظة الديوانية المجاورة "الغرب والأمريكيون يهتمون بآثارنا أكثر منا".

بدوره دعا زهير الشعلان وهو محافظ الديوانية التي تضم أكثر من ألفي موقع أثري إلى "الاستثمار في هذه المواقع" لإيجاد "فرص عمل جديدة في المحافظة المتعطشة إلى نهضة اقتصادية" يتطلع إليها العراقيون منذ قرابة عشرين عاماً عندما وعدت الولايات المتحدة بتحقيق الديمقراطية والازدهار.

وكان لدى الشعلان مثل كثير من العراقيين بصيص أمل عند وصول فريق إيطالي للتنقيب عن الآثار بداية العام الجاري وبعده زيارة البابا فرنسيس التأريخية للعراق خصوصاً لموقع أور التأريخي حيث ولد النبي إبراهيم قريباً من الديوانية.

لكن كلها لم تخدم حتى اليوم في إعادة الحياة إلى تراث العراق الذي تلاشى جزء كبير منه بسبب الإهمال والسرقة والظروف البيئية.

قلعة "قشلة كركوك" مهددة بالانهيار بسبب التغيّر المناخي وإهمال المسؤولين (AFP)

ما بين تغير المناخ وإهمال السلطات

إضافة إلى إهمال المواقع الأثرية من الجهات الحكومية وغير الحكومية يلعب التغيّر المناخي دوراً في تهديد المعالم الأثرية.

"قشلة كركوك" القلعة العثمانية ذات القبة الفيروزية شاهد على ذلك، فقد فقدت كثيراً من أجزائها وباتت جدرانها اليوم مهددة بالانهيار.

وعلى مقربة من هناك توشك قلعة كركوك التي يعود بناؤها إلى 3 آلاف عام على الانهيار، الأمر الذي يخفض اليوم فرص إدراجها على قائمة اليونيسكو كما هي الحال بالنسبة إلى نيبور.

وترى السلطات المحلية أن تلك الأضرار تعود إلى هطول الأمطار بغزارة في هذه المنطقة الجبلية، لكن هذا الأمر يمثل خطراً لغالبية مناطق العراق، كونه يواجه تهديداً كبيراً بسبب التغير المناخي، الأمر الذي يهدد الحياة عموماً وينذر بضياع آثار وحتى منشآت حديثة.

بالنتيجة أصبحت المواقع الأثرية وحجارتها تحت رحمة العواصف الرملية التي باتت تهدد بإعادة مدن وادي الرافدين رمالاً من جديد.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً