أعلن أمير قطر عن قانون نظام انتخاب مجلس الشورى، تمهيداً لإجراء أول انتخابات تشريعية قطرية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل (Reuters)
تابعنا

"قطر تقوم بخطوة مهمة في تعزيز تقاليد الشورى، وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين"، هكذا صرّح أمير قطر، الشيخ تميم آل ثاني، قبل أن يعلن بعدها بأشهر عن قانون نظام انتخاب مجلس الشورى، تمهيداً لإجراء أول انتخابات تشريعية قطرية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

القانون الذي أعلن عن إصداره نهاية يوليو/تموز الماضي يسعى لتوضيح نظام انتخاب مجلس الشورى، متضمناً شروط الترشح، وضوابط الدعاية الانتخابية، والإشراف القضائي على الانتخابات، وعقوبات الجرائم الانتخابية.

ففي الوقت الذي كان يعين فيه الأمير أعضاء مجلس الشورى، وعددهم 45، صار بإمكان القطريين اليوم انتخاب 30 منهم (الثلثان)، على أن يحافظ الأمير على صلاحية تعيين الثلث المتبقي (15 عضواً)، وهو ما عدّه العديد من القطريين خطوة مهمة، متفائلين بتجربة ديمقراطية باتت على الأبواب.

غير أن شرائح أخرى من المجتمع رأت في القانون إقصاء لها، من باب أن القانون يحصر حق الانتخاب في المواطن القطري على أن يكون "جده قطرياً ومن مواليد دولة قطر". هذا التفصيل في القانون أثار جدلاً داخل البلاد، وبدا وكأن جهات خارجية تحاول استغلاله لإشعال الخلاف في وسائل التواصل الاجتماعي على الأقل.

تفاؤل بـ"الاستحقاق التاريخي"

يعدّ مجلس الشورى الهيئة التشريعية في قطر، ويختصّ بمناقشة ما يحال إليه من مجلس الوزراء، مثل مشروعات القوانين والسياسة العامة للدولة وموازنة المشروعات الرئيسية، ليقدم توصيات بشأنها.

وفي الوقت الذي تدخل فيه الرقابة على السلطة التنفيذية ضمن اختصاصات هذا المجلس، إلا أن هذه الرقابة لا تمتد إلى الجهات التي تحدد السياسات الدفاعية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية.

وينص قانون مجلس الشورى على أنه من الممكن مساءلة الوزراء، إذا ما وافق ثلث الأعضاء على ذلك، أما رئيس مجلس الوزراء فيمكن أن توجه إليه أسئلة استيضاح فقط، فيما يتعين أن تحظى اقتراحات حجب الثقة بتأييد ثلثي أعضاء المجلس.

ومنذ الإعلان عن صدور هذا القانون تفاعل عدد من المواطنين القطريين إيجاباً، متفائلين بأن يعطي إشارة الانطلاق لتجربة ديمقراطية في هذا البلد الخليجي. إذ أشارت صحيفة الشرق المحلية إلى أن "أهل قطر يعقدون آمالاً كبيرة على قيام مجلس الشورى المنتخب بدوره التشريعي والرقابي والحرص على تحقيق التوازن".

بدوره، اعتبر الأكاديمي جاسم سلطان أن "انتخابات الشورى مرحلة هامة في تاريخ قطر"، مضيفاً أن المشاركة فيها تعد "واجباً وطنياً وأخلاقياً وأن صوت الناخب أمانة".

وأقبل القطريون على التسجيل في اللوائح الانتخابية خلال الأيام الماضية، وهو أمر "يعكس روح المسؤولية، بصورة تليق بالاستحقاق التاريخي الذي يؤسس لمرحلة جديدة"، حسب ما أوردته صحيفة الراية المحلية.

عقبات وجدل حول قانون الانتخابات

ينص القانون الانتخابي الجديد على أن يتمتع "بحق انتخاب أعضاء مجلس الشورى كل من كانت جنسيته الأصلية قطرية، وأتم 18 سنة ميلادية، ويستثني من شرط الجنسية الأصلية كل من اكتسب الجنسية القطرية شرط أن يكون جده قطرياً ومن مواليد دولة قطر".

أما المرشحون فيتعين أن يكون كل واحد منهم "جنسيته الأصلية قطرية ولا يقل عمره عند قفل باب الترشح عن 30 سنة ميلادية".

هاتان الجزئيتان في القانون أثارتا تفاعلاً بين القطريين وجدلاً واسعاً في البلاد، وبرز في ذلك أساساً بعض المنتمين إلى قبيلة المري (آل مرة)، التي تتوزع على عدد من دول الخليج، ويتركز أبناؤها أساساً بين قطر والسعودية.

ووجه أبناء هذه القبيلة بالخصوص انتقادات لقانون الانتخاب، وتصدر المنتقدين محام من أبناء القبيلة يدعى هزاع بن علي شريدة العذبة المري، الذي وجه رسالة إلى أمير البلاد طالبه فيها بتعديل شروط المشاركة في الانتخابات.

كما تحدّثت وسائل إعلام عن تنظيم وقفة احتجاجية وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي الوقفة التي حضرها العشرات في قرية أم الزبار غربي الدوحة رفضاً للقانون، وهو ما اعترض عليه قطريون بينهم منتمون إلى قبيلة آل مرة.

تعليقاً على ذلك، قال الإعلامي القطري عبد الله بن حمد العذبة: إن "من حق أي مواطن مخاطبة أمير البلاد وإبداء رأيه في قانون وانتقاد أي مادة فيه يرى أنها تحتاج إلى إصلاح، وهذا ما كفله الدستور، سواء قانون الجنسية الصادر في 2005 أو قانون مجلس الشورى المنتخب، ولا نسمح لأي كان بالتطاول على الأمير، من أي شخص ومن أي عائلة أو قبيلة".

بدوره قال الإعلامي جابر بن ناصر المري: إن "لكل مواطن حق الاعتراض على مادة في القانون، فهي ليست منزلة من السماء، ولكن بأسلوب متحضر يتفق ونهجنا الحضاري كشعب مثقف وواع، فليس من الحصافة أن تعترض على قانون بمخالفة القانون".

وراجت خلال الأيام الماضية وسوم مؤيدة على مواقع التواصل وأخرى معارضة للقانون الانتخابي تترجم حالة الجدل في البلاد، وكان من بين هذه الوسوم #انتخابات_مجلس_الشورى، و#شعب_واحد، و#قطر_تنتفض و#المره_هل_قطر_قبل_الحكومه.

في هذا الصدد، قال الأكاديمي القطري، نايف بن نهار، إن هذا "التوتر الحاصل الآن في المجتمع القطري مؤسف، كيف كان المجتمع يداً واحدة في الأزمة الخليجية وكيف وصل به الحال اليوم إلى نزاع وصراع. قانون مجلس الشورى أوجد كرة لهب قد تكبر وتتدحرج بشكل لا يستطيع أحد ضبطه، والآمال تتجه لسمو الأمير أن يتدخل وينهي هذا الوضع ويعيد الأمور إلى نصابها".

اعتقالات واتهامات بتدخلات خارجية

وتسبب الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الدوائر القطرية في حالة من الغليان، أحالت معها النيابة العامة في البلاد 7 أشخاص للتحقيق في اتهامات موجهة إليهم بـ"نشر أخبار غير صحيحة، وإثارة نعرات عنصرية وقبلية"، حسب بيان لوزارة الداخلية القطرية.

وأضافت الوزارة، عبر تويتر، أنه "وبعد وقوف الجهات المعنية بوزارة الداخلية على المحتوى المنشور في حساباتهم (الموقوفين دون ذكرهم) وارتباطه بموضوع الاتهام، تمت إحالتهم للنيابة العامة لاستكمال إجراءاتها المتبعة في هذا الخصوص".

ترافق مع ذلك ظهور وسم #قطر_تنتفض تبيّن أن التفاعل عليه غير طبيعي، خصوصاً بعد أن صعد في سلّم التداول في منطقة الخليج برمتها، وتغريد وجوه إماراتية بارزة باستخدامه، بينهم الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله وحمد المزروعي المقرب من دوائر الحكم في أبو ظبي.

بدوره، أجرى الباحث البريطاني في مجال تحليل البيانات الرقمية، مارك أوين جونز، جرداً وتحليلاً لعدد من الحسابات المتفاعلة على وسمي #انتخابات_مجلس_الشورى و#قطر_تنتفض، وتبين له أن عدداِ كبيراً منها وهمي أو مقرصن وأغلبها يغرد من خارج قطر.

وحلل الأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة، قرابة 18 ألف تفاعل على الوسمين، وكشف دور الروبوتات والحسابات حديثة النشأة والمشبوهة في تكثيف النشاط على الوسمين خصوصاً على تويتر، وأن أغلبها يدار من الإمارات.

في السياق نفسه، قالت صحيفة الشرق المحلية إنها حصلت على معلومات تظهر أن هناك ما يشبه "حملات منسقة تستهدف الرأي العام المحلي بتحريض من جهات خارجية"، مضيفة أنها من تنفيذ "محرضين إقليميين".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً