أدَّى انتشار فيروس كوفيد-19 المعروف بكورونا إلى توجيه الأنظار كافة إلى المرض الذي صنّفَته وزارة الصحة العالمية كوباء، لصعوبة السيطرة عليه وانتشاره في معظم دول العالم، صارفاً الأنظار عن قضايا سياسية واقتصادية وإنسانية مهمة.
المرض الذي اشتبه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالإصابة به، وأعلن المغرب عن إصابة وزير التجهيز والنقل عبد القادر أعمارة، أصاب عديداً من الشخصيات المعروفة في العالم، مثل بيجونا جوميز زوجة سانتشيث بكورونا رئيس الوزراء الإسباني، وصوفي غريغوار زوجة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. وسجّل ارتفاعاً كبيراً في عدد الوفيات في دول أوروبية عدة، قررت على أثرها تقييد الدخول إلى أراضيها بسبب مخاوف من انتشار الفيروس.
العراق.. ساحة الثورة والهجمات
طغى الحديث عن فيروس كورونا وانتشاره في العراق الذي ارتفع عدد الوفيات بالفيروس فيه إلى 10، بعد تسجيل وفاة جديدة، على الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام، ففي حين ارتفع عدد الإصابات إلى 110، انشغلت السلطات العراقية بالإجراءات التي من شأنها أن تخفّف انتشار الفيروس، إذ قررت السلطات إغلاق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن.
ويخشى المواطنون العراقيون الخروج إلى الشوارع تحسُّباً لانتشار الفيروس. ويأتي ذلك في الوقت الذي أصبح فيه العراق مسرحاً لهجمات التحالف الدولي، التي أدَّى آخرها إلى إصابة ثلاثة من قواته في هجوم جديد استهدف قاعدة التاجي، وهجوم الأربعاء الذي استهدف القاعدة وتسبب بمقتل جنديَّين أميركيَّين وبريطانية، وردّت على أثره القوات الأمريكية بقصف مواقع لحزب الله العراقي في كل من جرف الصخر والمسيّب والنجف والإسكندرية، مما أسفر عن مقتل ستة عراقيين، بينهم عناصر شرطة.
لبنان ورفض حكومة دياب
وفي لبنان خفت صوت الاحتجاجات الرافضة لحكومة حسان دياب التي ألّفها من عشرين وزيراً، فما إن خرج المحتجون إلى الشوارع رافضين تلك الحكومة التي اعتبروها "حكومة لون واحد ووزراء فاسدين"، حتى انتشر فيروس كورونا في البلاد التي لم تستعدّ لاستقباله، مما زاد السخط على الحكومة، إلا أنه لم يعُد بوسع المحتجين الخروج إلى الشوراع للتعبير عن رفضهم الفساد، بخاصة بعدما بلغ عدد الإصابات 78 بعد تسجيل 15 إصابة جديدة الأحد، في حين بلغ عدد الوفيات 3.
صفقة القرن ومحاكمة نتنياهو
أيضاً كان لانتشار فيروس كورونا أثر كبير في التعتيم على خطة السلام الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن"، إذ رجّح محللون أن إسرائيل قد تستغلّ الأوضاع الراهنة من أجل تطبيق تفاصيل الصفقة وتوسيع الاستيطان وضمّ الأغوار في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بهذا الفيروس.
وبحجة كورونا، أعلن طاقم القضاة في المحكمة المركزية في القدس الأحد، عن تأجيل أولى جلسات محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تهماً بالفساد، إلى 24 مايو/أيار المقبل، وذلك بموجب تعليق العمل بالمحاكم الصدار عن وزير القضاء.
الأزمة الاقتصادية
وبالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي حدثت في كثير من دول العالم، بسبب فيروس كورونا، بخاصة الصين التي بدأ فيها المرض، والدول التي تعتمد في اقتصادها على الاستيراد من بكين، وتملك مصانع ومصالح مادية معها، يشهد العالم أزمة اقتصادية فادحة لم تشغل العالم كما يجب مع وجود كوفيد-19.
وبدأت حرب الأسعار بين السعودية، أكبر مصدِّر للنفط في العالم، وروسيا التي رفضت خفضاً جماعيّاً إضافياً بـ1.5 مليون برميل يوميّاً، الأمر الذي كشف عن حرب جيو-سياسية تخوضها موسكو مقابل حرب تجارية تخوضها الرياض.
وسجّلت أسواق المال في دول الخليج خسائر كبرى مع افتتاح تعاملات الأسابيع الماضية وذلك على خلفية انهيار أسعار النفط التي تراجعت بنحو 30%.
وتواصل أسعار النفط سقوطها الحرّ لتبلغ أدنى مستوى لها في ثلاثة عقود بعد انهيار اتفاق خفض الإنتاج بين منظمة الدول المصدِّرة للنفط "أوبك" وشركائها بقيادة روسيا، فيما هوت أسعار خامَي برنت ونايمكس متأثرة بحرب الأسعار بين السعودية التي تُعتبر أكبر مصدِّر للنفط في العالم وروسيا، بهدف السيطرة على الحصص السوقية والضغط على منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
انتهاكات السعودية
عادت تصرُّفات وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تثير جدلاً عالَمياً، ففي الوقت الذي تتحدث فيه وسائل إعلام أجنبية عن حملة اعتقالات كبيرة لأفراد العائلة المالكة ومسؤولين سعوديين، تصمت السلطات السعودية ولا تردّ بالنفي ولا بالتأكيد.
وبعد توجُّه أنظار العالم إلى السعودية وتصرفاتها التي لا تحترم حقوق الإنسان، بخاصة اعتقالات العلماء والكتاب والدعاة لأسباب واهية، وتداعيات مقتل الصحفي السعودي في قنصلية بلاده جمال خاشقجي، عاد العالم ليصرف النظر عن هذه الممارسات بعد تفشِّي كورونا الذي أجبر السعودية على منع الحج والعمرة كإجراء احترازي لمنع زيادة عدد المصابين.
محاكمة ترمب والانتخابات الأمريكية
وفي الوقت الذي انشغل فيه العالم بمحاكمة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتهمة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، والضغط على الرئيس الأوكراني من أجل تشويه سمعة منافس له في الانتخابات الرئاسية، وبعدما برَّأه مجلس الشيوخ الأمريكي في محاكمته لينهي محاولة عزله من منصبه، سيكون ترمب في نوفمبر/تشرين الثاني، أول رئيس أمريكي يدخل انتخابات رئاسية بعد محاكمته في مجلس الشيوخ بهدف عزله.
ومع تفشي فيروس كورونا لم يعُد عزل ترمب من عدمه بالشيء الأساسي الذي يسيطر على عناوين وسائل الإعلام، بخاصة بعد الانشغال باحتمال إصابته بالوباء، إذ انتظر الجميع نتائج فحوصاته التي أظهرت سلبية إصابته بفيروس كورونا المستجد بعد حضوره مأدبة عشاء في فلوريدا مع أحد المقرَّبين من الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، وثبت لاحقاً إصابة ذلك المسؤول البرازيلي بالفيروس.
وشغلت الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة من أجل الحَدّ من الوباء الناس هناك عن الانتخابات الأمريكية التي اقتربت، بخاصة إعلانها حالة الطوارئ وتلك التي أعلن عنها مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي والتي تتعلق بتوسيع حظر السفر من أوروبا إلى الولايات المتحدة ليشمل بريطانيا وإيرلندا.
آخر الإحصائيات
وصباح الأحد سجلت 157 وفاة جديدة في إيطاليا ليرتفع إجمالي عدد المتوفين إلى 1441، فيما وصل إجمالي عدد المصابين إلى 21.157. أما في إسبانيا فارتفع عدد الوفيات إلى 190، و959 إصابة في هولندا، وحالتا وفاة و907 في النرويج، والدانمارك 827 إصابة، وبلجيكا 4 حالات وفاة و886 إصابة، وبريطانيا 21 وفاة و1140 إصابة، وفرنسا 91 حالة وفاة.
وفي الشرق الأوسط وصل عدد الوفيات في الصين إلى 3199 و80844 إصابة، واليابان 29 وفاة و 1484 إصابة، وإسرائيل 193 إصابة، والضفة الغربية 39 إصابة، والأردن 6 إصابات، والمغرب 17 إصابات، والجزائر 4 وفيات و48 إصابة، والعراق 10وفيات و110 إصابات، ولبنان 3 وفيات و78 إصابة، ومصر 109 إصابات، والكويت 104 إصابات، وقطر 17 إصابة جديدة بعد شفاء 4، وإيران ٧٢٤ وفاة و13938 إصابة، وإندونيسيا 69إصابة، وأستراليا 50 إصابة.
وامتدّ الفيروس إلى إفريقيا، حيث سجلت خلال الساعات الـ24 الأخيرة رواندا وناميبيا والسودان وموريتانيا وكينيا وإثيوبيا وغينيا ومملكة سواتيني (سوازيلاند سابقا) أول حالات إصابة بفيروس كورونا الجديد، ليصل عدد الدول الإفريقية التي ظهر فيها المرض إلى 22.
