التوتر يخف قليلاً على الأرض بعد أن اتفقت روسيا وأوكرانيا على وقف إطلاق النار (Aris Messinis/AFP)
تابعنا

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء، الغربيين إلى إرسال مقاتلات "في أقرب وقت ممكن"، بدءاً بطائرات ميغ-29 التي اقترحت وارسو تقديمها رغم تحذير الكرملين.

وقال زيلينسكي في مقطع مصور بُثّ عبر قناته على تليغرام في اليوم الرابع عشر لبدء للهجمات الروسية ضد بلاده: "اتخذوا قراراً في أسرع وقت. أرسلوا إلينا الطائرات"، داعياً إلى بحث الاقتراح البولندي "فوراً".

ورحّب زيلينسكي بعرض وارسو قائلاً: "نشكر بولندا"، لكنه أعرب عن أسفه إذ "لم يُتخذ أي قرار" حتى الآن فيما يتواصل الهجوم الروسي.

وأضاف: "يبدو أن المقترحات البولندية لا تحظى بدعم. متى سيُتّخذ قرار؟".

وأعربت بولندا الثلاثاء عن استعدادها لوضع طائراتها من طراز ميغ-29 السوفييتية الصنع، "فوراً ومجاناً" تحت تصرُّف الولايات المتحدة ونقلها إلى قاعدة رامشتاين في ألمانيا، لكن واشنطن اعتبرت الاقتراح "غير قابل للتطبيق".

من جهته ندّد الكرملين الأربعاء باقتراح بولندا نقل طائرات ميغ-29 إلى الأمريكيين لترسل بعدها إلى كييف، معتبراً أن هذا الإجراء "سيناريو خطر" إذا تحقق.

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "هذا سيناريو بغيض، وقد يكون خطراً".

ومن المقرَّر أن تناقش نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس التي تزور بولندا الأربعاء، مع القادة البولنديين طريقة تقديم "مساعدة عسكرية" لأوكرانيا، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفنرسية عن مسؤولين أمريكيين طلبوا عدم كشف أسمائهم.

هدوء على الأرض

تأتي هذه النقاشات حول المقاتلات فيما بدا أن التوتر يخف قليلاً على الأرض، إذ اتفقت روسيا وأوكرانيا الأربعاء على وقف إطلاق النار للسماح بإقامة ممرات إنسانية حول المناطق المتضررة بشدة جرّاء المعارك التي أجبرت المدنيين عل الاحتماء أحياناً في أقبية.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا الأربعاء، إن روسيا ترى "تقدّماً" في المفاوضات مع أوكرانيا.

وأكّدت أن أهداف روسيا "لا تشمل احتلال أوكرانيا ولا تدمير دولتها ولا الإطاحة بالحكومة الحالية" مجددة تأكيد أنها لا تستهدف المدنيين.

الأزمة الإنسانية

وحُدّدت ممرات لإجلاء المدنيين خصوصاً من إنرغودار إلى زابوريجيا (جنوب) ومن إيزيوم إلى لوزوفا (شرق) ومن سومي إلى بولتافا (شمال شرق) حيث سمح ممر بإجلاء آلاف المدنيين الثلاثاء.

ويُفترض أن تُنشأ أيضاً ممرات لإجلاء المدنيين إلى كييف من مدن عدة تعرّضت لقصف عنيف إلى غرب العاصمة بما فيها بوتشا وإيربين وغوستوميل.

وحسب زيلينسكي، أُجليَ ما يزيد قليلاً على خمسة آلاف شخص من سومي الثلاثاء، و18 ألفاً من ضواحي كييف.

ويتزايد يومياً عدد اللاجئين الذين فروا من أوكرانيا، ويقدَّر الآن بما بين "2,1 و2,2 مليون شخص" كما أعلن المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأربعاء في مؤتمر صحفي في ستكهولم.

وصباح الأربعاء أقام عازفو أوركسترا كييف السيمفونية بقيادة غيرمان ماكارينكو حفلة موسيقية في ساحة "ميدان" الأوكرانية، بُثّت مباشرة عبر التليفزيون العامّ.

ومع بدء تساقط الثلوج عزفوا النشيد الأوكراني ونشيد الاتحاد الأوروبي.

وفي الشمال على الحدود الأوكرانية-البيلاروسية، يتزايد القلق بشأن الوضع في محطة تشرنوبل للطاقة النووية. وأعلنت شركة "أوكرينيرغو" الأوكرانية المشغلة للمحطات النووية أن التيار الكهربائي "مقطوع كلياً" عن محطة تشرنوبل وتجهيزاتها بسبب عمليات عسكرية روسية.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن انقطاع التيار الكهربائي عن محطة تشرنوبل النووية لن يؤثر كثيراً في السلامة، في الموقع الذي شهد كارثة عام 1986.

وأوضحت وكالة الطاقة الذرية على تويتر أن "أوكرانيا أبلغت (الوكالة) بانقطاع التيار الكهربائي"، مشيرة إلى أنها "لا ترى في هذه الحالة أثراً كبيراً في السلامة".

سلاح العقوبات

على صعيدٍ مُوازٍ، بدأت آثار العقوبات الغربية على روسيا تظهر بوضوح.

ورأى الكرملين الأربعاء أن الولايات المتحدة تشنّ "حرباً اقتصادية" ضد روسيا بعد إعلان واشنطن حظراً على الواردات الأمريكية من الغاز والنفط الروسيين. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن "الولايات المتحدة أعلنت حرباً اقتصادية ضد روسيا".

في الإطار نفسه أعلنت بريطانيا أنها ستوقف بحلول نهاية العام الحالي مشترياتها من النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية.

وعبّر زيلينسكي مساء الثلاثاء عن شكره الحارّ لنظيره الأمريكي على "هذه الإشارة إلى القوة القصوى الموجهة إلى العالم بأسره".

ودعا الرئيس الأوكراني الاتحاد الأوروبي إلى أن يتبع الخطوات نفسها عبر إقرار "إجراءات صارمة وعقوبات ضد روسيا بسبب حربها"، لكن دون أن يدعو مباشرةً إلى فرض حظر أوروبي على النفط أو الغاز.

ويرفض الأوروبيون الذين يعتمدون على الخام الروسي لتلبية 30% من حاجاتهم، الذهاب إلى هذا الحد، فيما تسببت الحرب في ارتفاع أسعار المحروقات.

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الأربعاء إن أزمة الطاقة الحالية المرافقة مع ارتفاع كبير في الأسعار "شبيهة بحدتها بالصدمة النفطية عام 1973".

وقررت دول الاتحاد الاوروبي السبع والعشرون الأربعاء، فرض عقوبات جديدة على موسكو ومينسك عقب بدء العجمات ضد أوكرانيا، من بينها فصل ثلاثة مصارف بيلاروسية من نظام "سويفت" للتحويلات المالية، وإضافة 14 أوليغارشيا و146 من أعضاء مجلس الاتحاد إلى قائمتها السوداء.

وكتبت المفوضية الأوروبية على تويتر أن الكتلة قررت أيضاً حظر تصدير قطع وتكنولوجيا مخصصة للقطاع البحري إلى روسيا، وإدراج العملات المشفرة في نطاق العقوبات المالية.

وتتعرض شركات عدة لضغوط الرأي العامّ منذ أيام، إذ ستغلق سلسلتا المطاعم الأمريكيتان ماكدونالدز وستاربكس فروعهما في روسيا، بعد قرار مماثل للمجموعة العملاقة لمستحضرات التجميل العالمي لوريال. كما أعلنت شركة كوكاكولا تعليق عملياتها في البلاد.

من جهته أعلن البنك المركزي الروسي إجراءً جديداً للدفاع عن اقتصاده مع تعليق بيع العملات الأجنبية حتى التاسع من سبتمبر/أيلول المقبل.

وخفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني الثلاثاء تصنيف الديون السيادية الروسية من "B" إلى "C"، في قرار يعني أنّ تَخلُّف موسكو عن سداد ديونها أصبح في نظرها "وشيكاً".

وسيكون تَخلُّف موسكو عن السداد سابقةً منذ الأزمة المالية الكبرى عام 1998. ولتبرير قرارها أشارت وكالة فيتش إلى مرسوم رئاسي صدر في 5 مارس/آذار الجاري، قد يسمح لروسيا بتعويض دائني بعض البلدان بالروبل بدلاً من العملات الأجنبية.

ومن الآثار الأخرى للعقوبات، حسب صحيفة كومرسانت الروسية، تخشى موسكو نفاد الأدوية قريباً. وأشارت الصحيفة إلى أن الصيدليات الروسية بدأت بالفعل تفتقر إلى الإنسولين وأدوية داء السكري الأخرى المصنوعة في الخارج.

لقاء في تركيا

أعرب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عن أمله في أن يسعى نظيره الروسي سيرغي لافروف للحلّ لا البروباغندا، خلال لقائهما المرتقب في أنطاليا التركية الخميس.

وقال كوليبا في رسالة مصورة الأربعاء، إنه استعد مع فريقه للقاء بشكل جيد، مضيفاً: "تطلعاتي من المفاوضات محدودة، لكننا سنركز بشكل أساسي على وقف إطلاق النار وتحرير أراضينا والمشكلات الإنسانية".

وأضاف أن نتيجة اللقاء ليست مرتبطة بالجانب الأوكراني فحسب، بل بالتعليمات التي سيتلقاها لافروف قُبيل قدومه إلى تركيا.

وأردف: "أتمنى أن يتعامل لافروف في هذه المفاوضات من منظور النيات الحسنة والسعي لإنهاء هذه الحرب التي بدأتها روسيا، بدلاً من منظور البروباغندا".

وأكد أن الوفد الأوكراني سيبذل قصارى جهده للدفاع عن مصلحة البلاد.

يُذكر أن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، أعلن عن اجتماع ثلاثي يضمّ وزراء خارجية تركيا وأوكرانيا وروسيا، في 10 مارس/آذار الجاري، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي.

كانت روسيا أطلقت فجر 24 فبراير/شباط الماضي عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً